"24 عطرا - نجوم سمفونية" على ركح الحمامات... تونس تتغنى بموروثها الفني في عيد الجمهورية

كان جمهور مهرجان الحمامات الدولي على موعد الليلة الماضية 25 جويلية مع عرض موسيقي حمل عنوان "24 عطرا - نجوم سمفونية"، بتوقيع المؤلف الموسيقي التونسي محمد علي كمون، وذلك ضمن فعاليات الدورة 59 من المهرجان، وتزامنا مع الذكرى 68 لعيد الجمهورية.
وسط حضور جماهيري كبير وأمام شبابيك مغلقة، افتُتح العرض بالنشيد الوطني التونسي، معلنا انطلاق رحلة موسيقية امتدت لما يناهز ساعتين، تنقلت خلالها الألحان بين المناطق التونسية مستحضرة ملامح الذاكرة الشعبية والتنوع الثقافي الوطني.
وسط حضور جماهيري كبير وأمام شبابيك مغلقة، افتُتح العرض بالنشيد الوطني التونسي، معلنا انطلاق رحلة موسيقية امتدت لما يناهز ساعتين، تنقلت خلالها الألحان بين المناطق التونسية مستحضرة ملامح الذاكرة الشعبية والتنوع الثقافي الوطني.
ويعتبر هذا العرض جزءا من مشروع موسيقي يعود إلى سنة 2016، وهو نتاج ثمرة سنوات من البحث الميداني والعمل الفني تنقّل خلالها محمد علي كمون بين المدن والقرى والجبال والجزر ليقدم تجربة موسيقية تتكون من مجموعة من الفصول تضم كل منها مجموعة من القطع التي تعبّر عن خصوصيات 24 ولاية تونسية.

واعتمد كمون في هذا العمل على مزج متوازن بين التوزيع السيمفوني وإيقاعات الجاز والموسيقى الشعبية والمؤثرات الإلكترونية، ليعيد تقديم التراث الموسيقي التونسي بشكل معاصر دون أن يفقده أصالته.
بدأ العرض بلوحة من زغوان، أدّى خلالها الفنان ريان قريشي موشحات من المالوف الأندلسي، في إشارة إلى الجذور الأندلسية لسكان المنطقة. وامتدت "العطور" إلى جربة وقرقنة، حيث قدّم الثنائي محمد علي واردة وفتحي غرس الله أغنيتي "مولى الشاش" و"حافلة في زروقا" في مرافقة عزفية أعادت إلى الأذهان إيقاعات البحر وصور الجزر. أما البُعد الصوفي فقد حضر بقوة من خلال استعادة حضرة دار شعبان والحضرة النسائية لسيدي بوجعفر بصوت منجية الصفاقسي التي تابعت الغناء من تراث الكاف "ناقوس تكلم" بينما أدى الثنائي أسامة النابلي ومحمد صالح العيساوي من تراث هذه الجهة أيضا "مرض الهوى قتال".
وكان صعود الطفلين مهدي دهان (بيانو) ولينا عوالي (غناء) لأداء أغنية من تراث مدينة الحمامات مفاجأة سارة للجمهور الذي انبهر بأدائهما وصفق لهما طويلا. أما الختام، فكان بإيقاعات السطمبالي ورقصة بوسعدية في تذكير بانتماء تونس الجغرافي والثقافي إلى القارة الافريقية.
وقدم محمد علي كمون كل جهة تونسية على شكل "عطر" موسيقي متكامل فيه الذاكرة وفيه الحنين وفيه التجديد. وقد باتت كل مقطوعة هي وصف شفاهي لامرأة أو مشهد من الريف أو رقصة من حضرة وكأنها "بورتريه موسيقي" لتونس بجمالها وتنوعها. وكانت الموسيقى في كل عطر وسيلة للتأكيد على أن الهوية التونسية تتغذى من التراث وتنفتح على الموسيقات العالمية.
وقدم العمل صورة صوتية متكاملة لتونس عبر موسيقى تستحضر الأندلس والصحراء والجبل والبحر والفرح والوجد والمرأة والطفولة في توليفة تشبه "البرفان" في تركيبتها الكيميائية. وقد جعل منها محمد علي كمون رمزا لتونس نفسها بكل أطيافها وإيقاعاتها الحية.
في تعليقه على العمل، وصف محمد علي كمون، في ندوة صحفية انتظمت بعد العرض، "24 عطرا" بأنه صورة موسيقية للمرأة التونسية التي تمثّل في نظره الوطن والذاكرة واللون والهوية. وأكد أن حفظ التراث لا يكون فقط بتوثيقه وإنما بإعادة تقديمه بشكل حي ومبدع.
ورأى كمون في هذا العمل امتدادا لجهوده السابقة في إدماج الموسيقى في المدارس، مؤكدا أن من دور الفنان غرس حب التراث في نفوس الأطفال. واعتبر "24 عطرا" محاولة لتعزيز الصلة بين الأجيال والتراث الموسيقي في مواجهة ما وصفه بطغيان المحتوى الرقمي الغريب عن البيئة الثقافية التونسية.
لمح
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 312349