اعلام السلطة.. جبهة تصدى لتحرير الفضاء العام

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/manifffxdx2YY.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

ان كان من مكسب رئيسي حققته مسيرات يوم 12 سبتمبر فهو كسر حاجز الخوف الذي ارادت السلطة عبر اجهزتها المادية (البوليسية..) والرمزية (بما فيها التشريعية والثقافية والاعلامية..) اعادة انتاجه بقوة بعد كسره في 14 جانفي، وبالتتابع تحرير الفضاء العمومي الذي اغتصبته اجهزة السلطة القمعية الفاسدة لاشهر ومارست فيه كل اشكال الارعاب والترهيب والقمع الممنهج للجم الافواه وضرب الحريات.





واعادة الاعتبار للشارع وفرض حق التجمع والتعبير والتظاهر الدستوري، واجبار اجهزة البوليس المدججة بالاسلحة على التراجع، واجبار السلطة على الانحناء للسماح بالعاصفة من المرور، مثل حدثا سياسيا فارقا، وذلك بقطع النظر عن تحقيق الهدف الاول الذي حرك القوى السياسية والمدنية والشعبية للتظاهر من اجل اسقاط مشروع قانون المصالحة .

حشود كبيرة.. برغم الترهيب
حشد الجبهة الشعبية مع المسار واتحاد طلبة تونس وبعض النقابيين وعدة منظمات من المجتمع المدني، فاق الالفين، في اوجه، وهذا وفق تقديرات ميدانية علمية دقيقة، اما حشد تنسيقية الاحزاب الاخرى مع منظمات مدنية، وبعض الشخصيات، ومجموعة مانيش مسامح فقد وصل هو الاخر في اوجه الالف وخمسمائة متظاهر، وهذا ايضا وفق تقديرات ميدانية علمية دقيقة.

ولا ننسى ان كل ذلك يحدث في حالة من الترهيب والارعاب الرسمي والتعتيم الاعلامي بل التخويف والشيطنة والدعاية المضادة، والتضييق الميداني من البوليس الذي عدد حواجز التفتيش، وفي الوقت الذي يرزح فيه التونسي تحت ضغط العودة المدرسية واقتراب عيد الاضحى، وامام العزوف الكبير للتونسيين على الشأن السياسي، بعد الخيبات المتكررة التي عاشوها في فترة وجيزة.

حشد واثارة الراي العام في ظل هذه الظروف، يعد مكسبا عاليا، خاصة وان المظاهرات كان لها امتداد خارج البلاد، وفي الجهات، وهذا هام جدا ونوعي.

تحدي كامل حققه المتظاهرون لقانون الطوارىء غير الدستوري، وللترهيب والغطرسة، وللتشريعات الزجرية الاستبدادية، وفرض حق التعبير، في ظل دكتاتورية اغلبية متواطئة مباشرة او بالصمت عن الفساد، وفي ظل هيمنة لوبيات وشبكات النفوذ وهيمنة الدولة العميقة.


اعلام السلطة.. على خط التشويه
واذ كانت الفرصة كبيرة لدخول الاعلام على الخط والدفاع عن المكاسب، وخاصة فيما يرتبط به من دفاع عن حرية التعبير والصحافة والنشر، اذ ان وسائل الاعلام هي التي كانت الاولى في بناء وخلق فضاء عام نشط وفعال وقوي في اوروبا منذ القرن السابع عشر، لكن مع الاسف كانت سباقة اليوم في تونس في شيطنة المظاهرات عبر عناوين مقرفة ومستوى حضيضي استهدف القيم الحقوقية الانسانية والحريات الفردية والجماعية باستعارة سيل من التشويهات والشيطنة انطلقت منذ وقت مبكر في شكل سمفونية متناغمة.

المنطلق كان مع الصباح نيوز منذ الساعة الثالثة و58 دقيقة والمسيرات في شارع بورقيبة مستمرة بمقال غير ممضى تحت عنوان غاية في الانحدار ( عيطة وشهود .. 1500 شخص في مسيرات المناهضة لقانون المصالحة).

وتتالت العناوين ابتداء مع موقع tuniscope بعد قرابة النصف ساعة في الساعة الرابعة والنصف عبر صورة من مسافة بعيدة تبرز عديد قليل من المتظاهرين.

ثم دخلت الشروق اون لاين على الخط في الساعة الخامسة و9 دقائق عبر عنوان تضليلي اقبال ضغيف على المسيرة التي دعت اليها المعارضة ضد قانون المصالحة الاقتصادية قبل ان تلتحق بها الشارع المغاربي لصحابو وكوثر زنطور تحت عنوان ايضا تشويهي بامتياز المعارضة تخسر معركة الشارع مع جمل من قبيل المظاهرة تعد فشل غير مسبوق .

ما يثير التقزز اكثر هو دخول الـ TAP المؤسسة العمومية على خط الرداءة هذا اذا رفعنا عنها سوء النوايا واصطفافها الى حانب السلطة اذ كان عنوانها هي الاخرى في تقريرها au moins 1000 tunisiens à l'avenue H. B. pour dire Non au projet de loi sur la reconciliation .

وانهالت من الغد (13 سبتمبر) العناوين على الاولى لمختلف الصحف، التي اغفلت كل الجوانب الايجابية لكي لا تبرز الا العناصر المظلمة التي كانت اغلبها تضليلية ومزيفة، الصباح التي تعتبر مرفقا عاما اشارت بالبنط العريض لـ مشاركة محتشمة ،، مثلها مثل le temps بعنوان ils n'etaient pas vraiment nombreux وفي اتساق معهما كانت الصريح ايضا بالبنط الكبير تحت عنوان مظاهرة هادئة ، اما الشروق فلم يهمها من المسيرات على صفحتها الاولى الا كونها مرت بسلام ، و الامتياز الحقيقة كان على اولى التونسية بعنوان غاية في التزلف للسبسي والنداء في حديث مغرض عن مسيرة... لايت! .

المغرب التي صعقتنا قبل ثلاث سنوات بصورة الفوتوشوب الشهيرة لمسيرة الحرية ، وبعنوان صادم، اليوم لم تركز سوى على ان المعارضات تفشل في حشد الشارع ، وكأن الرقم الجملي الذي تجاوز الثلاثة الاف متظاهر هو رقم هين.


سلطة رابعة .. لا تحمي الفضاء العام
وكأن اعادة الزخم للشارع وتحرير الفضاء العام ليس انجازا نوعيا امام عودة شبح الاستبداد ومصادرة الحريات بقوة، بما يعنيه من اشراك المواطن في النقد والتعبير وادماجه في الشأن العام والمساهمة في مناقشة قضايا المجتمع والمشاركة في صنع القرار، وكأن ذلك ليس بالامر عالي الاهمية.

وفعلا ظهر الاعلام انه لازال في اغلبه وفيا لعاداته وسلوكاته وانه لا تهمه قيم ومبادىء الحرية والحقوق، وما يهمه هو وفائه للوبيات المال والمنظومة الفاسدة بتحويل المواطنين الى مجرد وحدات استهلاكية ووضعهم في حالة اصطفاف وتبعية قطيعية وحشدهم عبر الدعاية والبروباغندا في التيار الذي يخدمونه.

وبذلك يفقد صفته ومشروعيته كسلطة رابعة وظيفتها الاساسية حماية الفضاء العام، هذا الاعلام الذي يبدو انه اصبح يدفع اكثر من اي وقت مضى للثورة في وجهه خاصة وانه لا يمكن ان يعيش الا في مناخ الاستعباد والخضوع، هذا القطاع الذي وجب تحريره ليس من الوجوه والرموز الملوثة التي تشتغل ضمنه فقط بل اساسا من المنظومة الواقعة تحت سيطرة اباطرة السياسة والمال والفساد، فالفضاء العام لا اهمية لتحريره دون تحرير قطاع الاعلام المفترض ان يكون حارسه الاعلى!!

(*) قانوني وناشط حقوقي



Comments


9 de 9 commentaires pour l'article 111897

Antar Ben Salah  (France)  |Mardi 15 Septembre 2015 à 13:14 | Par           
Comment vous voulez que le citoyen s'engage dans cette manifestation en sachant que Hamma a rendu visite à BCE et le chef du gouvernement ainsi que le ministre de l'intérieur . Qui dit pas que le front complote contre l'opposition et les citoyens , et même pendant la marche on a observé les slogans du front qu'ils n'ont rien a voir avec le refus de l'affaire vérité et dignité .

Le_paon  (Tunisia)  |Mardi 15 Septembre 2015 à 11:47           
تلك هي الحقيقة، مسيرات السبت لا تتجاوز الالفي مشارك.
الاحزاب المشاركة ليس لها ثقل ولا رؤية ولا قدرة على الحشد و نتائجها الانتخابية دليل على ذلك.
التحضير الاعلامي رديء والتسويق متسرع.
الشعب كره المسيرات و المظاهرات التي اصبحت مقترنة في ذهنه بالمطلبية .
المسيرات الناجحة في السابق كات للنهضة والنداء و كان يمولها رجال الاعمال الذين هم اليوم في مرمى الحد.
ث و جماعة الخمسين دينار يلزمهم ميزانية خاصة لا يقدر عليها "الفريلانس " من غير المتحزبين و لا احزاب الصف الثاني.
هي مسيرة كانت بين عيدين و عودة مدرسية و حرارة شديدة و تمصيص ل"اخر ايام الصيفية" كما تقول فيروز.
الايجابي في كل الحكاية ان النظام و فلوله الجدد و القدامى فرحوا و هللوا لضعف خصومهم ونسوا ان خصومهم في الاخير هم المفقّرين من الغارقين في فوائض ديون البنوك و من مرضى الكبد الفيروسي و من شباب هانَ كما هانَ كل شيء و "ما عادش يعدّل".
نسوا كل هؤلاء ... و حين يحين قطافهم "ما يقولوش غلطونا" .
جميع الحقوق محفوظة.

KhNeji  ()  |Mardi 15 Septembre 2015 à 10:03           
تلومون على الإعام؟؟؟أشربوا من الكأس الذي شرب منه غيركم لمدة ثلاث سنوات؟ثم لماذا لم نسمع هذا اللوم سابقا؟

Respect  (France)  |Mardi 15 Septembre 2015 à 08:42           
طبيعي جدا بش يكون عدد الأحرار أقل من عدد العبيد و تلقى أغلب المؤسسات الإعلامية موجهة لخدمة الفساد و الفاسدين...

هل تمت محاسبة الفاسدين بعد الثورة؟ ألم يدخل هذا الشعب الكريم في صراع وهمي بين علماني وإسلامي و نسي ما قامت عليه الثورة وهي المحاسبة؟

النهضة كي شدت الحكم همها الوحيد كان التموقع و ليس خدمة الشأن العام و الاصلاح...

فلماذا الإستغراب؟

Nouri  (Switzerland)  |Mardi 15 Septembre 2015 à 07:55           
حتى ولو كانوا 100 شخص هذا يسمى انجاز خاصة ان حزب اللصوص تعمد على ورقة الطوارء والخوف بالارهاب لركع المواطن.
واعلام حزب اللصوص فهم لصوص مثلهم يسرقون حتى الاعلام ويستولوا على الحقيقة

MSHben1  (Tunisia)  |Mardi 15 Septembre 2015 à 07:20           

لغة الكاتب انها لغة حمة الشعبوية ما بقاتش تمشي و لا يتبعها الا الغاوون .
انا mshben1.


MSHben1  (Tunisia)  |Mardi 15 Septembre 2015 à 07:08           

اللغة الشعبوية للكاتب لا تنفع و لا تغني من جوع " البوليس ...البوليسية ... القمع القمعية " العبدولله عالم الحياة و الدين اقول ان البوليس منا و الينا و بدونه لا عمل و لا علم و لا تنمية و لا امن و لا سلام و خاصة في شعب عربي متخلف يخرب و يجرم و يذبح و يهجر و يفجر و يقطع الطرق و يقطع المعامل و يحرق و يزطل و يفسد و بدون البوليس فانها نار السعير و لا فائدة من اللغة الشعبوية فانها ماتت و فات عهدها . اما عن المظاهرات حول مشروع القانون فانها اصابت
فاعليها في مقتل لضعفها و كان للاعلام ان يوضح الروى للشعب و الامر كله موكول لنواب الشعب الذين انتخبوا ديمقراطيا . و كل فعل عدى فعل نواب الشعب فانه ضحك على الاذقان . و الخلاصة الحقانية البوليس اخونا و امنا و ابونا هو منا و نحن اهله و ذويه و لا تعد ايها الكاتب الى اللغة الشعبوية فان عهدها ولى و فات . و قد وقع استبدالها بالعقل و العلم و العمل . فيق على روحك .

انا خبير الاستراتيجيين و عالم الحياة و الدين و قوة من قوى الحق المبين و اسمي mshben1.

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mardi 15 Septembre 2015 à 06:23           
فعلا الخروج إلى الشارع وكسر حاجز الخوف والرعب من البوليس يعد إنجازا هاما يذكرنا بخروج الشعب ضد المخلوع لكن لا يمكن تحويل أي قطاع في تونس الجديدة للون واحد فالحرية دفعت الجميع للعب على المكشوف ودون أقنعة كثيرة وسيبقى التنافس سيد الموقف بين فريق النافورة وفريق الحرية وفريق المندسين أيضا فالجبهة مثلا تلعب مع فريق النافورة تارة وطورا مع فريق الحرية بمعنى فريق المنافقين .أما الإعلام فسيبقى بين فريق العالم العلوي وفريق العالم السفلي أي فريق آدم وفريق
إبليس أو فريق هابيل وفريق قابيل .

Ahmedmabrouk  ()  |Mardi 15 Septembre 2015 à 00:54 | Par           
الى كاتب المقال : لا تنسى انك تخاطب شعب متخلف اكله سوس اليأئس و الكسل و شاب على الاهانه للأسف الفير الشديد


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female