قيس سعيد كما ولدته أمه..

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5d84b74d9ed714.59738010_efqkompigjnlh.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

ولد قيس سعيد في تونس وترعرع فيها ودرس فيها ومارس نشاطه السياسي بعد الثورة فيها، رجل يميل الى الصمت ولديه رغبة في إحداث نقلة نوعية في النمط السياسي السائد، لم يستعمل المال السياسي مثل منافسه ولم يخادع الناس بالمؤنة ولا بمنابر اعلامية محتكرة، نجح في التحشيد دون استعمال وسائل مخلة بالأخلاق ولا جارحة للوطنية.





من ساندوا قيس لم يأتوا من المريخ ولا هم خرجوا كالأجداث من تحت الأرض، هي قواعد وأنصار تجمعوا بعيدا عن الاعلام الذي تحتكره طائفة معينة تستدعي اوليائها للتبييض وتستهدف اولياء الثورة بالتسويد، هذه القواعد لم تتأثر ببرناج قيس سعيد المفصل بعد أن فحصته وتفاعلت معه وغربلته وأسهمت في ترقيته ثم تبنته وعلى شرطه انتخبت صاحبه! لا ابدا، انما جاء الالتفاف حول قيس سعيد كجولة أخرى من البحث المضني الذي انطلق سنة 2011، ويتواصل الى اليوم. ذلك هو المجتمع الذي قدم السلطة للنهضة والترويكا من أجل نقل تونس من نار بن علي الى جنة الثورة، لم يحدث ذلك فكانت الخيبة وكان العقاب في أقصى واقسى درجاته "التجمع من جديد وعلي وعلى اعدائي"، فشل التجمع في تقديم الحلول وتفككت تمثيليته الكبرى.. إذا إلى البحث من جديد..

واصل الشارع بحثه لكنه بدا يعقلن خياراته، قدم بعضه اشارة بليغة حين ذهب راسا الى تقديم رسالة مباشرة، قام بتصويرها ونقل حيثياتها عبر قناة نسمة، قدم له نبيل القروي المؤنة قدمت له شريحة واسعة الأصوات "خذ، هات" ولان اخلاق نبيل وتاريخه ومواقفه لا يمكن أن ترتقي به الى ابسط وظائف الدولة فقد واصلت طبقة الوعي في حدوده الدنيا الى القصوى، واصلت البحث عن البديل السياسي ولم تجنح كالأخرى إلى الكاميكاز الغذائي.. وحين داهمتها الانتخابات، كان رأيها قد استقر على تجريب ورقة قيس سعيد.

وصل قيس سعيد الى الدور الثاني بنشطاء من تونس ورموز من تونس خول لهم الدستور ممارسة النشاط السياسي الحر، ولا عيب في المجموعات التي أشرفت على تأهيله بل يبدو انهم خرجوا عن المألوف الدعائي وصنعوا اختراقا على جبهة التحشيد، ثم انه كل الترحيب بأفكار رضا لينين إذا كانت متناغمة مع وطنية ويسارية العياشي الهمام.. وإن كان بخلاف ذلك فعليه عرض بضاعته وللشعب حرية القبول من عدمه.

لا تعوز قيس الأخلاق ولا تعوزه الوطنية ولا الصدق، وفرحنا بانتصاره على السيستام لأننا ندرك أنه سيقف على ثغرة قرطاج ولن تؤتى الثورة من جانبه، لكننا ندرك أن الصلاحيات المحدودة للرئيس ستنفع قيس اكثر مما تضره، لأن السياسة لا تكتفي بمؤنة الاخلاق بل تحتاج الى الواقعية التي يفتقدها قيس، فالرجل يطرح توجهات لا يمكن بحال القفز بها للسلطة والشروع في تنزيلها، تلك طروحات تحتاج الى تداولها من بعيد وعبر ورشات وعلى عمق عقود، هناك تطرح وتنزل وتمخض وتخصب وتنقى وتجرح وتعدل، ثم تأخذ وقتها في التطور نحو البزوغ أو نحو الافول، تلك طبيعة البدائل الكبرى،وانه لمن التهور ان نستعمل المنصات السياسية الخفيفة العابرة للمباغتة بالفكري الثقيل المثير، اضف الى ذلك ان قيس يسفه كل المنجز ويحتقر التجربة ويقدم طرحه الشخصي كبديل لكل ذلك الزخم الذي شهدته تونس منذ الخمسينات الى اليوم، بل كبديل لما شهدته العلوم السياسية والنمط السائد في العالم، ثم هو يطرح ذلك فوق ارضية هشة، تريد التخلص من كابوس الاستقرار السياسي لتشرع في فتح حقول ألغام الاجتماعي.

لا نتعامل بجدية مع طرح قيس سعيد المجنح الفردي الذي يزدري المحصول السياسي الإنساني وليس محصول التجربة التونسية فحسب، لكننا نركن الى انضباطه الدستوري القانوني، وعلى يقين بأنه حين تصده طبيعة نظام الحكم على الشروع في عملية نسف واسعة وعميقة يريدها، لن يلتجئ الى التلاعب والالتفاف والتطويع والاختراق، نحسب ان أخلاق الرجل تحول بينه وذلك، لكنه قد يقتنع بضرورة التراجع التكتيكي وتبني بفكرة الأحزاب ولو مرحليا، ومن ثم الاضطرار إلى تأسيس حزب قد يشكل كاسحته الدستورية نحو أفكاره النرجسية اللذيذة والمجنحة والموصولة بعالم الغيب السياسي المقطوعة عن عالم الشهادة السياسي.

تحتاج الثورة قيس سعيد ليقف على ثغرة قرطاج حين تكون في حالة حرب تتلمس بين الهدنة والهدنة بعض القوت لتنجر، كما احتاجت للبوعزيزي ليشعل ويرحل، والشهداء لتعبيد الطريق وكما احتاجت الى شباب الثورة ليحرس والترويكا لتثبت القطار على سكته.. ثورة اكبر من الاشخاص والهيئات والأحزاب، من غرس فيها لبنة فقد حاز الشرف الوطني.. الكل يساهم في وضع لبنة فلبنتين فلبنات... أما مشروع الانتقال الضخم فليس له غير الشعب، كل الشعب.


Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 189576

Mandhouj  (France)  |Dimanche 22 Septembre 2019 à 21:29           
#مختار الجريدي

تحية و بعد.
هجميعة لما يخسرون فرصة، يقولوا، لا ميش هي إلي بها الفايدة !!! .
على كل حال، حتى التشريعية، الشعب سيقول لهم، حتى هذه، ما فاهاش فاءدة لكم .
ستكون ربما سهرة انتخابية فيها برشا ضحك.

تحياتي .

Mandhouj  (France)  |Dimanche 22 Septembre 2019 à 20:00           
مع قيس سعيد، خاصة إذا الشعب بعث بأغلابية، من انصار الثورة و الديمقراطية لمجلس الشعب، فهمت مكونات هذه الأغلبية أنه يجب أن يعملوا مع بعضهم. سيكون هناك:
إمكانية إستكمال المسار الدستوري بالكامل، كل الهيءات العالقة و المحكمة الدستورية. سيكون هناك أكثر حض لفتح حوار وطني عميق يؤسس لنوع عمل جديد بين الأطراف الاجتماعية. و هنا الرئيس يلعب دور كبير في تقريب وجهات النظر. سيكون أقرب للواقع التعجيل بإستكمال مسار اللامركزية، عبر مبادرة مشروع قانون من طرف الحكومة، المجلس أو الرئاسة. سيمكن أيضاً عبر مشاريع قوانيين تدعيم الديمقراطية. مشروع قيس سعيد هو في ذاته اطروحة تغيير ستخضع لنقاشات ثرية ، تطورها و تنميها .
و لا شيء في هذا الموضوع، شيء مقدس لا يناقش . لا ينتخب الناخب الرئيس أو القاءمة لأنه يتفق مع كل ما يطرح، لكن أيضاً، لأن المشروع أو البرنامج يحمل الجوهر .
مع قيس سعيد ستترعع الديمقراطية التونسية أكثر، لتصبح عقلا و عقلية و سلوك.
مع قيس سعيد، سنربح أكثر على مستوى الانفتاح على المحيط الخارجي، و الدبلوماسية ستكون أكثر سند للتنمية. و هنا الحكومة الموالية لاهداف الثورة، ستلعب دورا كبيرا أيضاً. مع قيس سعيد سنكون أقوى في السياسات التي ستوضع على مستوى تنمية و تطوير الأمن القومي العسكري و الأمني عامة.

تونس استحقت هذه الهزة في الوعي التي حدثت عبر الدورة الأولى.
الكلام يطول.

Citoyenlibre  ()  |Dimanche 22 Septembre 2019 à 18:00           
600.000شعب عظيم ،،،،

MOUSALIM  (Tunisia)  |Dimanche 22 Septembre 2019 à 17:28           
قطعا لا خيار الا مساندة قيس سعيد لقطع الطريق عن المافيا المتوحشة حتى لو وقع حصار على قرطاج طيلة خمس سنوات وشلت مؤسسة الرئاسة .فمخزن مسكر ولا كرية مشومة -وعذرا للمثال -

MedTunisie  (Tunisia)  |Dimanche 22 Septembre 2019 à 16:40           
المهم تطهير قرطاج و تغيير الصورة و ما علق بهذا الرمز من فساد و استغلال


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female