هل يمكن أن نمنع التونسيين من العودة الى بلادهم ؟

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/ppttunisie.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم أ. د. أحمد بوعزّي*

كثر الصياح في الآونة الأخيرة لمنع التونسيين من العودة من سوريا ، وحتى نواب حزب نداء تونس في مجلس نواب الشعب شاركوا في الحملة ، وهو شيء غريب ، كيف للمثلي الشعب التونسي الذين أقسموا على احترام الدستور أن يقوموا بحملة لمخالفته في أهمّ فصوله الحامية للمواطن التونسي.

الأسباب عديدة لهذا الموقف وأعتقد أن أهمها هو أن هناك في تونس من هو غير راض على محتوى الدستور وخاصة على فصوله الضامنة للحريات وحقوق الإنسان ، ويريدون اغتنام أول فرصة لتحويره والرجوع الى أيام قلع الأظافر وإدخال دبوزة الفنتا في الدبر بذريعة أن الذي أجرم في حق تونس (اقرؤوا الذين يخالفوننا الرأي) ليست له حقوق إنسان.



هناك سبب فردي وتنظيمي وهو محاولة بعض الصائحين منع الذين ذهبوا الى سوريا من الرجوع حتى لا تنفضح أمورهم - عند استنطاق الراجعين من طرف الضابطة العدلية - في مساهمتهم في تسفير شبابنا ليفجّروا أنفسهم في العراق والشام.
هناك أيضا من المنتسبين للـ«مخزن» الذين يرون أن تونس هي ملكهم هم فقط وليست ملكا أيضا للرعايا الذين يقطنون بلاد «السيبة» أو الضواحي الشعبية للمدن الكبيرة. وهم نتيجة شعورهم بانتمائهم يعتبرون أن لهم الحق في طرد من يشاؤون من البلاد وانتزاع الجنسية على أي من الرعايا الذين يريدون إبعادهم.
هناك أيضا من يعتبر أننا لا نملك سيادة وطنية ، وحاكمنا الحقيقي موجود خارج البلاد ، وإرادته أعلى من إرادتنا ، وعندما نتخاصم بيننا نرسل له خصومنا ليعاقبهم هناك. وهذا ينطبق خاصة على النواب الذين انتُخبوا لحماية البلاد والعباد والذين يريدون تسليم أبناء الوطن لبلاد أجنبية هدف قياداتها هو الانتقام من الذين هبّوا لمساعدة معارضيها ولأنهم يعتبرون أنفسهم كحاكمين بالوكالة عاجزين عن التعامل مع المشكل.
على كل ، كلهم لا يؤمنون بدولة القانون ولا بالدستور ولا بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس وأصبحت بذلك أعلى من القوانين المحلية. وأغلبهم لهم عقلية الدواعش ، يريدون القتل على الشبهة خارج الأطر القانونية ، ولا يؤمنون بقضاء عادل فيه كل الضمانات للحقوق الفردية والجماعية للمتهمين والمتقاضين ، ولا يؤمنون بالمبدإ القانوني الذي يقول أن المحاكمات والعقوبات المترتبة عنها لا تكون إلا فردية ولا يمكن لمحكمة أن تحكم جماعيا على الشبهة.

رأيي الشخصي إجماليا أعرضه فيما يلي :
1- نحن دولة متحضرة تحترم قوانينها ودستورها والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها وكلها لا تسمح بمنع أي تونسي من العودة الى بلاده مهاما كان وضعه ولا تسمح بحرمانه من جنسيته ولا بحرمانه من حقوق الانسان التي نعمل على أن يتمتع بها كل تونسي وكل قاطن بتونس دون ميز.
2- كل تونسي قام بجريمة إرهابية يجب أن يحاسب عليها حسب قانون الإرهاب سواء قام بها في الداخل أو في الخارج حسب نفس القانون ، وكلام الرئيس السبسي مخالف للقانون وتدخّل في ما لا يعنيه لأن ذلك مهمة السلطة القضائية المستقلة عن السلطة التنفيذية.
3-
4- الدول المتحضّرة لا تقوم بالإعدام خارج إطار القضاء والدول التي خالفت القانون الدولي وقامت بذلك مؤخرا هي اسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة وسوريا (حسب علمي) ونحن ضد إعدام التونسيين خارج الأطر القانونية سواء في تونس أو بالوكالة من طرف المخابرات السورية.

5- كل من يرسل تونسيا لسلطة سياسية او استخباراتية او عسكرية أجنبية لتنفذ فيه أحكامها سواء بضمانات قانونية أو دونها يفتقد للوطنية ، وزيادة على مخالفته للدستور فإننا لن نستثيقه على حاضرنا أو مستقبلنا الجماعي والفردي ، وكنا نهزأ من ≠القذافي الذي أرسل عملاء لتفجير طائرة أمريكية وقتل 250 مسافر بريء ثم بعد ذلك سلّمهم الى القضاء السكوتلندي ليحاكمهم في خارج ليبيا حسب قانون اسكتلندا ، واعتبرنا ذلك قمة النذالة وقمة الانحطاط لأن دور كل حاكم هو حماية محكوميه ضد الخارج مهما اقترفوا من جرم ويجب محاكمتهم في الداخل إن استحقوا المحاكمة.

6- أنا أعادي دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) ليس لمحاولتها تحقيق حلم البعض بإرجاع الخلافة فهذا لا يهمّني ، وليس لمحاربتها دكتاتورا ورث السلطة عن أبيه وواصل مثله تقتيل من يخالفه الرأي (300 ألف قتيل لحد الآن) ويعاقب الناس جماعيا ولم يهرب مثل بن علي لينعم الشعب السوري مثل الشعب التونسي بالحرية والديمقراطية ، وشرّد أبناء بلده الذين أصبحوا يتسولون بالملايين في الخارج ، بل أعادي داعش فقط لأنها تريد إرساء دولة غير دولة القانون تستعمل قضاء متخلفا سواء من ناحية القوانين أو من ناحية سير المحاكمات ، ولأنها تنفّذ حكم الإعدام في كل من يخالفها الرأي (أنا مع إلغاء حكم الإعدام في كل بلدان العالم) ، ولأنها تعتبر الديمقراطية كفرا ، ولأنها ضد وجود دستور أصلا (مثل السعودية وإسرائيل) ، وبالتالي فلست مستعدّا أن أقبل من أي كان تطبيق سياسة داعش أو سياسة السعودية في تونس سواء كان داعشيا أو معاديا لداعش ليقتل خارج إطار القانون كل من يرى – حسب رأيه – أنه يستحق ذلك.

7- أنا مع دولة القانون ومع محاكمة من يرجع من سوريا أو من غيرها كما هو مكتوب في القانون ومع الضمانات الموجودة في الدستور عند محاكمته.

8- نحن نتعايش مع بعضنا في نطاق القانون ويجب أن نحترمه كلنا تفاديا للحرب الأهلية وهذا رمز للتحرّر ، وتونس ملكنا جميعا لا يمكن أن نحرم أي تونسي من ملكيتها سواء لمخالفته رأينا أو لمتاجرته بالمخدرات أو لاقترافه جرائم إرهابية أو لاغتصابه لقاصر ، وكل من يرتكب جرائم مخالفة للقانون نوقفه ثم نحاكمه ولما تنتهي عقوبته نساعده على الاندماج الاجتماعي ونراقبه على لا يعيد جريمته. لكنه يبقى مشاركا لنا في ملكيته لبلاده حتى لما يكون في السجن. هذا ما يقوله القانون ولا يحق لأي منا أن يتصرّف خارج القانون.

9- درجة التحضّر الإنساني الذي وصلنا إليه اليوم تجعلنا نكتب قوانيننا بدم بارد دون ضغط الرأي العام ونناقشها بصورة عقلانية ثم نصوّت عليها ، ولا نكتب قوانين على المقاس أو نبدّلها على المقاس. والتصرّف الصحيح في هذا المجال يحمينا من مصائب قد تؤدّي الى تفتت وتشتيت شعبنا واحتلال بلادنا وافتقاد سيادتنا الوطنية أكثر ممّا هي مفقودة. وتمثّل سوريا بالنسبة لي المثال السلبي عندما بدّلوا دستورهم في ثلاث ساعات (عوض ثلاثة أشهر فاصلة بين قراءتين كما يقول نفس الدستور) تحت ضغط موت رئيسهم وضغط من يريد توريث السلطة لابنه وبدّلوا الفصل الخاص بسنّ المترشّح على مقاس ابن الرئيس المتوفّي ليصبح رئيسا يفتّت بلاده إلى أشلاء ويتسبّب في محوها سياسيا وتهجير مواطنيها والقضاء على سيادتها الوطنية وجعلها مرتعا لكل الحركات الإرهابية والحركات المصنّفة غير إرهابية ولكنها تابعة لقوى أجنبية ومرتعا لجيوش كل الدول الطامعة في الاستفادة من ثروات البلاد ومن موقعها الجغرافي.

هذه هي المبادئ العامة التي تنير سبيلي في اقتراح أي قرار فيما يخص هذا الموضوع ، أمّا ماذا نفعل بالتدقيق فإني اليوم خارج السلطة وليست لي مسؤولية تخوّل لي اقتراح قرارات تضمن للبلاد الأمن والاستقرار ولكنني سأساند كل الاقتراحات التي تحترم هذه المبادئ.


*أستاذ جامعي وناشط سياسي


Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 136050

Azzah  (France)  |Jeudi 5 Janvier 2017 à 22:13           
Je vais être franche.

Ces jeunes paumés, sans identité, ayant plongé dans ce vers quoi ils ont été conviés, serven, servent beaucoup à ces gouvernements qui nous parlent de démocratie.

Dès que le peuple lève la tête on lui envoie un jeune barbu ceinturé d'explosif, et dès la première explosion le peuple se rassoie.

Ensuite, on fait plâner sur lui l'ombre de la peur en parlant de "terrorisme" constmment, quitte à faire exploser un enième jeune barbu pour prouver à ce peuple que vraiment le terrosime est bien présent, et que c'est un réel problème.

C'est un réel épouvantail, un Balalou.

Si un journaliste israelien a pu franchir les frontières en toute "légalité", si des agents du mossade ont pu circuler et mettre au point un assassinat en toute légalité, pourqoui nos jeunes "terroristes" n'y auraient-ils pas droit ? à cette légalité ? Suivra peut-être Leila Trabelsi, qui sait ?

Wahabi  (Tunisia)  |Jeudi 29 Decembre 2016 à 11:11           
قبلنا بتوبة أمنيي بن علي من الإرهاب الذي مارسوه على الشعب و في السجون، و قبلنا بتوبة من عذب اليوسفيين و الإسلاميين، و قبلنا بتوبة من سفّر الشباب إلى سوريا و سهل لهم قنوات "الجهاد"، و قبلنا توبة من مرر السلاح إلى ليبيا و غض النظر على تخزين السلاح في تونس، و قبلنا في التسعينات بتوبة من حرق و فجّر ثم تاب و استغفر. كل هؤلاء المذكورين هم من أنتج هذا الشباب المنغلق المتطرف و هم من دفعوهم للجهاد دفعا. أفنتوب على من صنعوا الإرهابيين و هم قادرون على
صنع غيرهم، ثم نحاسب هذا الشباب المغرر به ؟ هذا لا يعني أن هؤلاء الشباب المغرر بهم هم ضحية و أبرياء ، بل هم مسؤولون عن أفعالهم، لكن لولا الأطراف التي صنعتهم و مولتهم و سهلت لهم مشروعهم لما تمكنوا من فعل أفعالهم. عوض إرشاد الشباب الضال و إصلاحه، هناك أطراف داخل تونس استغلت حماسهم و ضعف رأيهم فاستعملتهم في أهدافها ، ثم لمّا استكملت العمل بهم أرسلتهم إلى الجحيم عبر تسليحهم و تسفيرهم. ثم اليوم تنكرت لهم و تبرأت منهم. هذه الأطراف إن لم تحاسب، فلا معنى
و لا جدوى لمحاسبة الإرهابيين.

Nordunord  (Tunisia)  |Mercredi 28 Decembre 2016 à 14:15           
لا يدافع عالى الارهابي الا من كان من طبنته

Moezz  (Tunisia)  |Mercredi 28 Decembre 2016 à 10:33 | Par           
وانا اقرأ التعاليق استوقفني تعليق "قتلني بالضحك". واحد قال اللي التونسي هو اللي يحب بلاادو..... الخ من الكلاا م الخشبي. تونس عاش فيها البيوع والقواد والانتهازي والرجل الطيب والسارق والامين والمغتصب بكسر الصاد والمغتصب بفتحها والمعذب بكسر الذيل والمعذب بفتحها و.... كلهم عاشوا في تونس بدون ان يحبوها ولكنها مسقط رؤوسهم ولاا مفر منها ولكن الحب غير موجود .لكل الحق في العودة الى بلده مهما كان جرمه ولكن ليتحمل مسؤوليته

BenMoussa  (Tunisia)  |Mercredi 28 Decembre 2016 à 03:08           
شكرا للكاتب
تحليل قيم وان شابه بعض الطول
كان من الاجدر تقسيمه الى مقالين يحتوي الاول على المقدمة وهي عدم جواز منع التونسي من العودة لبلاده ويحتوي الثاني راي الكاتب حول عودة المشبوهين وكيفية التعامل معهم

Moezz  (Tunisia)  |Mardi 27 Decembre 2016 à 20:39 | Par           
بالنسبة للذين بطالبون بفعل ما فعلته امريكا بانشاءها مخيم قوانتانامو فاتمنى ان يخجلوا من قولهم هذا لان هذا العمل اخجل البعض من رؤساءها وعملوا على اغلاقه. ثم ان امريكا افردت مواطنيها الذين قاتلوا مع طالبان بمحاكمات في محاكم مدنية وامتازوا بكامل حقوقهم

Moezz  (Tunisia)  |Mardi 27 Decembre 2016 à 20:33 | Par           
اولا لا اتصور انهم سيعودون. ثانيا لا احد يمكنه ان يمنع اي تونسي مهما كان اجرامه ان يعود الى بلده وان يحضى بمحاكمة عادلة ومحامي...... اي منع ستحكم به ابسط محكمة بالبطلان من اول جلسة.اطرحوا السؤال على اي محامي او قاضي وسوف ترون الاجابة. الموضوع هذا داخل في منطق السب واللمز والاتهام لطرف سياسي حافظ على تماسكه في وقت تشق البقية شقوق لا حصر لها. دعوا القضاء يعمل بالقانون فقط القانون ومن فعلت يداه يتحمل الثمن. ماذا لو قرر بن علي العودة هل ينمنعه وهل ننسى اننا كنا نطالب من السعودية تسليمه. هذا اذا قرروا العودة ولا اطن انهم سبفعلونها. بالنسبة للذبن عادوا فيجب تشديد الرقابة ولا نيتطبع اكثر من هذا


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female