دلالات فوز ياسين العياري.. ''النحس'' القادم على نجل السبسي

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/yassineallemagne3.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

التعتيم الاعلامي العميق الذي رافق سير الانتخابات الجزئية بألمانيا، بعد قرار نجل السبسي "الهروب" في ظل التقارير الجدية التي تلغي حظوظه، جعل صدور النتائج (الأولية) صادما للجميع، باعلان فوز ياسين العياري ولو بفارق غير عالي في حدود الأربعين (40) صوتا، على مرشح النداء المدعوم من النهضة والغنوشي شخصيا الذي قاد خيار عدم منافسة حركته على المقعد.





17 ديسمبر يبدو أنّه زلزل الجميع بهذا المعطى الذي يحمل في جذوره دلالات كبرى، ولا شكّ أنّ النداء أوّل النادمين على "توزير" نائبه الفرجاني، وترك المنصب شاغرا للمنافسة مع كل الصراع الذي اثاره هذا الخيار، وسواء كان الغرض من شغور المقعد لفسح المجال لحافظ بالصعود والوصول لرئاسة مجلس النواب، أو لادخال "الايزي في معركة "ضارية" تنهكها وتزيد في معاركها الاخرى لغاية تعطيل اجراء البلديات، فالثابت أن النداء لم يكن يتخيّل سيناريو أسوأ وأفظع من صعود احد اكبر اعدائه السياسيين: ياسين العياري.

النداء بالفعل في 17 ديسمبر بعد ظهور اكبر الوجوه المدافعة على بن علي، سمير العبيدي الذي مثل مع حافظ الحزب الحاكم في اجتماع ثلاثي الحكم، يتّضح أنّه أكبر الخاسرين في هذا الحدث فادح الاضرار وسيء الدلالات مع بروز احد الوجوه التي سقط بها المخلوع، ولا نظنّ أنّ ليلة ظهور النتيجة ستنام القيادات الندائية الى حدود الفجر بل الى الصباح، ومن يراقب المقر المركزي بالبحيرة فالاكيد أن الاضواء لن تنطفأ كما الهواتف، وايضا الالات الحاسبة التي ستظل تشتغل وتكرّر الاتصالات مع المانيا ومع مونبليزير وتعيد العدّ والجمع والطرح، دون جدوى لتعيد وتكرّر الحسابات من جديد، وتوجيه التهمة من ناحية للنهضة بعدم الايفاء بالوعد ومن اخرى للخماسي بالتقصير والتهاون، وربما تكون تهم "الخيانة العظمى" جهزت وهي بصدد الاصدار وينقصها فقط شكل الاخراج.

الاكيد أن قرار النداء "اخلاء" مقعد المانيا جاء بعد انتداب "المايسترو" برهان بسيس للحزب الحاكم، والمرجّح أن تكون بصمته حاضرة في القرار، فهو رجل "الثقة" لدى نجل السبسي من ناحية الوفاء ومن ناحية "حسن التدبير"، او هكذا يعتقد حافظ صاحب الفكر السياسي المحدود كما يوصف لدى اغلب المتابعين، فـ"المايسترو" بدا "الفاتق الناطق" بعد تحوّزه خطة "مدير السياسات"، التي أغرقت الحزب كما حافظ في أوّل اختبار في الخندق الغارق، وفي كل الحالات فبرهان قبض أجرته كاملة مسبقا على فترة سنتين، والمدير التنفيذي هو الذي سيدفع الفاتورة التي ستكون باهظة جدا.

فحافظ سيدخل في مرحلة شكّ واسعة وهو على ابواب بلديات وعلى ابواب مؤتمر انتخابي يسعى من خلاله الاطباق على الحزب، في ظل السهام الخارجية والداخلية والاتهامات الموجهة للحزب ولقيادته دون نسيان الصراع الضاري مع ساكن القصبة، في مناخ الاضطرابات السياسية والاخفاقات الاقتصادية والتهديدات الاجتماعية، ومع تدهور الثقة في الاحزاب السياسية في استبيانات الراي والمقاطعة العالية للمواعيد الانتخابية، ونجل السبسي بعد الشك العميق الذي جعله يفر من الترشح، اليوم بعد الهزيمة المدوية الكل سينفض من حوله، وأي كلمات سـ"ترصّع" خطاب النّكسة!! فمن بقي لحافظ بعد فشل برهان وتخاذل الخماسي وخداع النهضة!؟

"الوجيعة" الكبرى لحافظ أن فوز العياري يحدث يوم الذكرى السابعة للثورة، التي يسخر اغلب قيادات النداء من شعاراتها، ويتبنى عناوينها او هكذا يسوّق ابن الشهيد الطاهر العياري، والدلالات بهذا تكون عميقة جدا، وسيكون الحدث معبّأً بالمضامين والمعاني والرمزيات، ما يزيد في حدّته ومداه وبالتالي تأثيره ووقعه، وما يعظّم في قوّة المنجز بالنسبة لياسين وبالتالي قوّة الصعقة بالنسبة لحافظ هو ان الانتصار تم على حزبي الحكم (النداء والنهضة)، باعتبار أن النهضة لم تقرر عدم المراهنة على المقعد فحسب بل زيادة اعلنت دعم مرشح النداء من هيئتها العليا (الشورى)، وبالتالي هو انتصار على ائتلاف السلطة بماكيناته الحزبية وببرامجه وبنتائجه في الحكم، فضلا عن خياراته التي سقطت بالضربة القاضية في هذا الاختبار الرمزي.

ونجاح العياري المدوي (في رمزياته المتعددة) الذي صاحب تعبئة كبرى من النداء ودعم حليفه النهضة، يصب في اتجاه انحسار المساحات السياسية للاحزاب الحاكمة، واحداث اختراق نوعي بخلق مجالات حيوية سياسية جديدة للشباب الذي يرفع شعارات الثورة، والاكيد أن اختراق الشخصيات غير المهيكلة حزبيا سيكون هاما في قادم المواعيد الانتخابية، والانعكاسات السياسية المتوقع ان تكون ذات وزن ثقيل، وستكون تداعياته على المشهد السياسي والوطني عميقة.

الانكى في المحصّلة أن حزب حاكم فائز بالمقعد في الانتخابات السابقة بفارق عريض، يمتنع منافسه المباشر (النهضة) على المنافسة بل ويتبنى مساندته، يعجز عن حصد 250 صوتا، في دائرة بها ما يزيد عن 26 الف ناخب وناخبة، ما يؤشّر على مرحلة جدب سياسي عميق للنداء ومديره التنفيذي، ويعطي فكرة صاعقة عن اثار السياسات التي ينتهجها الحزب في الساحة الوطنية وفي الحكومة، ويعكس بجلاء انطباع التونسيين المتشائمين الذي يقارب الأربعة أخماس، و"الرجّة" فعلا يمكن تسميتها زلزالا حقيقيا.

والتفكّك اليوم داخل النداء كما داخل الترويكا الجديدة، انتقل داخل الحكومة المتصدّعة أصلا، والاخطر اليوم أنّ هذه التفككات صارت في المستوى المعنوي، وهذا هو الانكى اذ ظلام المشهد وظهور اللوحة السوداء الأولى سيجعل كل المشهد سوداويا في كليته، ومعه تتزايد سيطرة الكوابيس السياسية المزعجة، وربما مع فجر السابع عشر من ديسمبر طالع كوكب زحل ("النحس الاكبر" كما كان العرب يسمونه) لنجل الرئيس كان كاسحا، وستكون معه الاشهر والسنوات القادمة عصيبة جدا، ولم تنفع "شموس" الزرقوني المتعددة المتتالية، التي انطفأت في ليلة واحدة مجتمعة!!

(*) قانوني وناشط حقوقي


Comments


16 de 16 commentaires pour l'article 152673

Mandhouj  (France)  |Mardi 19 Decembre 2017 à 07:07 | Par           
بابا نوال طلع راجل.. قال للسياسيين لا انتخابات في نوال !!!! :):):) ابتسم انک مع الجالية بنت الثورة...

MedTunisie  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 21:39 | Par           
عدم تصويت الاموات اثر في النتائج

BenMoussa  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 20:48           
الكاتب عازف قانون وناشط ضد النهضة
ربي يشفيه

LEDOYEN  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 17:37           
Remarque: les pseudo-démocrates ne reconnaissent jamais leur défaite, surtout s'ils sont ignares

NOURMAHMOUD  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 17:30           
ما يجهله الكثير أن ناخبي النهظة من أشد محبي الحرية و الناقمين على التجمع المرسكل. و قواعد النهظة ملتزمة الصمت و لكن غير ملتزمة بتوجيهات القيادة و لا مجلس الشورى أو غيره. هم أناس أحرار لا يبيعون و لا يشترون. و لكم في الإنتخابات الرئتسية خير دليل فلولا الأموات و التدليس لما حصل السبسي على 20 بالمائة. و 90 بالمائة الأصوات اللتي حصدها المرزوقي هي هي من المخزون الإنتخابي للنهظة و شباب الثورة. أعتقد الرسالة واضحة من قواعد النهظة و هي لا مجال لأن نكون
ورقة يلعب بها لصالح أعدائهم السياسيين.
نتمنى الخير للجميع و أن يتوحد التونسييون على محبة تونس و الذود على استقلالها و ديمقراطيتها و أن تجمع كل أبنائها لبناء المستقبل. العداء و الإستعداء مدمر للبلد المدمر أصلا.

PATRIOTE1976  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 16:16           
و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين

صنعوا خطة داخل الحكومة تتعلق بالدبلوماسية الااقتصادية فادا بالاتحاد الاوروبي يصنف تونس على القائمة السوداء للملادات الضريبية
و خططوا لدخول حافض السبسي للبرلمان فادا بالمناضل ياسين العياري في ليلة 17 يفتك مقعد النداء في انتخابات شهدت نسبة مشاركة محتشمة جدا تعبر و لو جزئيا عن الفجوة السحيقة بين الشعب و النخبة
السياسية

و قبل دلك بقي قانون تبييض الفساد او ما يسمئ بقانون المصالحة الادارية حبرا على ورق امام استحالة تطبيقه على ارض الواقع من طرف القضاة

و كدلك ستعمل لجنة بشرى بلحاج حميدة على انتهاك صريح الدين و لكنها لن تمر بحول الله

و سيسعون لعودة اساليب القمع البوليسي و لكنهم سيفشلون

و سيحاولون الاطاحة بهيئة الحقيقة و الكرامة و رئيستها بن سدرين و لكنهم سيتعثرون

و سيسعون لتدجين المحكمة الدستورية عبر تعيينات رئيس الجمهورية و لكنهم لن ينجحوا

و سيعملون على تبييض الفاسدين و لكنهم سينقلبوا خاسئين

لمادا سيفشلون في كل مخططاتهم

لان الله خير الماكرين
و لان دماء الشهداء من اجل الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية و الشفافية لن تدهب هدرا بحول الله السميع العليم

مبروك مرة اخرى يا ياسين
و هنيئا لكل شرفاء الوطن بهدا الانتصار الباهر

و يبقى خيار انتخابات رئاسية مبكرة تليها تشريعية هو الخيار الامثل حاليا

Elmejri  (Switzerland)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 12:53 | Par           
الثورة متواصلة.... مبروك....،، 👍🌿👍🇹🇳👍🇹🇳 . ياسين العياري انتخبوه التوانسة المهاجرين المخلصين بدون ضغوط وبدون المقبورين....🤝🌍🤝🌍

Nasehlelleh  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 12:19           
هل بدا الناخب التونسي في معاقبة كل من النهضة والنداء بالصندوق..

Raisonnable  (Saudi Arabia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 11:36           
ما يجهله الكثير أن ناخبي النهظة من أشد محبي الحرية و الناقمين على التجمع المرسكل. و قواعد النهظة ملتزمة الصمت و لكن غير ملتزمة بتوجيهات القيادة و لا مجلس الشورى أو غيره. هم أناس أحرار لا يبيعون و لا يشترون. و لكم في الإنتخابات الرئتسية خير دليل فلولا الأموات و التدليس لما حصل السبسي على 20 بالمائة. و 90 بالمائة الأصوات اللتي حصدها المرزوقي هي هي من المخزون الإنتخابي للنهظة و شباب الثورة. أعتقد الرسالة واضحة من قواعد النهظة و هي لا مجال لأن نكون
ورقة يلعب بها لصالح أعدائهم السياسيين.
نتمنى الخير للجميع و أن يتوحد التونسييون على محبة تونس و الذود على استقلالها و ديمقراطيتها و أن تجمع كل أبنائها لبناء المستقبل. العداء و الإستعداء مدمر للبلد المدمر أصلا.

3azizou  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 11:17           
مبروك للأخ ياسين و ربي يستر من رد فعل الوجرمين

Nouri  (Switzerland)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 09:21           
الثورة لا زالت قائمة وهي تسير في طريقها حتى ان تصل الى هدفها، يوم بسرعة ويوم ببطء ويوم تبصر فيه موقعها،

قال تعالى:
يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

Abid_Tounsi  (United States)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 08:35           
النهضة و قادتها يبرهنون يوما بعد يوم كونهم دواهي سياسية... و كاتب المقال لا يفقه فن القراءة الثانية للحدث:
1ـ النهضة لم تقدم مرشحا لمنافسة العياري
2ـ النهضة تلزم الصمت حتى تمكُّنِ العياري من تحديد قائمة و الدعاية لها
3ـ النهضة تعلن دعمها لمرشح نداء تونس ( و يمين البكوش في صدرو كما نقول في تونس)
==> النتيجة:
1ـ لم يصوت الأموات
2ـ لم يتهافت أعداء النهضة و هم كثر للتصويت ضد ياسين العياري
3ـ أمسك أعداء النهضة من مناصري النداء للتصويت لمرشحهم نكالا في النهضة

و بذلك يفوز العياري، و هي نكبة و أيما نكبة في شباك الثورة المضادة.

Jamelel2002  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 08:35           
هذه فرصة باش تتحرروا من النداء و النهضة و تعطوا فرصة للشباب و المستقلين الاحرار .الانتخابات البلدية انتخبوا الشباب الي في قوائم مستقلة لانوا مشبع بحب الوطن و حالم بوطن افضل يتسع للجميع .اجتنبوا الاحزاب حماة الفاشية و اصنعوا فارق تونسي جديد يبيد الاحزاب الجراثيم.تحيى تونس.

Tuttifrutti  (Singapore)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 08:18           
All the best Yassine

MOUSALIM  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 07:36           
من الضرور تأمين حياة الرئيس الجديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري بل وكامل فريقه حالا .

MOUSALIM  (Tunisia)  |Lundi 18 Decembre 2017 à 07:30           
هزيمة مرشح النداء دليل على حياد النهضة وانسحابها الفعلي لا كما يروج الكاتب وهو ما ترك المجال مفتوحا لياسين العياري والأهم أن الانتخابات في ألمانيا أكدت أن النداء لا يمكنه الفوز إلا بأصوات الموتى الذين لزموا مقابرهم هذه المرة ونتمنى بأن لا يغادرووا مواقعهم في الإنتخابات البلدية القادمة .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female