الاستسقاء يجلب خير السماء، لو علمت يا سلوى

أبو مــــــــــازن،
جامعي
جامعي
نقاسمك المهنة لو علمت يا زميلتنا العزيزة ولكنك تقاسمين العامة مفاهيمهم البسيطة للقضاء والقدر فتخلطين بين التخيير والتسيير والدعاء و حتمية الاستجابة. فحديثك عن المطر والاستسقاء والسعودية و تونس يمكن أن نعتبره فضفضة المتأزم من وضع فكري أو سياسي معقد بددت فيه الأحلام و تاهت حوله تلك الصورة النمطية التي تنتصر فيه الحداثة المزعومة آخر الفيلم.
وجدت حديثا تفتقد فيه النظرة العلمية والأكاديمية البحتة فلا ينتصر للظواهر الطبيعية التي حددت كنه تساقط الأمطار لمّا ترتطم جبهة باردة وأخرى ذات حرارة مرتفعة قد قدمت وفقا لتيارات يتحكم فيها الضغط الجوي. هناك اذن من يحرك السحاب في نسق دقيق أخضعناه وقتيا لمعادلات علمية نسبية تجمع بين العوامل الجغرافية والأحوال الجوية. فان كانت الأمطار في الغالب لا تكاد تفارق خط الاستواء سواء آمن سكانه أم كفروا فانها شحيحة في الصحراء الغربية أو الربع الخالي أو صحراء نيفادا.

الحمقى والمغفلون و سريعو الالتهاب الايديولوجي والفكري يهرعون بسرعة لاستنتاج أن حظ العرب والمسلمين من المطر قليل لسبب ما حسب تقدير كل منهم. أما أهل الحداثة المزعومة فيعزون طلب الاستسقاء لجهل و دغمائية و قروسطية مبالغ فيها تحيد بالمجتمع عن طريق التقدم العلمي وأما أهل التزمت فيعزون ذلك الأمر لأهوال ما اقترفت يد الانسان و لحياده عن طريق الحق. فان كنت أجد الأعذار لأهل التزمت لما لمس العربي المسلم من تصحر ديني و سوء فهم لعقيدته فانه لا يعذر من يدعون أنهم أهل العلم الذي يقودهم الى مسلّمات غريبة لا تقنع الأبله والمعتوه. هناك أمطار غزيرة لا تكاد تغادر أقواما مختلفة دينيا عنّا و هناك أيضا أمطارا غزيرة قد تصيب الصحاري في برهة من الزمن فتنال ما تكتفي به الأرض والحيوان لسنين اذ أنّ البيئة الطبيعية قد تعودت على شظف المياه فاختارت الجمل و الصبار والسحالي و أنواعا شتى من الحيوان التي تزهد في المياه. لو ينبئنا كلا الفريقين بتفسير لما يحدث خلافا لما يقتضيه الايمان ولما تقتضيه الطبيعة حسب زعمهم؟
تعالى الله عز وجل، أن يقود الحياة ويقسم الأرزاق بمفاهيم وعلوم ابتدعها الانسان ليسخر خيرات الأرض والسماء بنسبية محدودة. ستكون حينها حياة عبثية يعرف الفرد مآله فيفتقد كنه الحياة و يفتقد الطموح الذي يحركنا ثم يخشى الفناء، قال الله تعالى : أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ . تعالى الله عز وجل أن يكون حسابه سريعا وهو القادر على ذلك وهو صاحب المغفرة لو شاء لمنح العصاة فرصة فيتوبون من قريب.
المسلمون يمتثلون لصلاة الاستسقاء كلما حبست السماء ماءها امتثالا لأمر الله واقتداء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. هذه مسلّمات يمتثل لها المؤمن عموما والمسلم خاصة اذ أن دواليب الكون رهن لارادة الله وفق أحكام بيّنها لنا وحيا و أحكام اكتشفتها تجربة الانسان على الأرض و أحكام أخرى لا زالت غامضة قد يكتشفها الانسان يوما ما وقد تحتفظ بسرها الى قيام الساعة. اذن، طلب الاستسقاء لا يناقض الحداثة لما نجهل من أحكام لهذا الكون ولنسبية علومنا التجريبية التي تطورت ولكن لم تبلغ القدر الكافي لتسيير السحاب وصناعة الأمطار و حبس المياه على أقوام و مدها لأقوام أخرى. أما الاستجابة فتتطلب صدق ايمان و قرب من الله ودعاء صادق يبدو أنه نادر هذه الأيام فان كنا نسلّم أن الله صانع الكون و صانع الحياة والممات لكل الكائنات فهو حتما يملك أمر المطر لأن الماء عين المادة، ، قال تعالى : وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ . فالله يملك تسخيره وفق القوانين الذي ارتضاها وقد علمنا بعضها وجهلنا جلّها، قال تعالى : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ .
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل، اللهم اسق عبادك وبهائمك ، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت واغفر للقوم الذين يظنون انهم يعلمون وهم لا يعلمون.
Comments
35 de 35 commentaires pour l'article 118773