ماذا ينتظر الحكومة في ميدان النقل العمومي

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5dd3c66e9c57f9.80473161_pgljqnhfeimko.jpg width=100 align=left border=0>
د. أحمد بوعزّي


أحمد بوعزي

قدّمت النهضة بتاريخ 28 اكتوبر 2019 للأحزاب التي تتشاور معها وثيقة برنامج لعمل الحكومة؛ والسيد الحبيب الجملي المكلّف بتشكيل الحكومة سوف يعتمدها لأن النهضة هي من قدّمت اسمه لرئيس الجمهورية على أساس أنه خيارها لترأّس الحكومة. وهذه الوثيقة تشمل خمسة محاور:

...

- مكافحة الفساد وتعزيز الامن وتطوير الحوكمة
- مقاومة الفقر ودعم الفئات الهشة ومتوسطة الدخل
- تطوير التعليم والصحة والمرافق العمومية
- النهوض بنسق الاستثمار والنمو والتشغيل
- استكمال المسار التأسيسي وتركيز الحكم المحلي

كل هذه العناوين تتحدّث عن جوانب التنمية البشرية والحوكمة ما عدا المحور الرابع الذي يشمل الجانب الاقتصادي. وإن كانت أغلب محتويات هذا البرنامج تعبّر على النوايا الطيبة أكثر مما تشمل من إجراءات تدفع للنمو المتوازن فإن صفحة ''دفع نسق الاستثمار والنمو والتشغيل – النهوض بالتنمية الجهوية'' قد بالغت في التعميم وفي تعويم المحتوى حيث تقول (أستشهد هنا بطريقة نسخلصق) : ''مدينة ادارية جديدة، مطار جديد، توسيع ، المواني والطرقات والجسور والنقل، مدن جامعية مندمجة وأقطاب عمرانية ومراكز لوجستية جديدة عبر الشراكة مع القطاع الخاص والصكوك الاسلامية''. ولا يمكن فهم هذا إلا بكونه حشو غير واضح كُتب ليُظهر عدم نسيان هذه الجوانب رغم أن أغلبها يستوجب استثمارات بمليارات الدنانير لا نملكها في دولة تقترض كل سنة لخلاص ديونها السابقة.
وهذه هي الفقرة الوحيدة في مشروع النهضة التي تتحدّث عن البنية التحتية، والبلاد تحتاج إلى ذلك فعلا. لأن البنية التحتية ليست فقط الجزء الأساسي في اللوجستيك التي يحتاجها أي اقتصاد لينمو وينجح، بل هي تستهلك اليد العاملة بكثافة عند إنجازها وتخلق مواطن شغل مباشرة وأخرى غير مباشرة، وإذا أنجزنا أحد المشاريع بقرض فإنه يمكن خلاص القرض من مداخيل المشروع بعكس القروض التي نحصل عليها للاستهلاك وخلاص الأجور.

لكن ... صحيح أننا بحاجة إلى مطار جديد، لكننا نحتاج أكثر وقبل ذلك إلى سكة حديدية وقطار سريع لربط العاصمة بأكبر مطار في البلاد، كما نحتاج إلى عربات مسافرين وعربات سلع وإصلاح ما أهملته سياسة التهميش التي اتبعتها البلاد منذ ستين عام.

المناطق الداخلية معزولة اليوم وتحتاج إلى ربطها بالمناطق الساحلية بواسطة طرق سيارة وسكك حديدية. أمّا المطارات فهي تهمّ النخبة الراقية في البلاد بينما السكّة والقطار تهمّ الطبقات الشعبية والطلبة والباحثين عن شغل.

كان على وثيقة النهضة أن تفصّل جانب البنية التحتية. فالتمييز الإيجابي الذي يفرضه دستور البلاد يشترط أن يبدأ إنجاز الطريق السيارة التي تربط تونس بجلمة وتهمّ خمس ولايات قبل بداية إنجاز الجسر الثاني لبنزرت لأن هذه الطريق مقرّرة منذ 2007 لكن التمييز السلبي وعدم اكتراث النخبة السياسية بالمناطق المهمّشة أخّرها إلى اليوم ووزارة التجهيز غير حريصة عليها رغم أن تونس حصلت على كل القروض لإنجازها وربّما بدأنا في سداد فوائضها.

كان على وثيقة النهضة أن تقترح إعادة فتح الخط الحديد الذي يربط طبرقة بتونس والذي كان يعمل زمن الاستعمار.

كان على وثيقة النهضة أن تقترح إعادة فتح الخط الحديدي الذي كان يربط سوسة بالقصرين والذي يشق ولايتي القيروان وسيدي بوزيد.

كان على وثيقة النهضة أن تبرمج بناء السكة التي تربط قابس بمدنين ثم تطاوين وراس جدير.
كان على وثيقة النهضة أن تعلن عن توسيع السكة المترية ليصبح عرضها معياريا مثل سكة الشمال (135 سم). لأننا الآن نشتري قاطرات وعربات تُصنع فقط لفائدتنا على المقاس وغير معيارية لتسير على السكة المترية للوصول إلى الكاف والقلعة الخصبة وقابس والحوض المنجمي وتوزر، مع ما يصاحب ذلك من أخطاء وخسائر، ويتكلّف علينا أغلى من شرائها من السوق العالمية مثلما هو الحال بالنسبة لقطارات تونس جندوبة. ثمّ أنه لا يمكن استعمال قطارات الشمال على الخطوط الجنوبية أو العكس وكأننا في بلدين مختلفين.

كان على وثيقة النهضة أن تقسّم شركة السكك الحديدية إلى شركتين، واحدة تملك السكة الأرضية والمحطات ومراقبة توجيه القطارات وأخرى تملك القطارات والعربات لنقل السلع والعباد، ممّا يساعد على حوكمتها بصورة رشيدة، مثلما نقسّم حاليا بين ديوان المطارات وشركة الخطوط التونسية أو بين الطرق السيارة وشركة النقل بين المدن.
كل هذه الإجراءات التي تخصّ السكّة الحديدية تنفع عددا أكبر من المواطنين وتمسّ جهات أوصانا الدستور بتمييزها حتى تلتحق ببقية الجهات وتتكلّف أقل بكثير من تكلفة مطار جديد ربما نحتاجه سنة 2035.
اللّهم إنّي بلّغت


عضو المكتب السياسي
التيار الديمقراطي



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 192940


babnet
All Radio in One    
*.*.*