تونس – الاتحاد الأوروبي: الذكرى الثلاثون لإعلان برشلونة … منعطف استراتيجي
وات -
شهدت العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي في منتصف التسعينات منعطفا حاسما بتوقيع اتفاقية الشراكة التونسية – الأوروبية بتاريخ 17 جويلية 1995.
وأُبرمت هذه الاتفاقية في بروكسيل بعد مفاوضات معمّقة، لتجعل من تونس أول بلد في جنوب المتوسط يعقد شراكة بهذا الحجم مع الاتحاد الأوروبي، فاتحةً الطريق أمام إطلاق المسار الأورومتوسطي رسميا بعد أشهر خلال مؤتمر برشلونة.
وأُبرمت هذه الاتفاقية في بروكسيل بعد مفاوضات معمّقة، لتجعل من تونس أول بلد في جنوب المتوسط يعقد شراكة بهذا الحجم مع الاتحاد الأوروبي، فاتحةً الطريق أمام إطلاق المسار الأورومتوسطي رسميا بعد أشهر خلال مؤتمر برشلونة.
ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ سنة 1998، واضعة أسس تعاون شامل بين تونس وبروكسيل، من خلال إنشاء منطقة تبادل حر تدريجيا تشمل أغلب المنتجات الصناعية، إضافة إلى إرساء إطار موسّع للتشاور يشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. كما تم بعث لجان مشتركة لتأمين متابعة تنفيذها وترسيخ هذا التعاون على المدى الطويل.
الاتفاق المؤسِّس للشراكة الأورومتوسطية وانعكاساته الاقتصادية
اقتصاديا، أتاحت الاتفاقية لتونس نفاذا مميزا إلى السوق الأوروبية التي تُعدّ من أبرز وجهات صادراتها، خاصة في مجالات النسيج والصناعات الغذائية والميكانيكية والكهربائية.وفي المقابل، شرعت تونس تدريجيا في فتح سوقها الداخلية، مستفيدة من برامج أوروبية مكثفة هدفت إلى تحديث النسيج الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات.
أما سياسيًا، فقد أسست الاتفاقية لآلية حوار دوري حول قضايا الحوكمة والحقوق الأساسية والأمن الإقليمي، في إطار علاقة قائمة على التشاور المستمر، بما يواكب التحوّلات السياسية في تونس وتغيّر أولويات الاتحاد الأوروبي.
الميثاق من أجل المتوسّط: مرحلة جديدة للتعاون
في السنوات الأخيرة، طرح الاتحاد الأوروبي مبادرة "الميثاق من أجل المتوسّط" بهدف تنشيط التعاون الإقليمي لمواجهة تحديات متصاعدة في جنوب المتوسط، تشمل ضغوط الهجرة، والانتقال الطاقي، والأمن الغذائي، والهشاشة المناخية.ويهدف هذا الميثاق إلى صياغة إطار تعاون أكثر توازنا، قائم على تقاسم المسؤوليات ودعم قدرة الاقتصادات على الصمود. وتعتبر تونس هذا المشروع فرصة لإعادة تحديث أدوات التعاون الموروثة من التسعينات وملاءمتها مع المتغيرات الجيوسياسية الراهنة.
ثلاثون سنة بعد إعلان برشلونة: دلالات متجددة
شهدت الذكرى الثلاثون لإعلان برشلونة سلسلة فعاليات دبلوماسية وأنشطة تذكارية أعادت تقييم طموحات الشراكة الأورومتوسطية التي أُطلقت سنة 1995. ويخضع هذا الإطار اليوم لقراءة جديدة في ظلّ التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية المطروحة على ضفّتي المتوسط.وبالنسبة لتونس، تكتسي هذه المناسبة أهمية خاصة باعتبارها أول دولة تُبرم اتفاق شراكة شامل مع الاتحاد الأوروبي، في خطوة أكدت ريادتها في المنطقة. وقد شددت النقاشات المرتبطة بهذه الذكرى على ضرورة إحياء روح برشلونة عبر تعزيز مبادئ التنمية المشتركة والشراكة المتوازنة.
بعد ثلاثة عقود: ركيزة ثابتة للعلاقات التونسية – الأوروبية
رغم التحولات العميقة التي عرفتها المنطقة، ما تزال اتفاقية الشراكة ركيزة أساسية للعلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي، حيث تواصل توجيه مسار التعاون الثنائي.ويعمل الجانبان اليوم على إعادة صياغة شراكتهما حول أولويات استراتيجية تشمل: الانتقال الطاقي، الهجرة والتنقل، الابتكار، الاستثمارات، والتنمية المستدامة، بهدف دعم الاستقرار والازدهار في الفضاء الأورومتوسطي.






Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 319326