الفكر الأسود

<img src=http://www.babnet.net/images/5/orguod.jpg width=100 align=left border=0>



منجي بــــــــاكير


إنّما تنهض المجتمعات و الشّعوب بما لديها من فكر ، فكلّما تواجد لدى هذه المجتمعات مفكّرون أكفّاء ، كلّما كانت في حال أفضل لفهم الحياة و مدلولات كلّ الدوائر المرتبطة بها و بالتالي تتمكّن من توظيف نتاج هذا الفكر – الفاعل – في خلق التطور و فكّ شفرات سننه لدفع الضرر و استجلاب المصلحة و النّفع .



الفكر يمكن أن يكون فكرا إيجابيّا – أبيض – فكرٌ يحمل على عاتقه مباشرةَ قضايا الإنسان و البحث في مشكلات الحياة لديه و تفسير الإبهامات الحاصلة عند الفرد و المجتمع التي من شأنها أن تؤخّر نواميس التطوّر و تعرقل حسن استغلال المؤهلات و تحجب طُرق استثمار الطاقات الكامنة و المتفجّرة ذاتيّا ...

لكنّ هذا الفكر يمكن أن يتأتّى أيضا في شكل فاسد مفسد ، فكر – أسود – تماما و مقايسةً مع – السّحر الأسود – فهو فكر ينحى طريق الطلاسم و الهرطقات و الشذوذات و الشّعوذات و كل ما شأنه أن يفسد العقل و يغيّبه ، بل يختطف مقدّراته إلى متاهات تؤجّج من استفحال و انتشار الأمراض السّلوكيّة الإجتماعيّة و اللّوثات الفكرية الجسديّة و بالتالي فإنّها تصرف المجتمعات المستهدفة بهذا الفكر الأسود إلى إشاعة الفساد و استجلاب التهلكة و تصيبه في مقتل بتقبيح الجميل و تجميل القبيح و خصوصا استباحة معين الفطرة الإنسانيّة فتختلّ عندها موازين الحقّ و العدل و الفضيلة ومفاهيم الخير و الشرّ و باقي الجماليات التي هي في الأصل المؤطر الحقيقي لضوابط الأعراف الإجتماعيّة الضّامنة للصّلاح و الدّافعة لحب البقاء و ما يتطلّبه من تقدير قويم للذّات الإنسانيّة .
هذا الفكر – يتطبّع – غالبا و يدخل في دوائر المسكوت عنه أو المقبول بالواقع و لا يقف زحفه الفاسد إلا إذا ما عارضه ما يناسبه من فكر قويم ،،، يتطبّع هذا الفكر كما هو الحال في كثير من بلاد العالم و بلادنا نموْذجا لذلك ، يحصل له هذا التطبّع و يسهل استئناسه في – الفعل – الإجتماعي و السلوكات الجماعيّة و المفهوميّات العامّة أكثر إذا ما – تلقّفته – وسائل إعلام تتخذ من صنع الغباء شعارا و ترضيةً لرأس المال الذي يشغّلها و يوظّفها و يقف وراءها توجيها و استثمارا قبيحا لا يهمّه إلاّ جشعه و نهمه للمادّة ....
هذا الفكر الأسود هو نذير خراب المجتمعات خصوصا إذا ما باشر الواقع الأدبي الثقافي أو أدار السّياسة العامّة و ما يتفرّع عنها من السياسات الإجتماعيّة و الإقتصاديّة و غيرها إذ أنّه يجتثّ المجتمع عن أصوله بخلق التشكيك و زرع الإحباط و تنمية الإحساس بالنّقص تُجاه – الآخر - ، و هو غالبا فكرا وصوليّا مصلحيّا ذاتيا لحملته أو فكرا للإيجار الخارجي .
و عليه أنّ كلّ إصلاح شامل يُراد به رفع المظالم و إرساء سبل للتنمية و خلق الثروة و توزيعها بالعدل لابدّ أن يمرّ من - بوّابة – إصلاح الواقع الفكري و تطوير – العقليّة – سواء لدى العوامّ من المجتمع أو لدى مجاميع النّخب و تجريدها من الإنحراف الفكري و الإغواء العقلي ...




Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 127057

MOUSALIM  (Tunisia)  |Lundi 20 Juin 2016 à 00:12           
الفكر الأسود ليس مقايسة وعلى وزن السحر الأسود بل هما وجهان لعملة نقدية واحدة فالفكر الأسود يستهدف العقل الباطن وهو دماغنا الانفعالي بالبطن وهو نفس الدماغ الذي تقوم عليه كل الأعمال السحرية فهل تعلم أن دماغ البطن هو قنديل علاء الدين السحري واستخراج خادمه أمر متداول منذ القدم وإلى اليوم ودماغ البطن هو إبليس والشبح والجن وهو طيع ويتشكل بكل ما يطلب منه كأن يتحول لنسر مثلا ويحمل صاحبه في جولة وهو سر الأسرار في ألعاب أكبر سحرة العالم

هاو واو  (Tunisia)  |Samedi 18 Juin 2016 à 22:50 | Par           
"خصوصا استباحة معين الفطرة الإنسانيّة " اخبث الفكر ابتدعه اليهود.... و هو اساس الحرب على التعاليم الاسلامية .... تونس كمثال

Hassine Hamza  (Tunisia)  |Samedi 18 Juin 2016 à 14:14           

نُخبتنا هي نَكبتنا
الا ما رحم ربي

ولله الحمد


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female