عُطَلُ جلول و محلّها من الاعراب

أبو مــــــازن، جامعي
اعتمد التعليم الحديث في أغلب بلدان العالم على تقسيم فترة الدراسة الممتدة كامل السنة بعطل متعددة تتفاوت في المدة و ترتبط عادة بحدث وطني او ديني أو موسمي. لعل المشترك في التعليم الحديث بين جميع الدول أيضا هو برمجة عطلة الصيف الطويلة نسبيا و التي يعسر فيها التمدرس لحرارة الطقس و لمواسم الحصاد و لجاذبية البحر و لغيرها من القرائن المحلية التي يرتبط بها المواطنون في بلد ما. هذه العطلة تستهل دوما بتتويج نتائج سنة دراسية منقضية و تختتم بافتتاح عام دراسي جديد تعد له العدة اداريا و لوجستيا طوال أشهر الصيف.
اعتمد التعليم الحديث في أغلب بلدان العالم على تقسيم فترة الدراسة الممتدة كامل السنة بعطل متعددة تتفاوت في المدة و ترتبط عادة بحدث وطني او ديني أو موسمي. لعل المشترك في التعليم الحديث بين جميع الدول أيضا هو برمجة عطلة الصيف الطويلة نسبيا و التي يعسر فيها التمدرس لحرارة الطقس و لمواسم الحصاد و لجاذبية البحر و لغيرها من القرائن المحلية التي يرتبط بها المواطنون في بلد ما. هذه العطلة تستهل دوما بتتويج نتائج سنة دراسية منقضية و تختتم بافتتاح عام دراسي جديد تعد له العدة اداريا و لوجستيا طوال أشهر الصيف.

لم تخرج عن هذه القاعدة الدول المتقدمة صاحبة الريادة الحضارية كالولايات المتحدة و الدول الغربية. ففي الولايات المتحدة نجد عطلا دينية كعطلة نوال والفصح وعطلا أخرى حسب فصول السنة كعطلة الخريف والشتاء والربيع اختلفت كل فيديرالية في مدتها حسب ما يسمح به الزمان والمكان. هناك يتعرف التلميذ على محيطه و يكتشف طبيعة موطنه كيف تتغير بين الفصول حيث الرياح الموسمية وتساقط الثلوج و زقزقة الربيع. لا تختلف عطل فرنسا مثلا عن ما ذكرت سابقا اذ تتوالى العطل بين الأكاديميات ولكنها لا تحرم التلاميذ والطلبة من فرصة معانقة الطبيعة و التعرف على خصائص وطنهم الجغرافية و التاريخية والثقافية. روسيا بلد القيصر والتي تختلف فيها طرق التمدرس و التعليم نسبيا لم تشذ على هذه القاعدة بل اتخذت أياما من الخريف والشتاء والربيع لمثل ذاك الغرض فكانت عطلها موسمية صرفة.
هناك دول أخرى عرفت بمهرجاناتها العالمية وفلكلورها قد اتخذت مواعيدها عطلا رسمية كالبرازيل ومالطا و وبعض ولايات اسبانيا. هنالك ينتهز التلميذ الفرصة للغوص في العمق الثقافي لمجتمعه و خصائصه الحضارية القديمة والحديثة فينشأ على الاعتزاز بموطنه و وطنه. الصين الشعبية التي تنتمي الى حضارة الشرق والتي تشهد نموا اقتصاديا مطردا ساهم في ابرازه دون شك تعليم جيد، تقسم عطلها وفق مواعيد وطنية وأخرى تقليدية ضاربة في القدم. تتعطل الدروس في الصين في عطلة الاحتفال بالجمهورية وعطلة "زوارق الدراغون" زد على ذلك عطلا موسمية للخريف والشتاء.
أغلب دول افريقيا تنتهج طريقة المستعمر القديم في تحديد عطلها ولكنها تجتهد في مطابقة الاختيار مع الواقع الجغرافي اذ يقابل شتاء أوربا القارس فصل الصيف في الجنوب و يعفى اهل الاستواء من هذه الخاصية. السينغال وتنزانيا مثلا تعتمد المناسبات الدينية المسيحية و الاسلامية لتحديد عطلها المدرسية وذلك لاختلاف تكوينها السكاني. الدول العربية في معظمها ايضا تجمع بين عطل الفصول و العطل التي تواكب الأعياد الدينية فكيف اعتمدنا مثل هذه العطل المبرمجة لهذه السنة والتي لا توافق نظاما دراسيا في العالم المتقدم و العالم الثالث. انه استحداث جديد يعتمد مجرد الحساب و التقسيم المتساوي لأيام الدراسة بين السداسيتين. اللهم زدنا علما.
العطلة تسبق الامتحان فتتحول العطلة مجالا للمراجعة و تأسر الدروس الخصوصية التلاميذ بالليل والنهار فتنال من جهدهم و تكوينهم الطبيعي ومن جيوب الأولياء. هي فرصة جديدة لاستفحال هذه الظاهرة والقضاء على ممارسة الذكاء و الخلق و الابداع. الأسبوع المغلق للامتحانات أضحى اليوم أسبوعا لدروس التدارك الخصوصية وهي لعمري فرصة اضافية للاستثراء لاسيما و أن الأب مستعد لتوفير المال بشتى الطرق لأجل نجاح فلذة كبده. العطلة التي تبتدأ بعيد الجلاء فرصة أيضا لضرب التناسق الذي انطلق رويدا بُعيد عيد الاضحى فاعتاد التلميذ على نسق الدارسة و اجتهدت العائلة في توفير الظروف الملائمة من متابعة و حضانة مدرسية ووسائل التنقل. كل ذلك النظام انخرم في يوم وليلة بعد أن راود التلميذ كسل الصيف و السهرات المتأخرة و تمدد ساعات النوم لتلتهم أول النهار فما محل هذه العطل من الاعراب؟ لا أتصور أن يكون نظام العطل الجديد صادر عن استشارة موسعة خصت المربي والتلميذ و الولي و أهل القرار فتوجت بمثل هذا الاقتراح، فأي مصلحة ترجى من تقسيم مماثل مختلف على أغلب أنظمة التدريس في العالم؟
Comments
6 de 6 commentaires pour l'article 132377