رأي: عبد الرزاق الشابي ضحية الكاميرا الخفية و تصوراتها و تعقيداتها

عرضت الفضائية التونسية حنبعل حلقة من الكاميرا الخفية كان بطلها عبد الرزاق الشابي مقدم برنامج المسامح كريم، وقد رأى البعض أن هذه الحلقة مفبركة كعادة كثير من حلقات الكاميرا الخفية التونسية، ولا شك أن من يرى هذا الرأي ارتكز على بعض المؤشرات والدلائل التي تشير إلى إمكانية الفبركة والضحك على ذقون المشاهدين. 
أنا في البداية أنزه صراحة عبد الرزاق الشابي عن الكذب والمشاركة في الفبركة والمشاركة في مسرحية رديئة إعدادا وإخراجا، لأن هذا الرجل على ما يبدو جدي ويحترم نفسه وعمله، ولا أخاله يورط نفسه بهكذا لعبة سخيفة ويغامر بمكانته لدى المتلقي ويسيئ إلى تاريخه كصحافي ومقدم برامج. فماذا ستضيف إليه المشاركة في حلقة من الكاميرا الخفية؟ هل ستزيده شهرة مثلا؟ لا أعتقد ذلك.
ولكن ما لم أفهمه ـ ولا شك أن هناك من يشاطرني الرأي ـ هو كيف أن عبد الرزاق الشابي يقدم وضعيات وحالات اجتماعية في برنامجه ولا يطلع عليها مسبقا ولا يعرف عنها شيئا. أعتقد أن ذلك ليس من المعقول، لأن مقدما لبرنامج مثل المسامح الكريم يجب أن يدرس مسبقا كل الحالات التي سيعرضها في برنامجه دراسة وافية ومستفيضة حتى لا يفاجأ أثناء تقديم البرنامج بمعطيات هو يجهلها تماما وحتى يكون على بينة من أمره. بينما عبد الرزاق الشابي فوجئ بالحالتين اللتين قدمهما في الحلقة بل فوجئ أكثر بحالة الزوجين وقد اعتقد أن الحلقة انتهت وسيعود إلى بيته.

أنا في البداية أنزه صراحة عبد الرزاق الشابي عن الكذب والمشاركة في الفبركة والمشاركة في مسرحية رديئة إعدادا وإخراجا، لأن هذا الرجل على ما يبدو جدي ويحترم نفسه وعمله، ولا أخاله يورط نفسه بهكذا لعبة سخيفة ويغامر بمكانته لدى المتلقي ويسيئ إلى تاريخه كصحافي ومقدم برامج. فماذا ستضيف إليه المشاركة في حلقة من الكاميرا الخفية؟ هل ستزيده شهرة مثلا؟ لا أعتقد ذلك.
ولكن ما لم أفهمه ـ ولا شك أن هناك من يشاطرني الرأي ـ هو كيف أن عبد الرزاق الشابي يقدم وضعيات وحالات اجتماعية في برنامجه ولا يطلع عليها مسبقا ولا يعرف عنها شيئا. أعتقد أن ذلك ليس من المعقول، لأن مقدما لبرنامج مثل المسامح الكريم يجب أن يدرس مسبقا كل الحالات التي سيعرضها في برنامجه دراسة وافية ومستفيضة حتى لا يفاجأ أثناء تقديم البرنامج بمعطيات هو يجهلها تماما وحتى يكون على بينة من أمره. بينما عبد الرزاق الشابي فوجئ بالحالتين اللتين قدمهما في الحلقة بل فوجئ أكثر بحالة الزوجين وقد اعتقد أن الحلقة انتهت وسيعود إلى بيته.
لو أن عبد الرزاق الشابي استعد لتقديم هذه الحلقة من برنامج المسامح كريم معتمدا على معطيات معينة متوفرة لديه تخص الحالات التي سيعرضها على المشاهدين ثم في آخر اللحظة وأثناء التقديم تتغير تلك المعطيات فإن في هذه الحالة يمكن أن يكون الأمر مقبولا، أما وأنه يجهل كل شيء فهذا يطرح أسئلة كثيرة. ثم كيف لم يتساءل عبد الرزاق الشابي بينه وبين نفسه عن هذه الصدفة الغريبة التي جعلت حلقة برنامجه تعرض حالتين عجيبتين غريبتين مجنونتين (وصف عبد الرزاق الشابي الحلقة بأنه مجنونة) لم يتعود عليهما البرنامج؟ لماذا لم يشك عبد الرزاق الشابي في الأمر مجرد الشك؟
وبعد دخول لطفي بندقة بلاتو برنامج المسامح كريم وقد وقع اكتشاف اللعبة أخذ عبد الرزاق الشابي مباشرة يقسم بكل الأشكال أنه فوجئ بالأمر ولم يكن على أدنى علم به. فلماذا شرع يقسم بأغلظ الأيمان أن العملية كل العملية تلقائية؟ هل ثمة من كذبه في تلك اللحظة؟ لقد خيل إلينا و عبد الرزاق الشابي يقسم وكأنه متهم ويدافع عن نفسه بكل الأشكال وكأن لا أحد سيصدقه. من طلب منه أن يقسم؟...
أعتقد أن الإشكال ليس في عبد الرزاق الشابي هل هو على علم مسبق بالكاميرا الخفية أم أنه ليس على علم وإنما الإشكال في الكاميرا الخفية نفسها التي توحي بطريقة إنجازها وتصوراتها أنها مفبركة وأن حيلها لا يمكن أن تنطلي على طفل صغير.
فما يميز الكاميرا الخفية عندنا في تونس خاصة وفي الوطن العربي عامة ـ وهذا ما يجعلها تبدو مفبركة ـ أنها معقدة جدا ينشئ لها أصحابها سينياروهات ثقيلة طويلة مرهقة مملة والأهم من كل ذلك أنها لا تضحك إلا نادرا لأنها ببساطة لا تقوم على العفوية والتلقائية وإنما تسعى إلى استفزاز الواقع في فخ الكاميرا الخفية استفزازا كبيرا ودفعه إلى أن يفقد أعصابه وإلى أن يرد الفعل بعنف شديد، ولعل نقطة الضعف الكبيرة التي نلحظها في الكاميرا الخفية عندنا أنها تميل إلى الاعتماد على الحوارات المطولة مع الواقعين في فخها، وبذلك فإن المتلقي وهو يتابع الكاميرا الخفية على شاشة التلفزيون لا يعتمد على حاسة البصر وإنما يلتجئ إلى حاسة السمع ليفهم ما يقوله المشاركون في العملية وليضحك إن كان هناك باعث على الضحك، ولذا فبالإمكان أن تكون هذه الكاميرا الخفية التلفزيونية إذاعية لا يتغير شيء فيها أبدا لأنها لا تعتمد أبدا على الصورة ...
فالكاميرا الخفية هي أولا وقبل كل شيء عمل تلفزيوني، والتلفزيون بطبيعة الحال صورة قبل أن يكون صوتا، وبالتالي إذا لم تكن الصورة حاضرة وبقوة في الكاميرا الخفية فإن الفشل سيكون مصيرها، إذا لم يخاطب البرنامج مشاهديه بالصورة و بلقطات سريعة فلن يقدر أبدا على أن يشدهم إليه وعلى أن يضحكهم. فالكاميرا الخفية في تعريفها البسيط على ما أعتقد هي الاعتماد على كاميرا واحدة غير مكشوفة للعيان أو أكثر من واحدة إن أمكن لرصد ردة فعل شخص وجد نفسه في وضعية غريبة عليه أو في وضعية مفاجئة في لحظة من اللحظات ولم يكن ينتظرها أبدا، كما أن الكاميرا الخفية دعابة خفيفة ولم تكن أبدا سخرية من الآخرين واستغفالا استبلاها لهم وتوتيرا لأعصابهم وثرثرة معهم، وبالتالي ليس بالضرورة أن نستمع إلى ذلك الشخص وهو يتحدث وإنما فقط نرصد حركاته وانفعالاته على وجهه ومن خلال حركاته بكل عفوية وتلقائية، ونحن في حياتنا اليومية نمارس هذا الفعل ونسعى دائما إلى الإيقاع بأصدقائنا وزملائنا وأقربائنا ونرصد ردود فعلهم، فقط تغيب الكاميرا عن عملية الرصد...
ولذا ندعو معدّي الكاميرا الخفية في تونس إلى أن يبتعدوا عن السينياروهات الثقيلة المملة وعن إثقال آذان المشاهدين بحوارات طويلة مملة ومرهقة ومتعبة وأن يكثروا من الاعتماد على الصورة خاصة في ظل تطور التقنيات المتصلة بالعمل التلفزيوني وتنوعها مما يساعد كثيرا على إنشاء حلقات من الكاميرا الخفية بحرفية عالية وبإبداع واضح، أ فلا يشاهد معدّو هذه النوعية من البرامج عندنا الكاميرا الخفية الأجنبية؟؟!! ألم يلاحظوا أنها لا تلتجئ إلى الحوار وإنما الوسيلة الوحيدة للتعبير هي الصورة؟؟!! أ لم يكتشفوا أن الكاميرا الخفية الأجنبية يتابعها المشاهدون في كل أنحاء العالم يفهمون محتواها وتضحكهم حتى تسيل دموعهم على الرغم من اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وعاداتهم؟؟!! ألم يعلموا أن مشاهد الكاميرا الخفية الأجنبية ليس بالضرورة أن يكون ضليعا في اللغة الفرنسية أو الإنقليزية أو الإسبانية ليفهم محتواها؟؟!! ألم يشاهدوا حلقات مستر بين الذي يضحكنا ويسعدنا ويمتعنا على الرغم من أنه لا ينطق بكلمة واحدة؟؟!! كل ذلك لأن الصورة هي لغة عالمية يفهمها كل الناس وتبلغهم المعاني الكثيرة!! ألم يفترضوا مثلا أنهم لو أرادوا أن يصدروا أعمالهم إلى أوروبا أو أمريكا أو آسيا فإن لا أحد يقبل أن يقتني منهم تلك البضاعة لأنها غير مفهومة بالنسبة إليهم؟؟!! ولذا فإن اختار معدو الكاميرا الخفية الاعتماد على الصورة فإنّ المشاهد في الصين أو في غواتيمالا أو في نيكاراغوا أو في إفريقيا الوسطى أو في نيوزيلندا أو في هايتي سيتابع عملهم وسيفهمه و سيضحكه إن كان متقن الإنجاز ويدعو إلى الضحك فعلا، وطبعا ليس ذلك المشاهد في حاجة إلى أن يكون متمكنا من اللغة العربية أو من اللهجة التونسية حتى يتفاعل مع كاميرا خفية قادمة إليه من تونس...!!
وهكذا يمكن أن نؤكد أن عبد الرزاق الشابي ـ على الرغم من بعض التحفظات والتساؤلات المطروحة ـ كان بريئا من تهمة المشاركة في الفبركة ـ إن كانت موجودة فعلا ـ وكان ضحية لتصورات الكاميرا الخفية بما تميزت به من تعقيدات وطول الحلقة التي خصصت له والأحداث التي وقعت فيها مما جعل المشاهدين أو بعضا منهم يخيل إليهم أن العملية كلها خالية من العفوية والتلقائية ومليئة بالفبركة .
مشاهد
|
Comments
3 de 3 commentaires pour l'article 29416