الأونروا تصف حصار غزة بـ"الفضيحة الحقيقية"، ومحكمة العدل الدولية تواصل جلساتها العلنية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية Bookmark article

طفل جائع يبكي في غزة.
Reuters

ستون يوماً مرّت على إغلاق إسرائيل للمعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وذلك منذ 2 مارس/آذار بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار الذي أبرم مع حركة حماس، والتي استمرت 42 يوماً، منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني.

وتتحكم إسرائيل بكل تدفقات المساعدات الدولية التي تعتبر حيوية بالنسبة لـ 2,4 مليون فلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني أزمة إنسانية غير مسبوقة، وقد منعت إسرائيل دخول هذه المساعدات بالكامل في الثاني من مارس/آذار قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار أتى بعد 15 شهراً على بدء الحرب.

واعتبرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن المجاعة في غزة قرار سياسي إسرائيلي بالكامل، بحسب تصريحات صحفية أدلى بها مدير الاتصال في الوكالة جوناثان فاولر.

وقال فاولر في تصريحاته إن "إسرائيل تفرض حصاراً خانقاً لا يسمح بمرور أي شيء"، لافتاً إلى أن جميع الدعوات الدولية لفك الحصار لم تلقَ أي صدى.

ووصف المسؤول الأممي الحصار الإسرائيلي للقطاع وفشل المجتمع الدولي في التصدي له بأنه "فضيحة حقيقية".

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، إن إسرائيل منعت دخول الغذاء والوقود والأدوية والإمدادات التجارية إلى قطاع غزة منذ ما يقرب من شهرين، مشدداً على أن هذا الحصار يحرم أكثر من مليوني شخص من المساعدات المنقذة للحياة.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أعلن الجمعة أنه "سلّم آخر مخزوناته الغذائية المتبقية".

"نحن أمام عملية تجويع"

من جلسات محكمة العدل الدولية.
EPA

تتواصل في لاهاي، لليوم الثالث على التوالي جلسات استماع علنية لرأي استشاري بخصوص التزامات إسرائيل تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها في الأراضي الفلسطينية.

وبدأت محكمة العدل الدولية، الإثنين، أسبوعاً من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يوماً على فرض إسرائيل حصاراً شاملًا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة.

وتشارك حوالى 40 دولة ومنظمة من بينها جامعة الدول العربية في جلسات المحكمة.

وقال جوش سيمنز من الفريق القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية "ثمة مخاوف جدية حول حياد الأونروا بما يشمل أنباء عن أن حماس استخدمت منشآت للأونروا وأن موظفين في الأونروا شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الإرهابي على إسرائيل".

ولا تشارك إسرائيل في جلسات المحكمة غير أنها نددت بالقضية باعتبارها "جزءاً من اضطهاد ممنهج لإسرائيل ولتجريدها من الشرعية وتقويضها".

ومنعت إسرائيل الأونروا من العمل على الأراضي الإسرائيلية بعدما اتهمت عدداً من موظفيها بالمشاركة في هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي أدى إلى اندلاع الحرب في غزة.

وخلصت سلسلة من التحقيقات قادت أحدها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، إلى وجود بعض "المشكلات المتعلقة بالحياد" في الأونروا، لكنها أكدت أن إسرائيل لم تقدم أدلة على ادعائها الرئيسي.

غير أن سيمنز قال أمام القضاة أن لدى إسرائيل "أسباباً كافية" للتشكيك بنزاهة الأونروا.

وأوضح "بالنظر إلى هذه المخاوف من الواضح أن إسرائيل غير مُلزمة بالسماح للأونروا بتقديم المساعدة الإنسانية تحديداً. الأونروا ليست الخيار الوحيد لتقديم المساعدة الإنسانية في غزة".

يأتي هذا التحرك الأممي بناء على قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بناء على اقتراح من النرويج، يدعو محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري يحدد التزامات إسرائيل حيال تسهيل وصول الإمدادات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين وضمان عدم عرقلتها.

وقال السفير الفلسطيني عمار حجازي الإثنين، إن إسرائيل تستخدم منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة "كسلاح حرب".

وقال للقضاة إن "تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه شرب آمنة. ومنشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة".

وأضاف "هذه حقائق. نحن أمام عملية تجويع".

وقائع اليوم الثالث

قدّم فريق قانوني يمثل الأردن، الأربعاء، مرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، دعا فيها إلى وقف محاولات إسرائيل لإزالة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من الأراضي الفلسطينية.

وأكد الفريق أن (أونروا) تتمتع بحصانة باعتبارها وكالة تابعة للأمم المتحدة، وأن هذه الحصانة أساسية لاستقلالية عملها، مشدداً على "ضرورة عدم الاقتحام أو الاعتداء على مرافقها، وضمان استمرار سيطرة الأمم المتحدة عليها".

كما دعا الفريق إسرائيل إلى الالتزام باحترام الحصانات والامتيازات الممنوحة للوكالة، والتوقف عن أية إجراءات من شأنها إعاقة عملها أو استهداف موظفيها دون محاكمة.

أما الكويت، فأدانت عبر سفيرها لدى فرنسا، عبد الله سليمان الشاهين، أمام محكمة العدل الدولية، الهجمات الإسرائيلية على المنشآت المدنية في قطاع غزة، بما فيها المدارس والمستشفيات، معتبراً أنها انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. كما شدد على أهمية احترام القانون الدولي من جميع الأطراف، وعلى الدور الحيوي الذي تؤديه (أونروا) في الأراضي الفلسطينية، مطالباً إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها بصفتها "قوة احتلال" وضمان عمل مؤسسات الأمم المتحدة دون عوائق.

ودانت إيران، أمام محكمة العدل الدولية، ما وصفته بـ "فشل المجتمع الدولي في تطبيق القانون الدولي"، خصوصاً في ظل ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني"، مطالبة بـ "خطوات عاجلة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية"، وداعياً المحكمة إلى إصدار رأي استشاري بشأن ممارسات إسرائيل، خاصة قطع المساعدات الإنسانية عن غزة، وعرْض معطيات توثق "جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين".

كما أكدت عبر وزير خارجيتها، كاظم غاريبابادي، أن "اتفاقيات جنيف تُلزم الاحتلال بالتعاون مع الهيئات الدولية، وأن فشل نظام الأمم المتحدة في أداء دوره سيُسجّل في أرشيف التاريخ الإنساني"، مشدداً في ختام كلمته على أن موقف إيران لا يعني الاعتراف بـ"النظام الإسرائيلي".

وفي السياق، دعا نائب وزير خارجية تركيا، نوح يلمز، محكمة العدل الدولية إلى إصدار رأي استشاري بشأن "مسؤولية إسرائيل كقوة احتلال، خاصة في منعها عمل وكالة الأونروا"، منتقداً "استمرار وتفاقم الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية".

وقال إن "إسرائيل اختارت العداء بدل السلام، وتمضي في ضم الضفة الغربية وتهجير سكان غزة"، متهماً إياها باستخدام "التجويع كسلاح واستهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك تفجير مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، الوحيد المتخصص في علاج السرطان بغزة".

ودعا المستشار القانوني دييغو كولاس، ممثل فرنسا أمام محكمة العدل الدولية، إلى "وقف القتل اليومي في غزة وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون إعاقة"، مشدداً على أن عمل المنظمات الإنسانية يجب أن يكون متاحاً وفق القانون الدولي.

وأكد كولاس على حق الفلسطينيين في تقرير المصير ضمن حل الدولتين، كما طالب إسرائيل، بصفتها "قوة احتلال وعضواً في الأمم المتحدة، بالالتزام بتسهيل عمل الأونروا بموجب الاتفاقيات المبرمة"، منتقداً قانوناً أقره الكنيست مؤخراً يمنع عمل الوكالة، وداعياً إسرائيل إلى التعاون مع الشركاء الدوليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانوناً، لكن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل.

"الليلة الماضية كانت الأصعب"

مشيعون يحضرون جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية، في خان يونس، جنوب قطاع غزة، 30 أبريل/نيسان 2025.
Reuters

شنّت إسرائيل سلسلة غارات على مناطق عدة في قطاع غزة فجر الأربعاء، أسفرت عن مقتل 19 فلسطينياً، فيما أصيب آخرون بجروح.

ووصف عدد من السكان في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لبي بي سي، الأوضاع الميدانية بأنها "كارثية وغير مسبوقة"، مؤكدين أن القذائف وصلت للمرة الأولى إلى وسط المدينة.

وقال أحدهم إن "الليلة الماضية كانت الأصعب، الانفجارات كانت ضخمة وصوتها مرعب، البعض حاول النزوح مجدداً نحو منطقة المواصي".

وأضاف آخر أن القصف بات يستهدف "كل المناطق، المنازل والخيام دون تمييز"، مشيراً إلى أن "كل يوم يكون أصعب من السابق، ولا نعرف إلى متى سنبقى على هذا الحال".

وعبّر أحدهم عن حجم المعاناة قائلاً: "نعيش منذ أكثر من 560 يوماً في عذاب وهم، و60 يوماً بلا طعام أو ماء، من لا يموت بالقصف يموت عطشاً تحت درجات حرارة مرتفعة، ولا نجد حتى ما نروي به ظمأنا".

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأن 12 غزياً قتلوا في قصف ثلاثة منازل في مخيم النصيرات وسط القطاع غزة.

كما قتل ثلاثة فلسطينيين آخرين بينهم طفلتان جراء قصف استهدف منزلاً في جباليا البلد شمال قطاع غزة.

كما قُتل صيّادٌ إثر إطلاق النار عليه من قبل زوارق حربية إسرائيلية على شاطئ بحر مدينة غزة، فيما قتل آخر في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس جراء قصف منزل يؤوي نازحين، بحسب الوكالة.

وقصفت إسرائيل منزلاً في حي الزيتون بمدينة غزة ما أدى إلى مقتل فلسطيني من ذوي الإعاقة، فيما قُتل آخر متأثراً بجروح أصيب بها في مخيم البريج.

و أدت الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى مقتل 52400 شخص على الأقل في غزة معظمهم من المدنيين، بحسب الأرقام الأخيرة "غير النهائية" لوزارة الصحة في القطاع.

All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female