اسقاط تركيا للطائرة الروسية هل سيكون ''المفجر'' لحرب اقليمية او حتى دولية؟

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/atwan-ok13.jpg width=100 align=left border=0>


عبد الباري عطوان
رأي اليوم







لا نجادل مطلقا في حق تركيا في الدفاع عن حدودها واجوائها الوطنية من اي انتهاكات، لكن اقدامها على اسقاط طائرة حربية روسية هو بمثابة اعلان حرب على دولة عظمى، قد تترتب عليه نتائج خطيرة جدا، من ابرزها زعزعة الاستقرار، وانهيار الاقتصاد، والغرق في مستنقع حرب استنزاف، ان لم تكن حربا حقيقية فعلا.
هناك فارق كبير جدا بين اسقاط طائرة حربية سورية من طراز قديم متهالك، انتهى عمره الافتراضي، واسقاط طائرة حربية روسية، وقتل طياريها على يد قوات تركمانية سورية تحظى برعاية انقرة ودعمها، كما اعلن حتى كتابة هذه السطور، وهذا الفارق قد تدركه تركيا جيدا فيما هو قادم من ايام.
السلطات التركية تعايشت مع اختراقات سابقة لطائرات روسية لبضعة امتار، او حتى كيلومترات قرب حدودها مع سورية، والانتهاك الاخير استغرق بضعة ثوان حسب “النيويورك تايمز″، وكان هذا التعايش هو قمة الحكمة وضبط النفس، ولا نعرف لماذا غيرت مثل هذه الاستراتيجية اليوم، وامرت طائرتين من طراز (اف 16) بإسقاط الطائرة الروسية المعنية، فهل ارادت تركيا “متعمدة” اشعال فتيل حرب مع روسيا بتحريض امريكي؟ ام ان بوتين استفزها بإرسال هذه الطائرة لجرها الى حرب اقليمية؟
*

لا نملك اي جواب على هذا التساؤل، ولكن كل ما يمكن قوله ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكون من الصعب عليه ابتلاع مثل هذه الاهانة، وعدم الرد عليها بطريقة اقوى، فليس من عادته الصبر وعدم الرد على الاهانات، ولا يتردد مطلقا في الانتقام، اما بحرب مباشرة او بالانابة في اسوأ الاحوال.
فاذا تمعّنا في ردود الفعل الروسية الاولية على اسقاط هذه الطائرة، نجد انها توحي جميعا بأن الانتقام بات وشيكا، وقد يكون عسكريا، ولن يقتصر على اسقاط طائرة تركية، “اي الطائرة بالطائرة والباديء اظلم”، فقلب الرئيس بوتين مملوء بالغضب والحقد تجاه المثلث التركي السعودي القطري، وجاء اول تعبير على هذا الغضب صريحا واضحا في مقال نشرته صحيفة “برافدا” الروسية الاوسع انتشارا قبل يومين، توعدت فيه على لسانه (اي بوتين) بهجمات صاروخية ضد هذا المثلث، الذي يرعى الارهاب ومنظماته، حسب قوله.
وكالة الانباء الروسية الرسمية نقلت صباح الثلاثاء عن الرئيس بوتين قوله “ان اسقاط الطائرة الروسية طعنة في الظهر من جانب المتواطئين مع الارهابيين”، وذلك اثناء لقائه مع العاهل الاردني عبد الله الثاني في سوتشي، وحذر من انه “سيحدث عواقب خطيرة في العلاقات بين البلدين”.
اغتيال دوق نمساوي كان المفجر للحرب العالمية الاولى، فهل سيكون اسقاط الطائرة الروسية هذه المفجر لحرب اقليمية او دولية، خاصة ان تركيا عضو في حلف الناتو؟
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد يكون أُستدرج الى مستنقع دموي من الصعب عليه الخروج منه بأقل الخسائر، ماديا وبشريا، حتى لو لم يأت الرد الروسي حربا شاملة، ولا نبالغ اذا قلنا ان انجازاته الاقتصادية الضخمة التي اعادت انتخاب حزبه (العدالة والتنمية) لاربع مرات متواصلة، ووضعت تركيا في المرتبة السابعة عشرة كأقوى اقتصاد في العالم، على وشك التبخر، والشيء نفسه يقال عن استقرار تركيا وامنها.
قبل شهر زار الرئيس اردوغان موسكو ووقع اتفاقات تبادل تجاري ضخمة، وتوقع ان يرتفع حجم هذا التبادل الى اكثر من ثلاثين مليار دولار في غضون خمس سنوات، ولا نعتقد ان هذه الاتفاقات ستصمد، وان هذا الطموح سيتحقق في ظل التوتر الحالي بين البلدين.
والاخطر من ذلك اقتصاديا ايضا، ان صناعة السياحة التي تدر 36 مليار دولار سنويا على تركيا ستتضرر كثيرا، فمعظم السياح الذين يزورون تركيا، ويبلغ تعدادهم حوالي 46 مليون سائح سنويا، وانا احدهم، قد يتجهون الى بلاد اخرى، ومن بينهم حوالي 4.3 سائح روسي.
الرئيس اردوغان استدعى سفراء 28 دولة اعضاء في حلف الناتو لاطلاعهم على دوافع اسقاط الطائرة الروسية، وكأنه يستنجد بهم للوقوف الى جانب بلاده في مواجهة اي انتقام روسي محتمل، وهذه خطوة متوقعة، ولكن هل ستستجيب هذه الدول، وتدخل حربا عالمية ضد روسيا؟
حلف الناتو لم يتدخل لحماية تركيا عندما هاجمت فرقة كوماندوز بحرية اسرائيلية سفينة مرمرة في المياه الدولية قبالة شواطيء فلسطين المحتلة (29 ايار 2010)، ولم يوجه الحلف اي انذار لاسرائيل، او يفرض عليها عقوبات لانها اعتدت على دولة عضو فيه، لسبب بسيط، وهو ان تركيا دولة مسلمة، واسرائيل اقرب الى قلب حلف الناتو واعضائه منها.
التدخل التركي في سورية بدأ ينعكس عليها حربا وعدم استقرار، وربما التفكيك والصراع الطائفي، وربما العرقي ايضا، وللأسف لم يحسب الرئيس اردوغان وحلفاؤه حسابه بشكل جيد ودقيق، فقد اعتقدوا ان هذا التدخل سيكون “نزهة”، والنظام السوري سيسقط في غضون اسابيع، او بضعة اشهر، مثلما حدث في تونس وليبيا ومصر واليمن، وسارعوا في تقديم العروض باللجوء الى الرئيس السوري واسرته، وها هي الايام تثبت خطأ هذا الاعتقاد حتى الآن، وبعد خمس سنوات على الاقل.
*

حتى لو افترضنا ان روسيا لن تقدم على اعلان حرب، جزئية او شاملة، ضد تركيا، وتحلت بضبط النفس، واستجابت للوساطات المتوقعة في الساعات والايام المقبلة، فإنه يكفيها الانتقام بتقديم الدعم العسكري والمالي لحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل النظام التركي، ويطالب باستقلال الاقاليم الكردية شرق البلاد، وهذا كفيل باستنزاف النظام التركي، وتحويل تركيا الى “سورية اخرى”.
المثلث التركي السعودي القطري استدرج ضلعيه الثاني والثالث الى مستنقع دموي في اليمن، وها هو، الضلع التركي الثالث، على حافة الغرق في مستنقع آخر اكثر خطورة في تركيا، ان لم يكن غرق فعلا، مما يعني خسائر بشرية ومالية ضخمة، والمزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة بأسرها، وتبخر كل عوائد النفط الحالية، والاحتياطية، والقادمة ايضا.
نعترف اننا نرسم صورة قاتمة مرعبة في هذا المقال، ولكننا لم نكن نبيع الوهم في اي يوم من الايام، فهذا ما جرنا اليه المخطط الغربي، والغباء العربي للأسف الشديد، والايام المقبلة قد تكون حبلى بسيناريوهات اكثر دمارا ورعبا، والله يستر.



Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 115986

Adam1900  (Poland)  |Samedi 28 Novembre 2015 à 12:55           


بتأكيد أن إسقاط الطائرة الروسية مدبر بشكل متقن للغاية مع الإصرار والترصد .. لكن إخراج السيناريو كان سيئا ومفضوحا للغاية وضع الناتوا وحكومة تركيا في عنق الزجاجة .. ربما قد غرر الغرب بتركيا وليدخلها في صراع مسلح ضد روسيا ..
وهذا أمر خطير جدا سيظهر أن روسيا تحارب المسلمين .. و قد تكون خدعه لإضعاف روسيا .. اوردوغان دمر بعض الدول المسلمة بدهاء .. أردوغان حليف للغرب ولكنهم مستعدون للتضحية به خدمةً لمصالحهم .. المطلوب الحذر والحكمة من روسيا في هذا الوضع المعقد .. وإذا ضربت عليها أن تضرب الرأس وعليها الحذر من غدر الدول الأخرى كما فعلت تركيا .. فالتودد لا يعني عدم الغدر! الغدر ليس من شهامة المسلم بفعلته هذه يدخل حتما قائمة المنافقين ..

Mandhouj  (France)  |Vendredi 27 Novembre 2015 à 19:03           
الدور الروسي واضح ، العمل على إبقاء حليف في الحكم ، أن يكون بشار أو غيره ، هذا ميش مشكل . الهم الروسي الأول هو أن تبقى حدود إسرائيل محمية من جهة الجولان و أن يكون موقع قدم للدب الروسي في منطقة الشرق الأوسط .

الثورة السورية لم تبقى ثورة شباب يريد الحرية و الديمقراطية ، و إنهاء حكم الحزب الشمولي البعثي. أصبحت حرب أهلية بين الطوائف و الأعراق .
المستفيد الأول هي الصناعات الحربية الغربية و الشرقية ، شراء السلاح في السوق السوداء على قدم و ساق ، أموال طائلة تدر على تجار الإرهاب.

شرق أوسط جديد لا يخيف إسرائيل ، و يضمن هيمنة الدول الكبرى على الثروات، لا يتحقق بدون فوضى عارمة ، و جغرافيات قومية مجزأة و مقسمة .

هل يوما سيكون لشعوب المنطقة دور مقاوم للتصدى لهذا المخطط الجهنمي ؟ اليوم الأمور مختلطة كثير... و رؤية المستقبل لعشر أو عشرين سنة قادمة أمر صعب، سوى تواصل الفوضى و حروب الدمار و التهجير بالجملة .

كذلك شرق أوسط جديد على المنوال الأمريكي الإسرائيلي لا يمكن أن يحدث مع وجود جار مستقر (المغرب العربي ). لذا ممولين الإرهاب في المغرب العربي (خاصة ليبيا ، تونس ، الجزائر ) سوف لا يهدأ لهم بال . هؤلاء يريدون ليبيا مقسمة ، تونس بدون سلم أهلي و لما لا جزائر غير مستقرة .

أما تركيا ، فالجميع (حتى بعض أحلافها الخليجيين و الغربيين ) يفكر لها كيفية إخضاعها لخدمة الدور الامبريالي الأمريكي . استراتيجيا كيف ستتعامل تركيا مع هذا المخطط ؟ لست أدري . الذي أنا متأكد منه ، هو إن شمل عدم الاستقرار الدائم أو حتى التقسيم لدول المغرب العربي ، حينها يمكن أن نقول أن تركيا الديمقراطية يمكن (بل أكيد ) أن تصبح لقمة سائغة للطموح الامبريالي .

كيف يمكن التصدي لهكذا مخطط على الأقل في دول المغرب العربي ؟ بالتنمية و بالوحدة الوطنية ، التي لها معنى العدالة الاجتماعية ، تكافأ الفرص ، حقوق الإنسان ، التنمية البشرية . أما السكوت على العمل الحكومي و على الخيارات الحكومية الخاطئة ، فهو مشاركة في الجريمة الكبرى .

هل الشعوب ستعي هذا و تبني وعي سياسي يفهم التحديات و يصنع الحلول السريعة و المستقبلية ؟
الجواب :

إذا الشعب يوما أراد الحياة :: فلا بد أن يستجيب القدر .

MSHben1  (Tunisia)  |Jeudi 26 Novembre 2015 à 16:42           
قوة عزم الامور لن تنفك حتى يتم الله امرا كان مفعولا نصرة الحق و العدل العالميين و ضهور حلف الخير ( روسيا ايران سوريا العراق لبنان الصين الباكستان الهند الاختين الكوريتين متضامنتين و دون صراع شمال افريقيا امريكا الجنوبية ) و انهيار امريكا من الداخل عبر الملونين اي السود و من الخارج عبر ضرب مجالها الحيوي اي اساطيلها و انتقال حرب السكاكين في فلسطين لتدك اسرائيل بكل سهولة و يسر . الاروبيين سيروا انه من الاجدر لهم الانطواء على انفسهم فلا يدخلون الحرب
و لا يتبون امريكا . خلاصة قوة عزم الامور ذهاب آل سعود و تركيا و امريكا و اسرائيل سيكون بكل سهولة و يسر و فجائيا كما كانت الثورات العربية . و بعدها سيبدأ فجر الاخوة العلمية البشرية و حرية التدين الحقيقية .

انا mshben1.

MSHben1  (Tunisia)  |Jeudi 26 Novembre 2015 à 16:27           
انا mshben1 حدثتكم منذ امد طويل عن اي سنوات عن دخول كل الدول العربية في حروب مجنونة و غير استراتيجية بل و هدامة و قلت لكم انها ستطال آل سعود السعودية و تركيا الاردقانية و كذلك ليبيا . و ها نحن اليوم ننتظر دخول تركيا المعمعة ثم ليبيا او ليبيا ثم تركيا . الله اعلم انه علام الغيوب . قوة

MSHben1  (Tunisia)  |Jeudi 26 Novembre 2015 à 16:18           
لا غرابة في قيام حرب عالمية . هذا الامر كان متوقعا منذ السنة الاولى للحرب المذهبية السورية و الآن اصبح متوقع اكثر خاصة اذا انقلب السحر على الساحر و العميل المميز الاول و كانت تركيا في قلب الحرب بعد ان راحت السعودية الساحر و العميل المميز الثاني في قلب حرب طويلة و استنزافية ضد اليمن . الامر مرهون في عملة ثانية تعملها تركيا ضد روسيا او مرهون ايضا في ظربة تأديبية لتركيا من قبل روسيا . انا خبير الاستراتيجيين ارى كرد للروس دون المساس بالشعب التركي هو
ضرب قصر اردقان العميل و رأس العمالة الصهيو امريكية بصاروخ من الطراد الروسي في سوريا لأنه هو من اعطى الامر لاسقاط الطائرة الروسية و هو المتهم الاول في هذه القضية . الشعب التركي لن يرد لأنه يعرف ان الامر دبر بليل بتواطىء خبيث امريكي اردقاني . و الشعب التركي يعرف ان سياسة العمالة المميزة الاردقانية لامريكا و لبني صهيون ستكون عواقبها وخيمة على المربع التركي .

انا mshben1.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female