الكنداكة: من صناعة الثورة الى ابعادها

شيماء دلالي
لندن
لندن
كم انتم كاذبون..
منافقون..
انانيون..
لا تعرفون سوى الكلام.
كان مشهد النساء السودانيات متكررا وحاضرا بقوة، منذ الفينة الأولى للثورة ومرورا بكلّ ردهاتها. كنّ في الصفوف الاولى.. قُدن المسيرات دون خوف وهنّ يهتفن.. هنّ من كنّ خلف انطلاق الثورة، ومن ثمة محرّكها.. وهذا ليس بغريب عليهن، ولم يأت من فراغ أبدا، وإنما هو مسار ثوري ضارب في التاريخ. فالحركة النسوية السودانية كانت من أوائل الحركات النشطة في المنطقة، كما أن أول امرأة منتخبة برلمانيا، في إفريقيا والشرق الأوسط كانت سودانية.
النساء السودانيات يحملن إرثا كبيرا من النضال من أجل المساواة، فقد تظاهرن في الشوارع مطالبات بحق المرأة في التعليم والعمل، والأجر المتساوي والمشاركة السياسية.
فاخرتم بها حين لفتت صورها انتباه العالم بأسره للثورة السودانية.. وناديتموها ب"الكنداكة". كانت هي ايقونة الثورة..ووقودها.. وحجر اساسها.. كانت على خط المواجهة كالعادة.. ورمزا للحرية..
وحينما دقّت لحظة الوفاء والعرفان، كافأتموها بتغييب كامل لدورها، فأغتصبتم حقّها المستحقّ حتى في مجرّد الحضور، على منصة التوقيع على الوثيقة الدستورية للمرحلة الانتقالية.. التي لم تكن لتدركها أياديكم دونها. لقد ارتكبتم فعلكم الفاحش ذاك، تحت ستار دخاني مقرف، دخان كانت تنفثه أفواهكم، وانتم تختفون وراء دوّامة من الكلمات الهامشية، التي تدور حول ذكرها دون أن تذكرها، وتماديتم في بغيكم، حينما اختلستم حقها في الكلام، فسمحتم لأنفسكم بالنطق على لسانها والحديث بإسمها.
لقد أقدمت "الكنداكة" السودانية يوم الوغى، ثمّ استعففت يوم المغنم، لتقول لكم:
كم انتم كاذبون..
منافقون..
انانيون..
لا تعرفون سوى الكلام.
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 187624