الاستئصال في معركة مفتوحة مع الشعب..

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5cbc37fe8e4909.30944673_qnkpigohlfmej.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

الى جانب الصراع السياسي ، وصراع الثورة مع الثورة المضادة، تعيش بلادنا اليوم صراعا فاصلا يدور حول الهويّة والثوابت ، تستعمل فيه السياسة والاعلام والحداثة والمؤسسات والمنابر والاحزاب وبن زايد وحفتر والكرونيكور والكرونيكورة.. فبينما تصرّ غالبيّة شرائح المجتمع على أنّ الثوابت منهج حياة وتأشيرات مرور ومراكب عبور إلى الحياة الأخرى، تصرّ بعض النخب على حسم الأمر الذي ظلّ يتأرجح خلال عهدي بورقيبة وبن علي وتذهب رأسا إلى نزع القداسة والهيبة والحرمة عن المقدّس وتحويله إلى متاحف الفلكلور الوطني، المعركة التي تبدو سياسيّة في ظاهرها هي أعمق من ذلك بكثير، والإصرار على فك الارتباط بين الشعب وثوابته لا يبدو هذه المرّة نزوة ثقافيّة عابرة أو نزلة فكريّة موسميّة، الصورة تؤشّر إلى أنّ بعض النخب تبدو في جاهزيّة كبرى للذهاب بعيدا في سحب الامتيازات ونزع الحصانة عن المقدّس ومساواته بالفلكلور، ولن يهدأ لأرباب السحت الثقافي بال حتى يستقبل متحف باردو حطام المقدّسات وتصفّف في رفوفه، وتثري مخزونه التاريخي أشياء كثيرة تحكي عن حقبات متنوعة من تاريخ تونس .. خلخال، خُمسة ، حزام ، آنية للوشم وأخرى للحرقوص، بردعة ، "خيمة" بيت شعر من عهد الموحدين، حولي، زكرة قديمة تطوّرت أصبحت مع العقود مزود، سجادة كانوا يمارسون فوقها طقوسهم، فسيفساء تمثّل الإله أبولو، هلال من البرنز كانوا يستعملونه في رأس بناية عالية يطلقون عليها مئذنة تكاثرت في القرى والمدن التونسيّة بعد الغزو العربي، زخرف للشاعر فيرجيل تحيط به ربّات الفنّ والتبليط الذي يمثّل ديونيزوس، رحى لرحي الحبوب، كتاب يسمى موطأ مالك كان منتشرا في شمال أفريقيا تعتمدون الطبقة المحافظة في ممارسة طقوسها وتراتيلها، موس قديم كان يستعمله "الطهّار" لقطع قلفة الذكر لدى الطفل قبل أن تتدخّل المنظومة الكونيّة وتجرم المساس "بغرولية" المجتمع ، آنية فخار من العهد الروماني، حجر أملس استعمله السكان لطقوس عرفت بالتيمم كان في اعتقاد أهل تونس القدامى أنّه يعوّض الماء عند القيام ببعض حركاتهم التعبديّة ، كتاب كان يعتقد أهل تونس أنّه كلمات الربّ، يسمونه "مصحف" كتب بالحروف العربيّة التي كان يستعملها التونسيّون إثر الغزو الإسلامي إلى أن اندثرت عند العشريّة الثانية من الألفيّة الثالثة خلال عصر التصعيد الثوري والحداثة والتنوير واستبدلت نهائيّا بالفرنسيّة.





إذا ما تقهقر المجتمع أمام هذه الزواحف وأسلم لها أمره، ستبسط سلطتها وتُعمل فكرها ويستتب الأمر إلى منهجها ويبقى عليها أن تبتكر أو تستورد لنا ثقافات وأنماط مؤقتة حتى تجهّز لنا البديل، لأنّنا في حاجة ملحّة إلى معرفة كيف سنعيش وكيف سنتزوج ونتناسل وماذا سنفعل عندما يحين وقت الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء وهل سيعطوننا حبوبا لنسيان أوقات الصلاة؟!!.. كيف ستكون منظومة الأسرة؟؟ وماذا سنفعل بآبائنا وأمهاتنا المسنين، وما هو مصير أخواتنا العوانس اللواتي يعشن معنا طالما أنّ المبدأ الذي سيسود هو" chaqu'un pour soi "،وإذا متنا هل سندفن أم سنحرق، وكيف هي طريقة العزاء الجديدة، كيف سنعوّض البسملة عند البدء.. والحمد عند الانتهاء.. وما هو مصير العيدين الفطر والأضحى.. حتى لا نتوغل أكثر تيقفنوا أنّ هذه الزواحف لا تستطيع أن تهدم الذي لا يُهدم ، فالذي تحاربه وُجِد ليبقى وحتما ستنتهي خطتها إلى بوار، وأنّ قَدَر الله ماض لا محال ، ومهما استدرجتنا لنسيان تاريخنا ومستقبلنا فخيبة المسعى مصيرها ، لو شحنتنا بالثقافات الغربيّة والهنديّة والصينيّة، ولو استعانت بمال قارون وسحرة فرعون لن تفلح .. وإلاّ كيف ستراودنا على ترك "اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله"، كيف ستجعلنا ننسى "بسم الله".. فرضا لو استعانت هذه الزواحف بالإنس والجنّ ، كيف ستنسينا في استغاثة "يـــــــــــا رب".. معتوهة هذه الزواحف إذا خطر ببالها الأبله انه سيأتي علينا اليوم الذي نهجر فيه التحية الخالدة "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 180917

MOUSALIM  (Tunisia)  |Dimanche 21 Avril 2019 à 18:14           
انها حرب عالمية تستهدف الدين مساجد وكنائس والخصوصية الثقافية للشعوب تقودها الماسونية كما ورد بشريط الماعز الأليف والبديل التخدير بالصوفية أو المخدرات والاباحة الجنسية .انه دربي بين آدم وابليس بين هابيل وقابيل بين الخير والشر .-وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)آل عمران -وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ
إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ (31) المدثر -.


babnet
*.*.*
All Radio in One