تونس البلد الرديء رئيسا وحكومة ومعارضة واتحادا وشعبا ووو .....

حمدي مسيهلي
حقيقة لا تستطيع أن تحصر الكمية المهولة من الرداءة التي تسبح فيها البلاد، سواء مادية أو معنوية أو أخلاقية وحتى بيئية، تحاول الافلات من الاحباط واليأس والأزمات النفسية والتنفسية لكنك لا تستطيع الهروب من الواقع، وتصطدم ببلد يصر أن يبهر العالم في الرداءة والابتذال والبذاءة والكسل والعنف والانحدار على كل المستويات.
لا تجد حلا سوى التسليم بأمر الله ومحاولة التعايش مع التعفن السياسي والنقابي والاخلاقي والبيئي وتحاول اقناع نفسك أن هناك ضوء يطل في آخر النفق الأسود، تحاول أن تتجنب النشرة اليومية لاصابات ووفيات كورونا و أخبار رئيسنا النائم ونشاط الحكومة الضعيفة التي لا تتقن إلا "سوف" و"سنفكر في" و"سنعمل على" وأخبار النقابات المتكالبة على الاضرابات وعلى أولوية التلقيح والتهديد اليومي بالتصعيد.
تحاول تجنب قراءة تصريحات وجوه البؤس السياسي والنقابي ممن يبشرون بخروج هذا الشعب "الواعي" إلى الشوارع واسقاط النظام، وستاتوهات الحداثيين "بودورو" ممن ينتظرون حمام الدم المنشود والبيان رقم واحد، تبحث عن خبر مفرح مبهج وحيد فلا تجد إلا التهديد والوعيد والتبشير بالافلاس والفوضى والسيناريو اللبناني والسوري والليبي وصور فيصل التبيني عاري الصدر.
تحاول كذلك تجنب العنف المادي واللفظي لأبسط الأسباب, تحاول أيضا التعايش مع جحافل الناموس، وقطعان الكلاب السائبة، والتقارير حول عودة داء الكلب، واكياس البلاستيك التي تطير في السماء،و الفضلات التي يلقيها هذا الشعب "الواعي" في شوارع وشواطئ وغابات دولة كانت تسمى الخضراء، دولة تحول أيضا كثير من ملاعبها ومسابحها إلى مصبات فضلات ، فنحن في هذا البلد لا نقوم لا بصنع شيء ولا حتى بصيانة ما بنيناه أو صنعناه من قبل، ف"الشهرية ماشية" و"الاضراب قائم حتى تلبية كل المطالب، والعاطل تحول إلى معطل في انتظار توظيفه وترسيمه في شركات البستنة التي لم"تبستن" شبرا واحدة في تراب هذا الوطن العزيز.
تحاول فهم كيف اقنع الشعب نفسه بأنه "قافز" وذكي، الشعب الذي مازال يضرب المثل في الفقر والمجاعات برواندا واثيوبيا والصومال ، شعب لا يريد الاقتراض من الخارج، في المقابل هو مستعد لحرق البلد لو نقص دينار من رواتبه وامتيازاته ووصل من وصولات اكله وبنزين سيارته، دائما هو الضحية ودائما هناك من يتآمر عليه وعلى خبزته وخبزة أطفاله، يستميت في تحدي كل القوانين والضرب بها عرض الحائط، ثم يسب الحكومة لأنها لا تستطيع تطبيق القوانين، يعيش حياته بصفة عادية ويسخر من الكورونا ثم يسب نفس الحكومة لأنها لم تسيطر على الوباء.
حتى الومضة التي أرادت وزارة الصحة من خلالها تحسيسنا بخطر الكورونا كانت سخيفة جدا و رديئة جدا، رداءة اعلام يستميت في نشر الاحباط واليأس والجهل، يلبس التافهين جبة "الكرونيكور" فيتحول هؤلاء البؤساء فكريا إلى صناع رأي، يدعو إلى البلاتوهات كل من يطلق على نفسه صفة "خبير", لا يناقشه أحد في ترهاته التي يصرح بها، المهم أن يجدوا من يتكلم ليقول أي شيء، ليتحول جميع المواطنين الأعزاء إلى خبراء في السياسة والاقتصاد وحتى في جدوى الثوم في محاربة الكورونا.
تحاول وتحاول تجنب هذا الكم من الرداءة، ثم تسلم امرك لله وترضى بقدرك وتضع قصيدة "كيف نشفى من حب تونس" وتدخل في نوم عميق..هذا ان استطعت النوم أصلاً.
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 227205