هآرتس: الجيش الإسرائيلي يجري تحقيقا داخليا عن مقتل 15 مسعفا في غزة Bookmark article

مقتل مسعفين في غزة
Reuters

كشفت صحيفة هآرتس عن تحقيق داخلي في الجيش الإسرائيلي تتعلق بحادثة مقتل 15 من موظفي الإغاثة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وذلك خلال عملية نفّذتها وحدة "سيرت غولاني" ليلة 23-24 آذار/مارس الماضي.

وبحسب معطيات التحقيق، فإن القوة العسكرية أطلقت النار بشكل عشوائيّ ومتواصل على قافلة سيارات إغاثة لثلاث دقائق ونصف، وحتى من مسافة قريبة جداً، رغم أن أفراد القافلة حاولوا التعريف عن أنفسهم كعمال إغاثة.

واستخدم الجنود خلال تلك الفترة عددا كبيراً من مخازن الذخيرة، ما يشير إلى كثافة النيران التي أُطلقت، وفقاً لهآرتس.

وذكرت صحيفة هآرتس، نقلا عن مجريات التحقيق، أن الوثائق أظهرت أن نائب قائد الكتيبة قرر بشكل منفرد تغيير المهمة الموكلة إليه، وأمر بإطلاق النار دون الحصول على إذن أو التنسيق مع القيادة. كما تبين أن القرار بالاشتباك اعتمد على استجواب غير دقيق أجراه أحد الجنود مع أحد الناجين، رغم أنه لا يتقن اللغة العربية، وخلص بشكل خاطئ إلى أن المستهدفين ينتمون لحركة حماس.

وكانت سيارات الإغاثة تسير في مسار معلن ومصرّح به ولا يتطلب تنسيقاً مسبقاً، خلافًا لما ورد في البيان العسكري الأول الذي نُشر بعد الحادثة. كما وثق التحقيق أن القوة العسكرية أخفت جثث القتلى وعادت إلى موقع المراقبة، قبل أن تفتح النار لاحقًا على قافلة إنقاذ أخرى كانت تسير بأضوائها الكاشفة.

لقطة من مقطع فيديو، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه عُثر عليه في هاتف أحد المسعفين الذين قتلوا.
BBC
لقطة من مقطع فيديو، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه عُثر عليه في هاتف أحد المسعفين الذين قتلوا.

وقُدّمَت خلاصة التحقيق، الذي ترأسه اللواء الاحتياطي يوآف هار إيفن، إلى المستشارة القضائية العسكرية العامة يفعات تومر-يروشالمي، التي تدرس حالياً إمكانية فتح تحقيق جنائي رسمي في الحادثة.

ورغم نفي الجيش في بيان رسمي وجود إطلاق نار عشوائي أو إعدامات ميدانية، إلا أن الوثائق التي نُشرت حديثاً تشير إلى رواية مغايرة وتكشف عن تقصير عملياتيّ خطير قد يضع المسؤولين الميدانيين تحت المساءلة.

وكان الدفاع المدني الفلسطيني في غزة قد اتهم الجيش الإسرائيلي، الاثنين، بارتكاب "عمليات إعدام ميداني" بعد إطلاق نار قُتِل فيه 15 مسعفاً في مارس/آذار في القطاع، وذلك تعليقاً على تقرير تحقيق داخلي نشره الجيش الأحد.

وقال محمد المغير مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني في غزة إن "الفيديو الذي ظهر من تصوير أحد المسعفين يثبت كذب رواية الاحتلال الاسرائيلي، وأنه قام بعمليات إعدام ميداني".

وأكد المغير أن الرواية الإسرائيلية "عارية عن الصحة"، فيما عدّه "التفافاً على قرارات الشرعية الدولية وهروباً من المحاسبة والمحاكمة الدولية لهذه الجريمة الكبيرة".

الجيش الإسرائيلي: "أخطاء لا تتكرر بشكل يومي"

وتأتي تصريحات الدفاع المدني الفلسطيني بعد أن أقال الجيش الإسرائيلي نائب قائد وحدة الاستطلاع في لواء غولاني.

وأعلن الجيش نتائج تحقيق موجز أجراه حول الحادث، قائلاً إن الجيش ارتكب "العديد من الإخفاقات المهنية وانتهاكات الأوامر والفشل في الإبلاغ الكامل عن الحادث"، وفق التقرير الذي نُشر على موقعه الرسمي.

وقال الجيش الإسرائيلي إن "سوء تنسيق عملياتي" أدى إلى مقتل 15 مسعفاً في غزة خلال الشهر الماضي، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي "يأسف للأضرار التي لحقت بالمدنيين"، وأن هناك "جهداً مستمراً للتعلم من الحوادث العملياتية وتقليل احتمال وقوع حوادث مماثلة في المستقبل".

وذكر التقرير أن الجيش اتخد قراراً بإقالة نائب قائد كتيبة الاستطلاع غولاني من منصبه بسبب "مسؤولياته كقائد ميداني في الحادث وتقديم تقرير غير كامل وغير دقيق أثناء الاستجواب"، مضيفاً أن قائد اللواء الرابع عشر سيتلقى توبيخاً بسبب "مسؤوليته الشاملة عن الحادث".

وكشف التحقيق في الحادثة عن وجود سلسلة من الإخفاقات، مشيراً إلى أن مقتل موظف تابع للأمم المتحدة بعد ذلك بوقت قصير نجم عن "انتهاك للأوامر خلال ظروف القتال".

وأضاف الجيش أن نائب قائد الوحدة المعنية تم فصله "بسبب تقديمه تقريراً منقوصاً غير دقيق خلال الاستجواب".

وخلال حديث مع الصحفيين، أقرّ الضابط المسؤول عن التحقيق العسكري في مقتل المسعفين، بأن ما حدث كان "خطأ" ارتكبته القوات المشاركة في الحادثة، بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس.

ورداً على سؤال حول ما تعكسه الحادثة من وجود خلل أوسع في صفوف الجيش الإسرائيلي، قال يوآف هار-إيفن للصحفيين: "نعُدّ ما حدث خطأً، لكنه ليس من نوع الأخطاء التي تحدث بشكل يومي".

وأشار الجيش الإسرائيلي في بيان أن قواته فتحت النار "اعتقاداً منها أنها تواجه تهديداً من قوات العدو".

وذكر التقرير أن الحادثة وقعت في "منطقة قتال معادية وخطيرة"، وأن القائد الميداني شعر بتهديد مباشر ووشيك مع اقتراب المركبات بسرعة.

وحمّلت القوات الإسرائيلية "ضعف الرؤية الليلية" المسؤولية، موضحةً أن القائد لم يتمكن من تحديد هوية المركبات كسيارات إسعاف بسبب ذلك.

كما أفاد الجيش بأن تحقيقه توصل إلى أن ستة من القتلى كانوا أعضاء في حركة حماس، نافياً وقوع أي عمليات إعدام ميدانية.

ولم يقدّم الجانب الإسرائيلي أية أدلة تثبت انتماء أي من القتلى لحركة حماس، رغم أن أسماءهم كانت معلنة.

في البداية، زعمت إسرائيل أن جنودها أطلقوا النار لأن السيارات اقتربت "بشكل مريب" في الظلام دون أن تكون مزودة بمصابيح أمامية أو أضواء تحذيرية، مشيرة إلى أن حركة المركبات لم تكن منسقة أو متفقاً عليها مسبقاً مع الجيش.

لكنها ما لبثت أن أكدت أن هذه الرواية كانت "خاطئة" بعد أن أظهر مقطع فيديو عُثر عليه في هاتف أحد المسعفين، أن المركبات كانت مزودة بأنوارها وإشارات الطوارئ التحذيرية.

4 فلسطينيين يسجلون يومياتهم لبي بي سي على مدار سنة، فما مصيرهم الآن؟

وأظهرت لقطات مصورة بهاتف محمول، كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لاحقاً، أن مركبات الإسعاف التي تعرضت لإطلاق نار في قطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي، كانت تحمل علامات واضحة وأضواء إشارة الطوارئ الخاصة بهم، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليهم.

وفي فيديو بلغت مدته أكثر من خمس دقائق، يُمكن سماع صوت أحد المسعفين وهو يردد الشهادتين ويوجه رسالته الأخيرة مخاطباً أمه، قبل أن تُسمع أصوات الجنود الإسرائيلين وهم يقتربون من المركبات.

وكان مسؤول في الجيش الإسرائيلي قد قال سابقاً إن "الجنود دفنوا جثث العمال الخمسة عشر المقتولين في الرمال لحمايتها من الحيوانات البرية، مدعياً أن المركبات تم نقلها ودفنها في اليوم التالي لفتح الطريق".

ولم يُكشف عن هذه المقبرة إلا بعد أسبوع من الحادثة؛ حيث لم تتمكن الوكالات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، من تنسيق مرور آمن إلى المنطقة أو تحديد موقعها.

وفي تصريح سابق لجوناثان ويتال، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا) لوكالة فرانس برس، قال إن المسعفين الذين عُثر عليهم، كانوا "لا يزالون يرتدون زيهم الرسمي، ويضعون القفازات"، متحدثاً عن "مقبرة جماعية".

وطالب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في الحادث، وتقديم الجناة إلى محكمة الجنايات الدولية، وتوفير الحماية الفورية للطواقم الإنسانية العاملة في قطاع غزة.

All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female