شركات تجارية تونسية ''تنهب قوتنا بعنوان التصدير''

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/frettuc.jpg width=100 align=left border=0>


" (وات- تحرير جمال رمضان) - "سرقولنا خبزتنا وتسببولنا في خسارة كبيرة وتوا ولينا نخمموا في تسكير المحل ونلوجوا على خدمة أخرى" (يسرقون قوتنا ويتسببون لنا في خسائر طائلة حتى بتنا نفكر جديا في غلق محلاتنا والبحث عن بديل).. هكذا لخص الحاج محمد، أحد باعة المواد الغذائية بالجملة (قروسيست) المعاناة التي تسبب فيها عدد من أصحاب الشركات التجارية التونسية المصدرة كليا.
ويتابع الشيخ السبعيني قائلا: "هؤلاء يشترون المواد الغذائية بغاية التصدير ويحصلون على إعفاء من الأداء على القيمة المضافة لكنهم يبيعونها في السوق المحلية". "ازدادت الحياة ضيقا لأنهم افتكوا منا سوقنا التي كنا نعتاش منها.. فحرفاؤنا أصبحوا يتعاملون معهم لأنهم يبيعون نفس المواد الغذائية التي نبيعها لكن بأسعار أقل"، يقول الحاج محمد وهو يعتصر من فرط الغيظ.
ورغم بعض الإقبال من حرفائه الأوفياء، لم يعد محل الشيخ، الذي يعيل أكثر من 10 أفراد من بينهم أبناء ولديه، مثلما اعتاد أن يراه قبل سنوات قليلة فقد قلص من عدد العمال إلى أقل من النصف وراح يبيع نسبة هامة من بضائعه بأجل "بالكريدي" مثله مثل أغلب أهل المهنة.





وتستفيد الشركات التجارية التونسية المصدرة كليا، بتوقيف العمل على الأداء على القيمة المضافة، فعندما تبيع بضائعها في السوق المحلية تربح قيمة هذا الأداء الذي لم تدفعه والذي يتراوح بين 6 و18 بالمائة بحسب نوع المنتوج الذي تشتريه بغاية التصدير.
ويتم هذا الإعفاء عند شراء المواد الغذائية من شركات البيع بالجملة المرخص لها على غرار "برموقرو" التابعة للمغازة العامة و"كاش اند كاري" التابعة لـ"كارفور"، بعد الاستظهار بالسجل التجاري للشركة وشهادة توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة وطلبية التصدير من مكتب مراقبة الأداءات. وتسترجع شركات البيع بالجملة تلك القيمة المخصومة لفائدة الشركات التجارية المصدرة للمواد الغذائية من الحكومة التونسية.

خسارة ثلاثية الأبعاد
من خلال ما توصلنا به من فواتير لبعض هذ الشركات التجارية المصدرة كليا "الناهبة"، فإن الأمر يبدو أخطر من تلخيص الحاج محمد، لذلك عمدنا إلى الاتصال بإحداها على أننا نرغب في التزود بكمية كبيرة من منتوجات غذائية متنوعة وذلك عبر وسيط تعامل مع نفس الشركة، حتى يطمئن لنا صاحبها.
والغريب في الأمر أن صاحب الشركة الحقيقي لا يظهر في الصورة ولا يرد على الهاتف ولا يقابل أحدا لذلك فهو يفوض أحد عماله الثقاة أو "يده اليمنى" لإجراء الصفقات وجلب الحرفاء، وفي حالنا هذه فصاحبنا يدعى "خميس".
"لايهم ما إذا كنت ستصدر هذه السلع أم لا .. المهم أن تدفع لنا 2 بالمائة من قيمة هذه البضاعة لأنك ستستعمل سجلنا التجاري لتقتنيها مع التمتع بإعفاء من الاداء على القيمة المضافة".. يقول خميس لدى اتصالنا به قصد اتمام الصفقة. فطرحنا عليه السؤال الآتي: "كيف ستردون إذا ما اكتشفت مصالح الأداءات أنكم لم تصدروا تلك البضاعة؟". أجاب خميس بنبرة من الشك والتردد: "هذه أمورنا... ما يهمك هو أن تتسلم الكمية التي ترغب فيها لاغير".

رغم سعينا الشديد لإتمام الصفقة والتنويع في السيناريوهات لكشف الخيوط التي تدير عمليات النهب فإننا لم نتمكن من كسب ثقة أي من هذه الشركات.
ولفك شيفرة هذه الأحجية توجهنا إلى أحد تجار المواد الغذائية بالجملة والذي يتعامل مع الشركة المشار إليها آنفا واقتنع بضرورة التحدث إلينا مع وعد بعدم الكشف عن هويته.
يقول محدثنا أن أغلب هذه الشركات "لا تشتري وتبيع فعليا بل هي عبارة عن سجل تجاري للكراء إذ تستفيد من نسبة معينة (بين 2 و3 بالمائة) من قيمة البضاعة التي تقتنيها لفائدة الغير". ويفسر بأن شركات تجارية مصدرة للمواد الغذائية، تتمركز خاصة بين تونس العاصمة وسوسة وقابس، تشتري المواد الغذائية لفائدة حرفاء من باعة المواد الغذائية بالجملة وغيرهم من الدخلاء دون أن تصدرها "محدثة بذلك منافسة غير شريفة".
ويتابع قوله بأنه علاوة على عدم انتفاع البلاد بالعملة الصعبة التي تتأتى من التصدير فإن هذه الشركات في تمكينها للغير شراء بضائع دون أداء على القيمة المضافة فإنها لا تصرح بمرابيحها جراء هذه العملية وهذه البضائع التي تباع في السوق المحلية "لن نجد لها أثرا في فواتير الشركة صاحبة السجل التجاري".

شراءات بملايين الدينارات بعنوان التصدير:
يؤكد أنيس مبروك، كاهية مدير بالإدارة العامة للأداءات التابعة لوزارة المالية، أن "شراءات بملايين الدينارات تمت من قبل هذا النوع من الشركات التي تستغل تمتعها بإجراء توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة".
"تعمل هذه الشركات على بيع السلع التي تقتنيها بعنوان التصدير بالسوق المحلية خارقة بذلك كل الأطر القانونية" يضيف مبروك، مبينا أن "التقصير قد يكون موجودا من قبل مكاتب مراقبة الأداءات في ما يتعلق بمتابعة نشاط هذه الشركات".
وكشف لنا المتحدث عن "بحث معمق تجريه الإدارة العامة للأداءات بالتعاون مع الإدارة العامة للديوانة في هذا الشأن مع مراجعة معمقة لبعض الشركات المصدرة كليا".
ولاحظ مبروك أن "تبسيط الإجراءات المتعلقة بالامتيازات الجبائية وراء تفشي هذه الظاهرة إذ لا تنص هذه الإجراءات على استظهار الشركات المذكورة بفواتيرها بل تكتفي بتقديم وضعيتها المالية والتجارية لإدارة الأداءات".

أخطاء متعددة الأطراف

يشدد أنيس مبروك، من جهة أخرى، على أن اقتناء السلع، ومنها الغذائية، يتم "عبر تسلم الشركة المصدرة كليا، شهادة توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة وأصل إذن بالتزود من طرف مكتب مراقبة الأداءات للشركة المزودة".
ويواصل المتحدث "في حال عدم الاستظهار بهاتين الشهادتين وحصول الشركة على البضاعة المطلوبة فإن المزود يخرق بذلك القانون".
وتنتفع الشركات المصدرة كليا بشهادة توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة على معنى الفصل 12 من مجلة الاستثمار، وفق تفسير مبروك.
ويشدد المسؤول على أن الشركات المخالفة للقانون "تطالب في حال التأكد من هذه المخالفة بارجاع قيمة الأداء على القيمة المضافة التي تحصلت عليها علاوة على خطايا التأخير في سدادها".
وفي انتظار اتخاذ الإجراءات الصارمة لإيقاف هذا النزيف الذي يزيد من "ثقل فاتورة الفساد" على المجموعة الوطنية ويكبل التنمية ويعيق التصدير، فإن الأمر يتطلب مجهودات مضاعفة لا فقط لردع هذه الظاهرة بل لتزكية روح الإنتماء وحب وطن أراد فقط أن يعتق رقبته من الظلم والاستبداد والفساد الذي استفحل.




Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 129026


babnet
*.*.*
All Radio in One