حوار ''اللاحدث''.. والتفصي من المسؤولية

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/chahedlahadaffff.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

في وقت انسدت فيه الحياة السياسية والاجتماعية وتأزمت الحياة الاقتصادية في البلد، كان لا بد من خروج اعلامي للشاهد ولكن دائما على طريقته، بطلب منه كالعادة وباشتراط أن يكون الحوار على اكثر من قناة تلفزية واذاعية، بجمع القناة الوطنية بقناة الحوار التونسي واذاعة موزاييك، حتى ينفذ الخطاب الى اوسع شريحة من الشعب بعد الفشل الذي سجله الظهور السابق، مع تكرار نفس طريقة طرح الاسئلة السطحية تقريبا، باضافة عميقة أن الشاهد هذه المرة استنفذ أغلب حرابشه التسكينية التنويمية.





الحوار الذي دام ساعة كاملة وتم اختيار التوقيت المناسب له من حيث الشكل، في "البرايم تايم" بين الثامنة والنصف والتاسعة والنصف، طغت عليه العموميات ولم يغص في القضايا والمحاور الحارقة، التي تمت اثارتها دون جدية ضرورية والعمق المطلوب وكانت أغلبها استفسارية استيضاحية، من محاورين ظلوا دائما قُصّرا (اعلاميا) ولم يرتقوا لما تتطلبه مستوجبات الحوار السياسي من المام وكفاءة وحضور وشخصية، ولم يجد المتفرج الذي تمت "زلبحته" ما ينتظره من اسئلة عميقة تشفي غليله في وضع وطني يطغى عليه الانهيار، وفتور الاسئلة كان فعلا "قاتلا".

اليوم البلاد متفجرة اجتماعيا في اغلب الجهات من الكاف الى تطاوين مرورار بالقيروان، والقضاء في أزمة والمجلس الأعلى للقضاء معطّل، والاعلام يتهم الدولة بالتدخل ويهدد بالاضراب العام، والاوضاع الحقوقية متدهورة وتقارير المنظمات الحقوقية تبرز نكسة عميقة، والاقتصاد معطّل وحتى صندوق النقد الدولي فقد جمّد صرف دفعتين من قرضه، وعلى المستوى السياسي لا شيء يدل على انجاز البلديات في 2018وسط تنازع سياسي عميق، وفي نفس الوقت تعطل ارساء اغلب الهيئات الدستورية، وفي ظل مناخ اداري متسمم بتصاعد الاضرابات من تعليم واطباء وممرضين ومالية وديوانة وطلبة...

ومع ذلك كان الحوار متثائبا لا روح ولا حرارة فيه وكنا حقيقة في وضعية مداراة عميقة، ولم نسجل سوى أجوبة تتنصل من المسؤولية وتتخلص من العبء السياسي، وتلقي به على الاخر وتلقي به على التاريخ وتلقي به على السابق، واختص في المحصلة الشاهد في تبرير قصوره في القاء المسؤولية في الضفة الأخرى، مشيرا لمئة سنة تخلف بين استعمال وانظمة سابقة، ومعرّجا على ست سنوات بعد الثورة عجز، وحكومة الصيد (الذي اراد اقناعنا انه لم يكن منها ولم يشكلها حزبه) التي قدمت وفقه وعودا غير جدية وغير مسؤولة، دون نسيان المعارضة التي لم تقدم البدائل والمقترحات.

وذهبت هذه المرة كل الاستعراضات الجوفاء السابقة، ولم يحدثنا كثيرا الشاهد مثل السابق على مؤتمر الاستثمار 2020 الذي وعد حينها بانه سيحقق التنمية في الجهات، وان وعوده وما حققه من تعهدات مالية واستثمارية سيحدث نقلة نوعية، ولم يحدثنا عن عقد الكرامة الذي رفضته عدة جهات لانه لم يحقق شيئا، ولم يسهب كعادته حول تمويل السكن الذي افتضحت وعوده الزائفة، لكن هذه المرة اتانا بشيء جديد في السياسة والاقتصاد وهو الحديث عن تحقيق نمو بـ 2,5% لم يتحقق بعد، اطنب في المحافظة عليه واستثماره دون تسجيله فعليا.

واليوم بعد ان انكشفت حقيقة الوعود وحلول "البريكولاج" ولم تثمر ما تم ترويجه من نتائج وهمية، ووقفت الزنقة للهارب وتصاعدت الاحتجاجات من كل اتجاه، وبعد تفكك الائتلاف السياسي وخروج المشروع والوطني الحر والشعب وتنذر المبادرة والجمهوري، وتهاوي وثيقة قرطاج بعد ان وصفها اتحاد الشغل بما وصفها، ولعب حتى الاحزاب الاساسية على حَبْلَيْ الجهات والحكومة، وتراجع (عدديا) الدعم السياسي في البرلمان الى حدود قد لا تحصد الاغلبيات المطلوبة، كان لا بد من التركيز على نقطة قصر مدة الحكومة (7 اشهر) والخطاب الوعظي بعدم الغرق في "جلد الذات" و"الاحباط" الذي ادعى ان المعارضة تروجه.

في الوقت الذي تتغاضى فيه الحكومة عن محاربة الفساد، وتدوس مبدأ التمييز الايجابي الذي كرسه الدستور، وتنعزل فيه عن الشعب وحقيقة قضاياه وتقطع التواصل معه، بعدما غرقت في الزيارات الفلكلورية لضريح المرحوم بورقيبة في ذكرى وفاته، وتقيم الصطمبالي في رفع علم البلفيدير المقسّم للشعب، وتعقد مجالس الامن القومي من اجل قانون المخدرات "الزطلة"، تعيش جهات بحالها في عزلة وحصار كامل، وطبعا تجد نفسها (هذه الحكومة) اليوم في المحصّلة تفقد رصيد الشرعية الضحل أصلا وتعجز عميقا في مواجهة الاحتجاجات المختلفة، خاصة وان وعودها صارت فاقدة لكل ثقة.

وفي هذا الحوار ستعجز بالطبع كل السبل لترقيع الفتق، حتى لو كانت الاسئلة هزيلة واهية فاترة تفتقد الجدية في اغلبها، وفي النهاية الشعب اليوم مل الكلام وهو في حاجة للافعال، والكلمات لم تضف شيئا سوى تأكيد حالة العجز، في ظهور كان "لا حدث" بامتياز تفنن فيه الشاهد في القاء المسؤولية في اتجاه الجميع بما فيه الشعب وحتى الفايسبوك ناله "الجلد" الكبير، باتهامه بالسب والشتم والتحريض على العنف، المهم ان يجد الاعذار لتبرير عجزه عن التواصل مع الشعب وقناع المواطنين بكلامه!!

(*) قانوني وناشط حقوقي


Comments


8 de 8 commentaires pour l'article 141466

MedTunisie  ()  |Lundi 17 Avril 2017 à 15:22           
الشاهد وزير اول و ليس رئيس حكومة ولم نرى اضعف من هذه الحكومة منذ الاستقلال

Jraidawalasfour  ()  |Lundi 17 Avril 2017 à 12:08           
البلاد مرهونة والحكومة تحت الابتزاز....
الوزير الحمار....
قصة رااااائعة تترجم واقعنا السياسي....

يحكى أنه كان فى قديم الزمان فى احد الممالك الصغيرة ... ملك يعشق الصيد فى الغابات وكان لهذا الملك وزير مختص بحالة الطقس فإذا ما أراد الملك أن يخرج للصيد أمر الوزير أن ينظر فى أمر الطقس فيذهب الوزير ويضرب الرمل والودع ويقرأ مسارات النجوم ثم يعود للملك فيخبره إذا كان الطقس مناسبا للخروج أو غير ذلك . حتى جاء يوم أراد الملك أن يخرج للصيد وقرر أن يصحب معه اﻷ‌ميرة والملكة حتى يشاهدا براعته فى الصيد . وأمر الوزير أن يخبره عن حال الطقس فقال الوزير
الطقس رائع ومناسب جدا يا موﻻ‌ى فخرج الملك فى موكبه بصحبة اﻷ‌ميرة والملكة وما أن أوغلوا فى قلب الغابة حتى إنقلب الجو فجأة .. رياح وأعاصير وسحب وأمطار وأتربة وجزع موكب الملك وسقطت اﻷ‌ميرة والملكة فى الطين والوحل وغضب الملك غضبا شديدا ونقم على وزير الطقس أيما نقمة . وبينما هم عائدون إذ رأى على أطراف الغابة كوخا ﻷ‌حد الحطابين يخرج منه الدخان فطرق الباب فخرج إليه الحطاب فسأله الملك . لماذا لم تخرج لجمع الحطب ؟ فأجاب الحطاب
كنت أعرف أن الطقس سيكون اليوم سيئا فلم أخرج فاندهش الملك وقال وكيف عرفت ذلك ؟ فقال الحطاب عرفت من حمارى هذا !! فقال الملك : كيف ذلك ؟ قال الحطاب : عندما أصبح أنظر إلى حمارى هذا فإن وجدت أذناه واقفتان عرفت أن الجو سيئ وإن وجدت أذناه نازلتان عرفت أن الجو مناسب فنظر الملك إلى وزيره وقال له .. أنت مفصول وأمر بصرف راتب شهرى للحطاب وأخذ منه حماره وأصدر الملك مرسوما ملكيا بتعيين الحمار وزيرا للطقس ومنذ ذلك الحين صارت الحمير تتولى المناصب الرفيعة!
!👎🏿🗣👎🏿🗣👎🏿

MedTunisie  ()  |Lundi 17 Avril 2017 à 09:47 | Par           
من الاخر لا تنتظروا شيئ من هذه الحكومة و انشاء الله تمر بخير بدون اظرار او كوارث ، من مرقة بين على عشاه انتظاراتنا مشاريع و برامج مقنعة و انجازات تذكر

Jraidawalasfour  ()  |Lundi 17 Avril 2017 à 09:30           
بعد انتظارات وتفاؤلات من اول اجابة غيرت القناة...هل أصبحت تونس عقيمة لا قدر الله ؟؟؟


Oceanus  (Tunisia)  |Lundi 17 Avril 2017 à 08:38           
Le vrai responsable de ce qui se passe en tunisie est toute la classe politique arrive au pouvoir directement apres la revolution qui s est trompe de pays et d epoque.changer chahed ou ne pas le changer c est kif kif car les jeux sont fait avant son arrive et ce qu on essaye c est chercher un bouc emissaire pour faire de lui le responsable .

Nourammar  (Tunisia)  |Lundi 17 Avril 2017 à 08:34           
اول ماسمعت اول اجابة للشاهد عن اول سؤال طرح له حيث تنصل من مسؤوليته وعلى قول الكاتب تنصى من مسؤولية وحمل الحكومات المتعاقبة مذكرا بعدم تقديمه لاي وعود للشعب ونسيى او تناسى ان حزب النداء حزب قائم بالاساس على الوعود حين سمعت اول اجابة غيرت القناة...

Nourammar  (Tunisia)  |Lundi 17 Avril 2017 à 08:29           
مقال جيد لكن بصراحة العنوان محير فاول مرة اسمع بكلمة تفصي من مسؤولية كان من الاجدر قول تنصل حتى في معجم لسان العرب لا توجد كلمة تفصي

Mandhouj  (France)  |Dimanche 16 Avril 2017 à 23:47           
كيف كان خطاب يوسف الطفل ؟
كان خطاب تبريري لفشل طريقة حكم في التعامل مع وثيقة قرطاج ، حتى لا أقول مع مطالب الشعب .. وثيقة قرطاج وثيقة كاذبة .. عول السبسي على محسن مرزوق ليساند وثيقة قرطاج ! لكن الموازي يبقى دائما موازيا .. من ضرب في الظهر مرة يضرب في الظهر مرات و مرات .. لكن البجبوج لم يفهم هذا ، وهو المحنك سياسيا ، مثلما يقال عليه .. من يريد خدمة الشعب يجب أن ينسى من انتخبوه و يخدم الشعب ، يجب أن ينسى من مولوى حملية الانتخابية و يخدم الشعب .. نحن لسنا في دولة فيها عقول
تفهم في السياسة ، لنا عقول تحكم تفهم في خدمة من مول ؟

الدستور واضح في طريقة حكم البلاد .. سي الباجي إخترق الدستور عدة مرات .. يجب أن ينتهي حتى يستقيم عمر الحكم ، يجب أن يعتذر للشعب حتى ربما ترجع الثيقة في السياسة و في السائس ... يوسف الشاهد عول على سليم الرياحي ليساند الحكومة ! يا نار عمري .. سليم الرياحي يحب الموازي ، يحب مصلحته ، حتى نوابه هربوا من حزبه ...

من أين يبدأ الحل ؟
احتجاجات هذه الاسابيع يمكن بسهولة تحويلها لثورة ثانية ، لكن الشعب لا يريد ثورة ثانية .. الشعب يريد أن تفهم السياسي الحاكم أن خدمة البلاد تمر بالالتحام بالشعب و قواه الثورية و السياسية التي تريد محاربة الفساد في إطار عملية إصلاح عامة .. يعني تصحيح مسار الثورة .. الخيارات الليبيرالية و خوصصة البنوك و الشركات العامة ليست طريق إنقاذ البلاد .. ما يصلح في إسبانيا لا يصلح في تونس يا سي يوسف .. طريق تصحيح مسار الثورة يمر عبر إرادة سياسية قوية في إستكمال
المسارات كل المسارات و هكذا يفتح مسار التنمية .. دولة الفساد و البيرقراطية و المنظومات الموازية لا يمكن أن تفتح مسار التنمية ...

الكلام يطول و الله يهدي من خلق .

تونس يجب أن تكون لكلنا وطن يسع الجميع ، و يحمي الجميع ، و يضمن كرامة الجميع .. الله لا تحرم إنسان من وطن . هل يفهم حاكم تونس اليوم هذا الكلام ؟

هل أقنع يوسف الشاهد في خطاب مساء الأحد ؟ النتيجة على الموقع . استحي لأكتبها .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female