هذه بعض الأسباب والحقائق التي كانت وراء انهيار تعليمنا

شمس الدين النقاز تونس
أعلن مركز الجامعات العالمية في جامعة جياو تونغ شنغهاي الصينية في بيان صحفي عن أفضل 500 جامعة عالمية في اخر تصنيف له لشهر أوت الجاري واحتلت للعام العاشر على التوالي طليعة هذا التصنيف جامعة هارفارد الأمريكية التي تخرج منها معظم الرؤساء والوزراء الأمريكيين.
أعلن مركز الجامعات العالمية في جامعة جياو تونغ شنغهاي الصينية في بيان صحفي عن أفضل 500 جامعة عالمية في اخر تصنيف له لشهر أوت الجاري واحتلت للعام العاشر على التوالي طليعة هذا التصنيف جامعة هارفارد الأمريكية التي تخرج منها معظم الرؤساء والوزراء الأمريكيين.
التصنيف الجديد الذي لم يحمل في طياته أي جامعة تونسية اعتمد في اختياره للجامعات على عدة معايير ومؤشرات موضوعية أهمها جودة التعليم وجودة هيأة التدريس وعدد البحوث وحجم المؤسسة وغيرها.
كل هذه المؤشرات أقصت كل الجامعات التونسية من هذا التصنيف الذي كان صدمة بالنسبة للتونسيين اللذين كانوا يمنون النفس أن يكونوا ضمن كبرى الجامعات العالمية خاصة وأن ثلاث جامعات سعودية حصدت مراكز متقدمة في هذا التصنيف الجديد.
الحقيقة التي لا تخفى عن كل من درس أو درس في الجامعات التونسية هي أن المؤسسات الجامعية والبحثية في تونس تشكو من عدة نقائص تستوجب تدخلا عاجلا من كل الأطراف المتداخلة في هذا القطاع.
فمن الأمثلة على ذلك أن بعض المسؤولين في الجامعات التونسية اتخذوا من مناصبهم غنيمة لخدمة مصالحهم الشخصية وتصفية حساباتهم والتمتع بالامتيازات الكبيرة التي يحصلون عليها تحت ذريعة الاتفاقيات المشتركة بين عدة مؤسسات بحثية دولية ولكن عند التدقيق نجد أن كل هذه الدعاوى باطلة فلا تعاون جدي ولا تطور يذكر في ميدان البحث العلمي.

الناظر الى واقع مؤسسات التعليم العالي في تونس يلاحظ كيف أن الوضع العام بعد الثورة في الجامعات أصبح لا يطاق فبعد المطالب الاجتماعية التي طالب بها كل العاملين في الوظيفة العمومية، أسند الأمر الى غير أهله ليصبح عامل النظافة (والذي أحترم عمله) مسؤولا يصول ويجول ويفرض أوامره وقراراته وربما يصل به الأمر الى صنع القرار وتعطيل سير الدروس في بعض الأحيان.
كل هذا دون أن ننسى حالة البنية التحتية للمؤسسات الجامعية في تونس التي وصل بعضها أن كمية قليلة من الامطار قادرة على تعطيل سير الدروس لأيام بسبب الحالة الرثة لقاعات التدريس.
أما من ناحية غياب الكفاءات فحدث ولا حرج فربما تجد أساتذة لا تجيد تدريس بعض المواد التي أُسند اليهم تدريسها بسبب غياب أساتذة الاختصاص وملئ جداول الأوقات ولو كلفهم ذلك أن يقوم أحد الأساتذة بتدريس بعض المواد التي ربما لم يدرسها هو نفسه.
كل هذه الأسباب التي ذكرتها ما هي إلا قطرات في بحر المشاكل والصعوبات التي تعيشها المؤسسات الجامعية في تونس والتي وان تبجح كثيرون أنها من أحسن الجامعات العالمية وخاصة في مجالي الطب والهندسة بأنواعها إلا أن التصنيف العلمي الذي تقوم به مؤسسات عالمية محايدة يدفعنا الى الاقرار أن العاطفة شيء والواقع شيء، فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أغلب الأدمغة والكوادر التونسية هاجرت الى البلدان الأوروبية أو الى الخليج لعدم توفر الامكانيات ووجود العراقيل عند العمل في تونس.
وفي الأخير لا يمكنني القول إلا ان هذا التصنيف الجديد لم يحمل الجديد لمن كان له اطلاع على تصنيفات عدة مؤسسات بحثية أخرى تعنى برصد وترتيب الجامعات عالميا ولعل من أبرزها منظمة ويب ماتركس الاسبانية التي أدرجت في تصنيفها في شهر جويلية من العام الماضي أول جامعة تونسية في المرتبة 3783 عالميا وال78 افريقيا و68 عربيا وهو ما يعني أن الأمر ليس بدعة حادثة بل هو اجماع من المصنفين على أن الجامعات التونسية لم تتمكن من احتلال مراتب مشرفة عالمية فقط بل احتلت مراتب مخزية على الصعيدين الافريقي والعربي.
وكما قال أحد الكتاب التونسيين رضا المشرقي في احدى مقالاته و بالرغم من أن النخبة التونسية تستهزئ في كثير من الأحيان بتشبيه تونس بالموزمبيق و زمبيا وأثيوبيا عندما تريد استغراب شيء خاصة في مجال الحريات و حقوق الانسان و مستوى المعيشة فان هاته البلدان تقدمت علينا بجامعاتها فزيمبابوي احتلت أول جامعاتها المرتبة 2562 لتكون في المرتبة 39 افريقيا أي أنها قبل أول جامعة تونسية بأكثر من 1200 مرتبة و كذلك الموزمبيق في المرتبة 2667 عالميا و 41 افريقيا و كذلك الشأن لناميبيا (2352 عالميا و 34 افريقيا) و تنزانيا (2319 عالميا و 31افريقيا) بل الغريب أن أثيوبيا سبقتنا بجامعة أديس أبابا التي احتلت المرتبة 1599 عالميا و 18 افريقيا وتتجاوزنا جامعة ماكيري اونيفارستي بأوغندا التي احتلت المرتبة 1134 عالميا و 13 افريقيا و لا نحكي على جامعات جنوب افريقيا التي سيطرت على عشر المراتب الأولى في افريقيا.
فكفانا مفخرة بأنفسنا وبتعليمنا ولننظر الى واقعنا ولنسند الأمر الى أهله من أجل النهوض بالتعليم في تونس الذي رصدت له الدولة على مدى أكثر من نصف قرن آلاف المليارات بهدف النهوض به وتطويره متقدمة بذلك على ميزانيات وزارات سيادية أخرى.
يذكر أن ميزانية كل من وزارتي التربية والتعليم العالي في تونس تجاوت ال500 مليار سنة 2015.
Comments
25 de 25 commentaires pour l'article 110588