رفع الحجر الصحي.. بين الضرورة والمطبات

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5e9b7b91151e30.20776772_nfjhogemqkipl.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

اليوم بعد قرابة الشهر من الحجر الصحي لا بد من الاقرار ان طاقة التحمل سواء النفسية او الاقتصادية او الاجتماعية بدأت تستنفذ.. الضغط النفسي بدأ يحتد أكثر فأكثر ولبعض الفئات الهشة فاقدة مورد الرزق صار صعب التحمل والمسألة اصبحت حيوية.. الاقتصاد اليوم بدأ يتقهقر بشكل كبير وموارد الدولة تتراجع وتتقلص وتشح وهي ايضا مسألة حياتية للدولة ككل.. ضغط رجال الاعمال من الجهة الاخرى صار عاليا بالتلويح بتسريح العمال وبالتالي رفع جحافل البطالين..







وبين المستوجب الاجتماعي والاقتصادي المالي الحيوي للدولة والمؤسسات الاقتصادية والمالية والفئات الهشة وبين المستوجب الصحي معادلة دقيقة وحساسة.. ففي المقابل اليوم لا توجد مؤشرات صلبة على تجاوز فترة الخطر وتجاوز الذروة فالارقام على استقرارها نوعا ما لا تعطي الطمأنة المطلوبة والضمانات الكافية.. وقد يكون لاي قرار تداعيات سلبية ونخسر كل ما تحقق من تحكم نسبي الى حد الان فكل تفشي للعدوى قد يصعب تداركه خاصة في ظل محدودية تحمل اجهزة الدولة الصحية والمالية..



وفضلا عن ذلك فالوباء اثبت انه في غياب الدواء والتلقيح لا يمكن السيطرة عليه فهو يكمن ثم يعود باكثر قوة وشراسة في موجات فاتكة.. وان كان لا يمكن البقاء الى ما لا نهاية فلا يجب رفع الحجر الصحي قبل المرور بمرحلة تدريجية مع التوجه نحو الحجر الصحي الذكي بكل مستوجباته بالتوازي لا بد من جملة من الشروط لا بد من توفرها..



-اولا لا يجب رفع الحجر قبل توضيب الدولة لبنية تحتية صلبة وكافية من حيث عدد اسرة الانعاش والمراكز الصحية الكافية لمواجهة اي موجة قوية ممكنة في كل وقت.. كما يجب تطوير الرقم 190 للحالات الاستعجالية بما يمنع امكانية بقاء عدد من حالات الاعلام دون قبول واستيعاب وفحص عند اللزوم..



-ثانيا لا يجب رفع الحجر قبل الوقوف الدقيق على حقيقة الارقام الحالية فلا يجب الاعتداد بالموجود ووجب اجراء فحوص عشوائية لا تقل عن 100 الف بين السريعة والتقليدية..



-ثالثا لا يجب ايضا رفع الحجر دون جلب الكمامات الواقية وتوزيعها بشكل كامل واصدار مرسوم يفرضها ويرتب عقوبات على عدم حملها..



-رابعا لا يجب ايضا رفع الحجر الصحي دون التغيير في الطريقة التواصلية الاعلامية الارشادية للمواطن لان العزل الحالي لا يجب ان يقود حين الرفع الى تراخي واستهانة وعدم الالتزام بالتصرفات الحواجز gestes barrières والتباعد الاجتماعي distanciation sociale..



في نفس الوقت لا يمكن المرور للرفع التام الا بعد فترة انتقالية لا تقل عن شهر وحتى أكثر حسب الوضع تسدعي اجراءات الحجر الذكي الموجه confinement intelligent بالسماح فقط لبعض القطاعات دون غيرها والابقاء على العمل عن بعد بالنسبة للنشاطات الممكنة ضمن هذا الوجه.. فلا يمكن بحال عودة كل النشاط الجامعي والتربوي ويمكن الاقتصار مثلا على رياض الاطفال والتعليم الاساسي مع تلامذة الباكالوريا وتأجيل العودة الجامعية الا لبعض الحالات الاستعجالية جدا.. كما لا يجب عودة الادارات دفعة واحدة ويجب الاستمرار في الحد الادنى لسير المرفق العمومي والخدمات العامة..



جملة من المستوجبات لا بد من مراعاتها في هذا الصدد..



اولا منع كل اشكال الاكتضاض والتزاحم واولها في النقل بعدم استعمال وسائل النقل لاكثر من نصف طاقة استيعابه مع التعقيم والتطهير اليومي لان النقل العمومي أكبر مجال لتفشي العدوى..



ثانيا التعقيم الاسبوعي على الاقل مرتين الكامل لكل الساحات والاماكن العامة والطرق والاسواق والمحطات وتوفير الجال المطهر في كل الاماكن المرتادة بشكل كاف..



ثالثا ارساء التكنولوجيات لقيس الحرارة عند كل المساحات التجارية والاسواق الكبرى لمنع دخول الحالات المشتبه بها..



رابعا استمرار عزل الاحياء والمعتدميات وحتى الولايات التي قد تحتضن ارقام كبيرة من المصابية واستمرار العزل الصحي لكل المصابين مع توفير الظروف اللائقة لاقامتهم واكلهم ونطافتهم وعلاجهم..



الحجر الصحي الذكي يستوجب التنبيه الى ان انه لا يجب ان يكون الرفع متواصلا فلا بد من التقييم في كل موعد واعتماد التوقف عند الضرورة والاستمرار عند غياب المخاطر عبر طريقة stop an go.. ولا يمكن أن يتم في غياب ثلاثة شروط أساسية اولها وعي وتعاون مواطني عال وثانيها قدرة الدولة على توفير التجهيزات واستيعاب كل تقهقر وثالثها قدرة الدولة على رد الفعل الفوري من خلال جهاز يقظة قوي وفعال système de veille pertinent وانسجام كامل بين مختلف المصالح..



الوباء اليوم لازال شرسا ولا يمكن بحال الاطمئنان اليه مهما ضمر وانكفأ فهو مثل الحية النائمة التي يمكن ان تستفيق في اي لحظة لتلدغ من بجانبها.. لكن اليوم بين مستوجبات السلامة والصحة التي تفرض العزل وتواصله وصرامة فرض الحواجز والمستوجبات الادارية والاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية التي يمكن ان تقود الى تفجر اجتماعي.. لا بد من اختيار تخفيف الحجر الصحي الكامل الى حجر صحي ذكي بتطبيق جدي وكامل وبوعي مواطني يتطلب ارشاد هادف وتوفير كل اسباب التحوط للعودة الى الحجر الصحي الشامل عند الاقتضاء.. فهذه الجائحة هي الاخطر ولها موجات متقطعة وقد تعود في كل لحظة بشراسة وفتك اكبر حيث وجب التيقظ والتوقي وتحضير الخطط وردة الفعل السريعة عند الطوارىء !!



وفي كل الحالات فلا يجب الحديث قبل أربعة الى ستة أشهر عن فتح الحدود مهما كانت الاسباب في عالم لازالت موجات تفشي الوباء داخله متلاطمة ولا تقدر مواردنا على مواجهتها !!



(*) قانوني وناشط حقوقي


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 201799


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female