الباجي بورقيبي لكنه ليس بورقيبة

بقلم الاستاذ بولبابه سالم
يمكن ان تصفه بأي ّ شيء الا بالغباء السياسي ، نعم ، استمعت الى الخطاب مرّتين و استنتجت ان الاستاذ الباجي قايد السبسي داهية ، تزايدت مطالب بعض ناشطات المجتمع المدني و الجمعيات النسائية بالمساواة في الارث فلم يرفض من حيث المبدأ و شكّل لجنة ، و ستعمل هذه اللجنة مثل لجنة تسفير الشباب الى سوريا او لجنة وثائق بنما ، لكن الرئيس حذّر من صدمة المجتمع ، فالدولة و الدستور مدنيان و يجب مراعاة دين الشعب المسلم .
يمكن ان تصفه بأي ّ شيء الا بالغباء السياسي ، نعم ، استمعت الى الخطاب مرّتين و استنتجت ان الاستاذ الباجي قايد السبسي داهية ، تزايدت مطالب بعض ناشطات المجتمع المدني و الجمعيات النسائية بالمساواة في الارث فلم يرفض من حيث المبدأ و شكّل لجنة ، و ستعمل هذه اللجنة مثل لجنة تسفير الشباب الى سوريا او لجنة وثائق بنما ، لكن الرئيس حذّر من صدمة المجتمع ، فالدولة و الدستور مدنيان و يجب مراعاة دين الشعب المسلم .
الدين نصوص و مقاصد و السيد الباجي قايد السبسي رجل قانون فركّز على مقاصد الدين التي تواكب تطور المجتمع و قد تجعل المساواة في الارث مسالة طبيعية لانها ليست اصلا من اصول الدين بل هي من فروع الفقه لادارة شؤون الناس لذلك قال ان الميراث مسالة بين البشر و ليست مسالة دينية اصولية .
و في الرخص الشرعية يجوز للمورّث الهبة و التنازل و البيع بعكس تشريعات الميراث المعروفة ، و الحيل الفقهية لا تنتهي .
كان رئيس الدولة في خطاب عيد المراة اليوم شبيها ببورقيبة لكنه لم يكن بورقيبة ، مقترح الاشتراك في الملكية بين الزوجين كان مطروحا منذ عهد بورقيبة لكنه قال لهم " ائتوني بمقترحات اخرى لان مستوى وعي الشعب مازال متدنيا " ، لما تعددت حالات الطلاق احدث صندوق النفقة في وضعية المراة المطلقة حفاظا على كرامتها ، ثم جمع فقهاء القانون و العلماء (منهم الفاضل بن عاشور ) في بداية السبعينات لما طرحت مسالة المساواة في الميراث و اعطاهم مهلة للنظر في امكانية وجود ثغرة في كل المذاهب بما فيها المذهب الجعفري حول المسالة لكنهم لم يجدوا ، فقال :" اذن ، نترك المسالة جانبا حتى لا نثير حفيظة الناس لان نسبة الجهل مرتفعة و من الصعب اقناعهم " ..لو كان بورقيبة اليوم حاضرا لأعلن صراحة المساواة في الارث بين الجنسين لان المجتمع تطور و نسبة النساء المتعلمات مرتفعة بل تفوق الرجال في بعض الاختصاصات .
اليوم ، تحول الجميع الى فقهاء و هناك محاولة لتجييش الناس بطريقة مبتذلة ، لا يناقش القانون الا رجال القانون ، و لا يخوض في الدين الا العلماء الذين لم يواكبوا- بعضهم للاسف -تطور العصر و تركوا رسالة الله غريبة عن الواقع . اما بالنسبة لانصار النهضة الذين بدؤوا حملة فيسبوكية ضد تصريحات الرئيس فاذكرهم (لان الكثير من الجيل الجديد لا يقرا) ان كتاب "المراة بين القران و واقع المسلمين" للاستاذ راشد الغنوشي يقرّ للمراة بالنبوّة و ليس فقط بالمساواة في الارث ، و قد يفاجئهم شيخهم بموقف لا يتوقعونه ، و سنراهم اثر ذلك ينقلبون على اعقابهم .
في الختام رحم الله الشيخ الغزالي صاحب كتاب "الجام العوام عن علم الكلام " ، و لنترك المسالة لتقدير اهل الاختصاص و فقهاء القانون بعيدا عن منطق المؤامرة و الاجندات الخفية ، فصداق اروى القيروانية لم يوجد مثله في الشرق و لم يتزوج عليها ابو جعفر المنصور حتى وهو خليفة المسلمين .
اخيرا ، يجب ان يسود ادب الاختلاف في مناقشة المسائل الخلافية دون اللجوء الى التكفير و التشويه و الشتيمة ، فرايي خطا يحتمل الصواب و راي غيري صواب يحتمل الخطا كما قال الامام الشافعي . و القران كتاب الله صالح لكل العصور و يجب ان افهمه كما لو انه نزل علينا اليوم كما ذكر الفيلسوف محمد اقبال . نحتاج الى فقه الواقع و التفسير وفق مقاصد الدين العظيمة لا تقليد فهم اسلافنا فهم رجال و نحن رجال كما قال ابو حنيفة .
كاتب و محلل سياسي
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 146429