اعترافات عائد من مسارب الهجرة غير النظامية: كنت أطارد وهما وفي الوطن ألف درب للنجاح

باب نات -
(مريم الخضرواي ـ وات)ـ "قدور" شاب تونسي أصيل منطقة الشمال الغربي آثر المكوث بحضن الوطن بعد مغامرات له في دروب الهجرة غير النظامية. هو الآن يعمل على إقناع شباب اخرين بالعدول عن الارتماء في "محرقة وهم الهجرة" وبالسعي إلى تحقيق أحلامهم في بلدهم. قال إنه أدرك أخيرا أن الطيور دائما ما تعود إلى أعشاشها وأن الحلم الاوروبي مجرد سراب. راوده الظفر "بمغانم أوروبا" منذ الصغر وخاض مغامرات دامت 6 سنوات قبل الثورة للاستقرار في بلدان أوروبية، لكنه ما لبث أن قرر العودة طوعا إلى تونس ليهنأ بحياة ما كان يحلم بها في القارة العجوز.
درس "قدور" في مدرسة شارع الحبيب بورقيبة ببلدة تاجروين الصغيرة من ولاية الكاف. أغلب المتساكنين هنا يعملون في أوروبا وخاصة في فرنسا. كانت وضعية عائلة الشاب صعبة للغاية. همس متحدثا "أحيانا لا نجد نقودا لشراء حذاء أو ميدعة للذهاب إلى المدرسة. نحن ثمانية أفراد في العائلة وأبي لا يملك المال الكافي ليلبي حاجاتنا. جعلتني ظروفنا القاسية أفكر في حل الرحيل لتحسين وضع العائلة".
درس "قدور" في مدرسة شارع الحبيب بورقيبة ببلدة تاجروين الصغيرة من ولاية الكاف. أغلب المتساكنين هنا يعملون في أوروبا وخاصة في فرنسا. كانت وضعية عائلة الشاب صعبة للغاية. همس متحدثا "أحيانا لا نجد نقودا لشراء حذاء أو ميدعة للذهاب إلى المدرسة. نحن ثمانية أفراد في العائلة وأبي لا يملك المال الكافي ليلبي حاجاتنا. جعلتني ظروفنا القاسية أفكر في حل الرحيل لتحسين وضع العائلة".
سيطر التفكير في الهجرة على مهجة الشاب، لكن استحالة حصوله على تأشيرة اضطرته إلى التخطيط للوصول إلى أوروبا، متجنبا (حتى في تخطيطه حسب روايته) طريق البحر الذي يمثل المسلك الكلاسيكي للمهاجرين التونسيين غير الشرعيين. قال " كان لي صديق ذهب إلى تركيا وأوعز إلى أنه من السهل الذهاب من تركيا الى أوروبا فاستخرجت جواز سفر ثم سافرت الى تركيا".
تعرف قدور في تركيا على كثير من المهاجرين وحاول بصحبتهم ولمدة شهور الوصول الى بلدة "سالونيك" في اليونان "فمن هناك لا يمكنهم ترحيلنا" أكد "قدور". باءت كل محاولات الوصول إلى تلك البلدة بالفشل. ولم ييأس قدور ورفاقه من البحث عن دروب أخرى وتمكنوا ذات محاولة من دخول بلغاريا التي مكث فيها سنة كاملة.
طفق يروي عن معاناته في البلدان التي نجح في الوصول إليها فقال "تم القبض علينا من قبل السلطات البلغارية وقضيت 5 أشهر في السجن. كانوا لا يتورعون عن ضربنا وإهانتنا وكثيرا ما حرمونا من الاكل". وتابع حديثه "اضطررت في أحيان عديدة إلى انتحال شخصية أخرى فالاستظهار بالهوية الحقيقية يعني ترحيلي مباشرة.
التقيت العديد من المهاجرين وبدأت مغامرة التنسيق بين المهربين والمهاجرين لأنني خبرت المسارب إلى البلدان المجاورة لأوروبا الغربية لكثرة ما جبتها تجشمت عدة مخاطر وتمكنت من النفاذ بيسر الى كل من ألمانيا والنمسا".
تحول قدور هذا الشاب الاربعيني الآن من مهاجر غير شرعي ومهرب للمهاجرين إلى ناصح يحاول صد أبناء بلده عن الرحيل والتخلي عن فكرة اقتحام مسالك الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا والبقاء ويقنعهم بالعمل في وطنهم تونس. يقول كأنما ينهل كلماته من نبع تجربته المريرة، لجمع من الشبان "قد يكون الرحيل عن الوطن حلا. وربما يراه الكثيرون من الشباب في تونس الوسيلة الوحيدة لتحقيق أحلامهم التي تتلخص أحيانا في الثراء والحرية. لكن ليس كل من يهاجر إلى أوروبا ينجح قد يتلقفه الرصيف والعراء أو ربما يأوي إلى أوكار الجريمة والإدمان". "أنا اليوم في بلدي أتعاطى مهنة الطلاء وأتطور ووضعي المادي يتحسن، بل تحسن بشكل أسرع مما كنت عليه في أوروبا. لقد حققت هنا أشياء منذ 2011 لم أستطع تحقيقها في أوروبا. " التفت يوجه الحديث إلينا "ألتقي عديد الشبان الذين يعتزمون الهجرة وأجتهد في إقناعهم بالعدول عن التيه في هذا الوهم. علمتني التجربة أن الهجرة غير النظامية رحلة نحو المجهول وربما سفر قريب إلى مواطن الموت...".
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 157473