مهرجان قرطاج 2025: انتقادات قبل الانطلاق وسجالات حول البرمجة وسط تطلع لتدارك العثرات

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68703373885d05.34375847_pjkigmhqnofel.jpg width=100 align=left border=0>


تنطلق مساء السبت 19 جويلية 2025 فعاليات الدورة الـ59 من مهرجان قرطاج الدولي، وتتواصل إلى غاية 21 أوت المقبل، على ركح المسرح الروماني بقرطاج، في أجواء يطغى عليها الجدل الحاد والانتقادات الواسعة التي سبقت حفل الافتتاح، في علاقة بخيارات البرمجة وتنظيم التظاهرة.

عثرات تنظيمية قبل الانطلاق


عاشت هذه الدورة ارتباكًا تنظيميًا غير مسبوق تمثّل في سحب معلّقات إعلانية وتراجع عن برمجة عروض بعد الإعلان الرسمي عنها، إضافة إلى نفاد تذاكر عدد من السهرات خلال وقت قياسي وظهورها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، ما أثار سخط الجمهور وطرح تساؤلات بشأن شفافية توزيع التذاكر ومراقبة المسالك التجارية.




في ظل هذا الوضع، اتّسعت دائرة الانتقادات من قبل فنّانين ومهنيين ثقافيين وحتى جزء من الجمهور، الذين رأوا في هذه الدورة خروجًا عن تقاليد المهرجان العريق، خصوصًا في غياب إدارة فنية واضحة، حيث اختارت وزارة الشؤون الثقافية تكليف لجنة خاصة بتسيير الدورة، دون مدير فني، لأول مرة منذ تأسيس التظاهرة سنة 1964.

مواقف الدولة من الثقافة والسيادة

في هذا السياق، حمّل رئيس الجمهورية قيس سعيّد المسؤولية للسياسات الثقافية غير المنسجمة مع توجهات الدولة، مؤكدًا خلال لقائه بوزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي بتاريخ 9 جويلية، أن "الثقافة هي قضية سيادة وليست مهرجانات موسمية"، مشدّدًا على ضرورة أن تكون كل تظاهرة امتدادًا لمعركة تحرر وطني، تعكس إرادة الشعب التونسي ومبادئه.

وأضاف سعيّد أن مهرجانات مثل قرطاج كانت، منذ تأسيسها، منصّات للارتقاء بالفن والفكر، ومواقع التقاء بين المناضلين من أجل الحرية والفن، لا منصات تجارية أو ترفيهية مجرّدة من الرؤية المبدئية.

جدل حول برمجة العروض

من أبرز محاور الجدل هذا العام، سحب معلّقة الفنان الفلسطيني "سانت ليفانت"، قبل أن تعود الهيئة لنشر نسخة جديدة، إلى جانب إلغاء عرض الفنانة الفرنسية "هيلين سيغارا" إثر موجة استنكار لمواقفها المناهضة للقضية الفلسطينية.

وقد نفت الفنانة لاحقًا، في تصريح لوسائل إعلام دولية، ارتباطها بأي التزام رسمي مع إدارة المهرجان. من جهتها، أكدت إدارة المهرجان التزامها بالموقف التونسي الداعم لفلسطين، مشيرة إلى أن البرمجة تتضمّن عروضًا تكرّس هذا الموقف، من بينها:

* عرض الافتتاح بقيادة المايسترو محمد القرفي يتضمّن مشهدًا يخلّد دعم تونس لفلسطين.
عرض الفنان رياض الفهري بعنوان بساط أحمر 2*، يحتفي بـأطفال رام الله.
* مشاركة الفنانة الفلسطينية ناي البرغوثي في عرض "تخيّل روحك تسمع" للفنان كريم الثليبي.
* حضور الفنانين سانت ليفانت ومحمد عساف في سهرات مستقلة.

غياب إفريقي وحضور عربي طاغٍ

تتكوّن برمجة الدورة من 20 عرضًا متنوعًا، يسجَّل فيها غياب شبه كلي للعروض الإفريقية رغم دور المهرجان التاريخي في بناء الجسور الثقافية جنوب الصحراء. في المقابل، تطغى العروض العربية، وخاصة من لبنان ومصر والخليج، حيث يشارك فنانون من أجيال مختلفة أبرزهم:

* نجوى كرم، نانسي عجرم، ناصيف زيتون، آدم، مي فاروق، أحلام (في سهرة الاختتام)
* الموسيقار اللبناني العالمي إبراهيم معلوف

أما الفن التونسي، فيحضر في 8 سهرات يحييها فنانون كبار من بينهم:

* محمد القرفي، رياض الفهري، لطيفة العرفاوي، صوفية صادق، كريم الثليبي، عزيز الجبالي
عروض جماعية مثل من قاع الخابية، قائدي الأوركسترا، وسهرة تونسية* بقيادة المايسترو يوسف بالهاني

في الجانب الدولي، تحضر عروض من فلكلور عالمي، إلى جانب سهرة مع الفنان كيماني مارلي (نجل الأسطورة بوب مارلي) وعرض للأطفال مع الفنانة الفرنسية شونتال غويا.

تذاكر السوق السوداء واستياء نيابي

أدى الإقبال الكبير على التذاكر إلى انتعاش السوق السوداء، حيث تُباع التذاكر بأسعار خيالية، ما استدعى تدخل نواب في البرلمان، من بينهم نائبة طالبت بمحاسبة المسؤولين عن هذه الممارسات ومكافحة احتكار التذاكر.

تحديات الدورة 59: استعادة الثقة وبناء الرؤية

وسط هذه الانتقادات، يبقى أمل جمهور الثقافة والفن في أن تنجح الدورة 59 في تدارك تعثراتها التنظيمية، وتقدّم عروضًا ترتقي إلى مستوى الانتظارات الوطنية في ظل التحوّلات التي تشهدها البلاد، وترسيخًا لمكانة تونس كمنصة ثقافية ذات سيادة وموقف ثابت في محيطها العربي والإفريقي والدولي.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 311971


babnet
*.*.*
All Radio in One