السّياسة ''الغفّاصة'' والمشهد المتردّي

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/chahedandco.jpg width=100 align=left border=0>


منجي بــاكير

السّياسة في عمومها يمكن أن تعرّف بإيجاز عمليّ أنّها احتراف عالي في تدبير و تسيير البلدان و تحلّي بالصّبر و بُعد النّظر و دقّة الإستشراف ، و لذلك كانت فعلا نُخبويّا و ميزة لا تتأتّى لعامّة النّاس و رعاعهم ،،، و لا يستقيم تعاطيها إلاّ لمن يبرع في تذليل العقبات و اجتياز المحن و خلق مخارج الأزمات و دقّ أبواب دوائر المستحيل ، لهذا يطلق على السّياسة عُرفا بأنّها فنّ الممكن أو حتّى فنّ المستحيل ...!





لكنّ الذي نراه عندنا من تفاعلات في المشهد السّياسي المحلّي لا يشير لا من قريب و لا من بعيد لحراك يمكن أن نطلق عليه – فعلا سياسيّا – و لا نجد عموما رجال سياسة فعليين فضلا عن انعدام رجال دولة قادرين على خلق ديناميكيّة سياسيّة فاعلة و تأثيث مشهد سياسي حقيقي ولا وجود أيضا لتحرّكات أو مبادرات ذات بُعد و مرجعيّة فكريّة سياسيّة يمكن أن تسدّ هذا الفراغ وتقطع مع الإعتباطيّة والغوغائيّة السّائدة .

فقط هو التعاطي الشّمولي مع الواقع و الإنشطارات الحزبيّة لتضارب مصالح أفرادها و تنطّع بعض الشّخوص لغاية المصلحة برصيد صفر أو ما يقاربه في الحقل السّياسي و العمل الحزبي المنظّم ، يبيعون الكلام ملبّسا بالأوهام على قارعة حوانيت الإعلام إعتقادا منهم أنّ الشّرعيّة تمرّ عبر الصّورة بعد أن ثبت تخلّفهم عن ناتج شرعيّة الصندوق الإنتخابي أو لمواراة فوبيا الخسارة التي تتملّكهم و تلازمهم من قادم المحطّات ، و لهذا فإنّهم وجدوا – حسب حدود أفهامهم - خلاصهم في إدمان الظهور الإعلامي مستأنسين بمتابعة صفحات التواصل الإجتماعي لاستقراء ما يظنّونه خطأ أنّه رأي الشارع أو الرّأي العام.

هذا الإنخفاض في التعاطي السّياسي و رعونة التفاعل زائد وعي جماهيري متّقد و خيبات أمل متتالية ولّد أزمات ثقة بين العمق الشعبي وكثير من هؤلاء الشّاغلين للمشهد السّياسي سواء على مستوى الأحزاب أو الأشخاص و خلق مللا من السّياسة و السّياسيين الذين باتوا عنده في حكم الفشلة و النصّابين و زاد هذا الحكم تعقيدا مع تلوّن بعض السّياسيين و انتقالهم من ضفّة إلى أخرى – بدافع المصلحة الذّاتية – تلوّن و تبديل مواقع تصحبه ضوضاء و شتائم و فضائح و تسريبات تقدح في مصداقيّة الصفّ الذي كان يُؤويه سابقا و كان هو يدافع – بشراسة – عن توجّهاته ...!
حقّا إنّه زمن – التغفيص – السّياسي ..


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 142335

Mandhouj  (France)  |Samedi 6 Mai 2017 à 22:38           
Mandhouj (France) |Samedi 06 Mai 2017 à 14h 18m | Historique de mandhouj
صبر الشعب له حدود .. و شر الفاسدين و المفسدين ليس له حدود .. الذي نعرفه أن التارخ لا يعرف الرجوع للوراء .. يجب أن يفهم الجميع هذه القاعدة .

المسار الطبيعي الذي يجب أن يمر به الشعب ، هو من الثورة إلى التنمية ... من عطل المسارات خان الثورة ، خان التنمية ، خان الشعب .

نحن نعلم أن حججهم سخيفة ،

نحن نعلم أنهم متنفذون في مقاليد الدولة و مواقع التأثير ،

نحن نعلم أنهم جبناء ، و لهم القدرة على الغدر ،

نحن نعلم أن إرادة الشعب في الذهاب لإستكمال المسارات قوية .. لكن هؤلاء لحد الآن لهم قدرت على اللعب بقوت المواطن .. هم من يحددون وقت الريح و وقت المطر ، وقت غلاء الأسعار و وقت إنقطاع المواد الأسساية من السوق، معاقبة للمواطن،

نحن نعلم أن التمثيلية السياسية الحاكمة اليوم دخلت مع هؤلاء القذارة، السراق، في بيعة و شرية، من قبل أن تصل للحكم . فمولوا الانتخابات التشريعية و الرئاسية (على الأقل لحزب نداء تونس و من حام حوله )،

نحن المدافعين عن الحقوق المشروعة للشعب (مواطنين ، قضاة و رجال قانون شرفاء ، ...) أسقطنا المحاولة الأولى .. تصدت المعارضة للمحاولة الثانية و كان الشعب مساند لها. اليوم و منذ شهرين يتداول في الساحة السياسية ، كواليس و علن ، في الساحة الإعلامية ، المحاولة الثالثة .. هناك تصدي قوي لهذه المحاولة .. الدولة تنتهج منهج الحل الأمني مع الصحافة التي تفضح هذه المحاولة و كيفية الترتيب لها إعلاميا، لتسويقها، موقع نواة، الجميع منا على علم بما يحدث له، من
محاولات إخماد الصوت و كشف الأسرار لمصادر الصحافية.. الأكيد هو أن في كل محاولة و بين كل محاولة و أخرى، الدولة تصرف كثير من المال للتسويق، و لرجال الأعمال المعنيون بمسار العدالة الانتقالية، حتى يصبروا عليها.. أموال تعطيها الدولة (منظومة الحكم الحالية ) لهؤلاء القذارة ، إما مباشرة عبر آليات الفساد ، من الصفقات العمومية ، من ترك الاقتصاد الموازي يترعرع ، ... الأدلة الموضوعية كثيرة، منها عدم جدية الحكومة في الذهاب في حرب مركزة على الفساد، على
الموازي،
وهي تلقي للشعب برماد في العيون حتى يظن الشعب أن الحكومة جادة في محاربة الفساد.. من بين بعض هذا الرماد ، حوارات و تصريحات يوسف الشاهد ، بأن الفساد متغلغل في مفاصل الدولة، في مفاصل أخذ القرار ، أن الفاسدين مكانهم السجن ، ثم لا يحاسب أحد أو سوى من سرق بيضة أو لتر حليب ، الذين يسرقون الدجاجة و البقرة لا يأثم بأس و لا ضر، يعيشون أحرار، يربحون في أموال طائلة على ضهر الشعب ، الصلب و النهب للأموال العامة على قدم و ساق (...). لماذا حاكم اليوم يستمر في
هذا
الكر و الفر مع الشعب ؟ لماذا خسارة الأموال في التسويق لمشاريع فاسدة في ورقات فاسدة ؟ لماذا خسارة الوقت ؟

نحن (الأحرار من أبناء الوطن الغالي ) لسنا أغبياء ، نفهم أن الدول كلها تحتوي كل منها على دولة عميقة ، تفعل بفعلها ، لكن في تونس الدولة العميقة أتت على الأخضر و اليابس .. في الدول الأخرى الدولة العميقة ، تسيب الحبل شوية حتى يحدث نوع من التوازن الاجتماعي ، و هذا التوازن (العدالة الاجتماعية هي أيضا نتيجة نضالات و وعي شعبي )؛ و هذا نراه في كل حوار إجتماعي يحدث في فرنسا مثلا أو دول أخرى .. اليوم قوة المال و الأعمال أقوياء بالعولمة بقدرتهم على السفر و
تحويل الأموال من قارة لأخرى ...

بدون إطالة يا دولة عميقة في تونس : من حق الشعب التونسي اليوم زيادة في 30% من عدالة إجتماعية (على مستوى التعليم من مدارس، معاهد، طاقم تعليمي،...، على مستوى الصحة العمومية، حق التداوي، سرعة التداوي، نقاء المستشفيات، ... ، على مستوى الحركة و السفر و التواصل من مدينة لأخرى، على مستوى رفع القدرة الشرائية للعمال و كل الطبقة الكادحة في المصانع و في غيرها، ... على مستوى البيئة نظافة و إرتقاء بها لهالة أحسن ، على مستوى الإهتمام بالطفولة ، بالشيخوخة ،
بالشباب . أما على مستوى المساواة ليس هناك خيار : وضع قانون عام شامل جامل ، إسمه قانون المساواة و الكرامة و ألا تمييز ، يقطع نهائيا مع رزنامة قوانين العهد البائد ، أمر ضروري ، الآن و ليس غدا .

الخلاصة : كفى كذب ، كفى محاولات إنقلاب على حقوق الشعب . 30% زيادة عدالة إجتماعية كما فسرت ، هذا ممكن ، الأموال موجودة و الإمكانيات التقنية و البشرية أيضا . ثم قانون المساواة و الكرامة و ألا تمييز . بدون نقاش .. و الذهاب إلى العمل من الآن .

و عاش من عرف قدره .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female