إلى اللذين مازالوا على إيمانهم بالقضاء...

كتبه / توفيق زعفوري...
تسألني عن ثقتي في القضاء، أقول لك و بدون مواربة إنني لا أثق فيه، و مبرراتي في ذلك عديدة..
تسألني عن ثقتي في القضاء، أقول لك و بدون مواربة إنني لا أثق فيه، و مبرراتي في ذلك عديدة..
تسألني عن مصداقية القضاة و عن شرف القضاء أقول لك مازال الخير في الدنيا، و لكنه قليل..
تسألني عن حال القضاء و القضاة، أقول أنه " لا تستوحش طريق العدل و الإنصاف لقلة سالكيه" مع تحوير في العبارة..
هذه مقدمة موغلة في اليأس و بعيدة عن الصلاح، صلاح حال البلاد و العباد، فقط لأن القضاء ليس في صحة جيدة تماما كالصحة، و التعليم و غيره، و هنا أستحضر قول تشرشل إبان الحرب العالمية الثانية عندما كانت ألمانيا تقصف برلين، و قد سأل صاحبه عن حال القضاء فقال له إنه بخير فأردف تشرشل مادام القضاء بخير فانجلترا بخير.. و نحن مادمنا نعيش تعاسة القضاء فعلى العدل و الإنصاف السلام...
الحادثة، ليست بعيدة جدّت بالأمس إبان إضراب القضاة لمدة خمسة أيام، و قع خلالها إعتقال أحد جماعة تنسيقية الكامور على خلفية قضية حق عام تفاصيلها الهجوم على دورية للحرس الوطني و إفتكاك محجوز( سجائر مهربة) و سيارتي تهريب و تهريب موقوفين على ذمة الدورية رفقة مدنيين آخرين و الكلام للمناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتطاوين!!! هذا كله جرى على الطريقة الكولومبية و على طريقة آل كابوني و آل باتشينو، و مع ذلك أطلق القاضي سراحه، و عليه فإنني سأتحدث عن تداعيات هذا الإجراء من الناحية السياسية و المؤسساتية و ليس من الناحية القانونية...
أولا ليست هذه الحادثة الأولى التي يتم فيها إجراء مماثل، فقد صار أيضا على وحدات التدخل و ووحدات من الحرس و الجيش و كانت الأوامر تأتي بالإنسحاب، و المبررات : عدم الإشتباك و عدم الزج بالجيش في صراع مع الأهالي، و عدم تجاوز خطوط التماس مع الأهالي في كل عملية إضراب أو إحتقان، و لكن النتائج كانت دائما وخيمة و من يدفع الضريبة هو باقي الشعب، و لدرجة أهم هيبة المؤسسات، إن كان مازالت لها هيبة..
ثانيا إذا حدث و تهاون القضاء في القيام بدوره و خضع للضغوط و التهديدات و الإغراءات، كما حدث نفس التهديد للقضاة في محكمة بن عروس على خلفية التحقيق مع رئيس مركز إحتجز محامية و تكرار حالات التنمر على القضاة و القضاء، فإن الدوس على روح العدالة أصبح للأسف في تونس تقليدا، و ثقافة مفيوزية و أن هيبة القضاة و القضاء أصبحت من الماضي، و هو مازاد في إهتزاز ثقة المواطن في المؤسسة القضائية عموما..
ثالثا: نتذكر و يتذكر البعض حادثة قاضي صفاقس الذي تسلّم مبلغ

المسؤول عن الحالة المزرية لهذا السلك الذي نعتبره من باب رفع المعنويات "سلطة رابعة" ، هو أهل القضاء أولا، و السلطة المشرفة ثانيا و المجتمع أخيرا ، فالإصلاح يكون من الداخل و من العمق و حال القضاء من حال المجتمع متى صلح الأول صلح الثاني و ما تكرار حالات التسيب و الإنفلات و التنمر على السلطة إلا دليل عن هوان السلطة القضائية و سقوط أنيابها حتى تشكل لدى الرأي العام إعتقاد سيء و خطير مفاده "قضاء زعيم على الزوالي" و هو ما يضرب القضاء في مقتل و يعمق اهتزاز ثقة المواطن فيه، أنظروا إلى القضايا الإرهابية و فترات التقاضي، أنظروا إلى إختلال الأحكام باختلاف المتقاضين، أنظروا إلى التأثيرات و الضغوطات الآتية من خارج أسوار العدالة و إختراقها جدران المحاكم، أنظروا إلى بطء تنفيذ الأحكام و عدم فاعلية بعضها و اهتزاز بعضها الآخر.. مادامت الحال تلك، فإنه لابد من ثورة داخل المرفق القضائي من أجل القضاء أولا من أجل التونسيين ثانيا، أما عني فإني يائس من عودة الروح لهذا السلك و للبلاد عموما حاليا...
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 215262