شواطئ الضاحية الجنوبية كارثة القرن الواحد والعشرين

بدرالدين الصغير (*)
ربما سمع و ادرك الكثير من سكان الضاحية الجنوبية و زوّارها تلوّث شواطئها الممتد على طول الخمسة وعشرون كلم ( 25 كلم ) ، ولكن لمن يهتم، فإنها كارثة إنســـــانية ستكون احدى أسوأ ما يفعل البشر بالطبيعة.
ربما سمع و ادرك الكثير من سكان الضاحية الجنوبية و زوّارها تلوّث شواطئها الممتد على طول الخمسة وعشرون كلم ( 25 كلم ) ، ولكن لمن يهتم، فإنها كارثة إنســـــانية ستكون احدى أسوأ ما يفعل البشر بالطبيعة.
انّ مأساة شواطئ الضاحية الجنوبية من أكبر الكوارث البيئية التى تمر بها المنطقة فى صمت والتى تُشكل وفقا لآثارها المناخية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، تهديدا مباشرا للتنمية المستدامة في المنطقة و للصحة والجينات الوراثية ومستقبل البشر الذين يعيشون هنا.
ويرجع سبب الكارثة إلى الاستهتار بالمحيط و البيئة و اللامبالات التي تعتمدها الحكومات المتعاقبة طيلة نيف كامل من الزمن وحتى يومنا هذا سياسات اثرت سلبا على الأودية التي تصب في البحر وبالأخص مجرى واد مليان الذي اضحى قنوة من قنوات الصرف الصحي لمدن الشمال الغربي المتوسطة.
الحكاية باختصار
يتعرض حوض خليج تونس و بالتحديد شواطئها الجنوبية من خلال الممارسات الغير المسؤولة للقائمين على الشأن البيئي و البنية التحتية منذ تسعينيات القرن الماضي الى تلوث حاد، وأصبح البحر غير صالح للسباحة مع تغيّر لونه و نفوق الاسماك والسلاحف البحرية التي تنبئ بأكبر الكوارث التي تسبب بها الإنسان.
فمن أجل التخلّص من فواضل الصرف الصحي لبعض المدن و فضلات المؤسسات الصناعية أرْدت السياسات المتبعة في التصرّف لواد مليان الشريان الحي إلى تلوثه تماما وانعدام الحياة فيه الذي كان يعد طيلة عقود قبل الثمانينيات المصدر الرئيسى للرى بل و مصدرا لمياه الشرب عند بعض الفلاحين المنتصبين بجانبه فالواد كان يجف صيفا الا من بعض الحفر العميقة التي تكون عبارة على سدود تربط بينها مجاري مياه صغيرة نقية، و جارفا فيّاضا شتاءا ذاك كان حال واد مليان في ثمانينات القرن الماضي.
وكذلك الصرف الصحي للمدن المتاخمة للبحر والذي تعد اكثر من مليون ساكن تمر دون معالجة قبل التصريف في أعماق البحر في اغلب النقاط.

وكما ان هناك أودية مستحدثة يصبون في البحر، بتعلة تصريف مياه الأمطار، لاحظنا في السنوات الفارطة تجاوزات كبيرة منها انفجار بالوعات بمواد بترولية وقد تم التنبيه لذلك عبر مقال كان بعنوان "كارثة بيئية في حمام الشط

ومن اهم مسببات هذه التجاوزات الانتصاب الفوضوي و اللاقانوني لبعض مسدي الخدمات الخواص في الحاضرة والذي لهم علاقة مباشرة بالفضلات البترولية الملوثة والمسرطنة حيث أن الرقابة الإدارية منعدمة و انفلات كبير في رخص الانتصاب ومتابعة خدماتهم و الاهم نهاية تصريف هذه الفواضل في نقطة التجميع الوحيدة على كامل تراب الجمهورية في ولاية صفاقس ما يستحيل على مسدي الخدمات التحول لها لارتفاع تكلفة نقلها زد على ذلك انعدام الرقابة من وزارة البيئة فيختلط الحابل بالنابل و تستكرش أصحاب هاته الشركات و تتغول وتجني المليارات على حساب البيئة و مستقبل الأجيال القادمة.
الطامة العظمى انتهاء اشغال قنال لتفريغ سبخة السيجومي في وادي مليان على امتداد اكثر من 06كلم...
و للتوضيح سبخة سيدي حسين السيجومي التي تمتد على حوالي 3 الاف هكتار من المياه الملوثة الراكدة وهي مصب للأوساخ وفضلات البناء والمصانع والقمامات والهدف من الربط هو ايجاد لتأزم الوضع البيئي في السبخة الذي يهدد حياة قرابة النصف مليون ساكن في الاحياء المتاخمة له واصبح مصدرا لتفشي الامراض السرطانية .
تدابير فكلورية سنيمائية
وزير البيئة رياض المؤخر وفي رقصة الديك المذبوح للبقاء على رأس الوزارة، بادر بخرجات وزيارات ميدانية للنقاط السوداء في كامل الضاحية الجنوبية من حمام الشط مرورا بحمام الانف، الزهراء وصولا لواد مليان في مدينة رادس حيث وعد و تعهّد لكنه نكث ما عاهد عليه تلك سُنة بعض الساسة فقد كانت حملة انتخابية سابقة لأوانها جدا وكانت تصريحاته أكبر شاهد عليه.
بصيص امل
لكن وبعد سنة من تنصيب المجالس الشرعية البلدية رأينا تحرّك الرباعي " بلديات الضاحية الجنوبية " ( رادس، الزهراء، حمام الانف و حمام الشط )
في اجتماعات متوالية كلها تصب في البحث عن حلول عملية كانت بتشريك بعض الأخصائيين و الاكادميين في المجال البيئي و ثلة من المجتمع المدني في اغلب اللقاءات تبعها تحركات ميدانية لوزير البيئة الجديد السيد مختار الهمامي متناسقة مع تلك المجهودات ودفعا لإرساء تنمية مستدامة والحيلولة دون تفاقم الكارثة وعقد مجلس جهوي استثنائي مررت فيه العديد من قرارات تفعيل اهم المشاريع البيئية بكلفة تناهز 120 مليون دينار لتأهيل وتوسعة محطة التطهير النموذجية برادس مليان، و تخصيص اكثر من 200 الف دينار لتركيز المصرف البحري لتصفية المياه، إلى جانب ربط 52 مؤسسة صناعية في ظرف ثلاثة أشهر بمنظومة المعالجة الأولية...
و رغم تعهّد والي بن عروس السيد على سعيد ببعث لجنة متاابعة لمخرجات تلك الجلسة وبعد قرابة 60 يوم ونحن نراقب تبقى مشاريع على الورق فقط في انتظار التفعيل والتمويل فالمال قوام الأعمال... هذا ما يراه من كان على الربوة يشاهد عن كثب...
لكننا نستخلص من كل هذا ما خفي بين السطور !!!!! أوَضّح...
دخول وزير البيئة السيد مختار الهمامي على الخط بمباركة ومشاركة من سعادة والي بن عروس السيد الفاضل عــــلي سعيّد ماهو إلا ركوب للاحداث و إنقضاض على مساعي وتحرك مجالس منتخبة تسعى لحلحلة ملفات في رفوف الوزارات و الادارات المركزية وهنا يكمن التخوف من العلاقة بين الإدارة الجهوية والمجالس المنتخبة. الفصل 180 تكرار للفصل 178 وفيها أن للسلطة المركزية إيقاف قرار المجلس المنتخب، ويمكن حتى إيقاف النشاط
- ركوب المركز على تحرك حكام المحليات الناشئة ينبئ بتصادم وشيكـ - وهذه أكبر المخاوف في ظل فقر كبير في النصوص التشريعية...
الموضوع مريب وكبير جدا ويحتاج الى مزيد من التحليل والتأمل في آنتظار ما ستحمله الينا الايام القادمة....
لكن هل ستكون نتيجة الانتخابات لها اثارها في استمرار مراحل تنفيذ المشروع ؟
وهل بقاء الهمامي لإكمال المشروع الوليد بين يديه زمن كان الشاهد صاحب الفكرة على رأس الوزارة حسب ما يروّج له...؟
كلّها مواضيع للمتابعة سنطرحها تباعا لكن وقبل ان اختم كنت قد طرحت بين يدي الوزير والمجلس الجهوي في مداخلة كانت تتمحور حول تصحّر الشواطئ بفعل عوامل بعضها بشري وبعضها الآخر مناخي، مما يؤدّي إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي وإلى الإضرار بالمخزون الحيواني البحري بحيث تتراجع الطاقة الإنتاجية وسط آتّـساع فجوة احتياجاتنا الأساسية التي تتزايد مع الوقت،والحل هو انشاء مخافر صناعية وسط البحر عبر آلقاء تجويفات وهياكل صناعية للحد من الصيد بالكركارة و بشباك الجر القاعية العامل الرئيسي لتصحر الشواطئ و خلق ملاذات آمنة لتكاثر الاسماك.... وبطبيعة الحال كانت لنا رؤية في مقاومة البناء الفوضوي في محيط محمية بوقرنين وقد تم احالة المقترح على وزارة الفلاحة بآيعاز من السيد الوزير...
الموضوع شائك ومتداخل جدا نوافي عموم قرائنا والمهتمين بالشان البيئي بجميع المستجدات دمتم بصحة وخير
* ناشط جمعياتي – من مدينة حمام الشط
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 187594