الصادق شورو و حرية التعبير

بقلم الأستاذ أبولبابة سالم
لا أدري لم يضيق صدر البعض كلما ذكرت أمامه آية أو آيات من القرآن الكريم , وخاصة ممن يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين و حداثيين رغم أنهم قد أقروا في حملاتهم الإنتخابية أنهم كلهم مسلمون و أن الإسلام ملك لكل الشعب التونسي و لا يجوز لفئة أو حزب أن يحتكره وهو أمر لا يختلف فيه إثنان , لكن يوجد فرق كبير بين الخطاب الموجه إلى عموم الناس لكسب أصواتهم و الممارسات التي تتعارض مع تلك التصريحات فالبعض مازال لم يحسم أمره في مسألة الهوية. وقد وصف الدكتورعصمت سيف الدولة في كتابه " العروبة و الإسلام" هؤلاء بالمنافقين" لأنهم يجهرون بما يرضي الناس يبغون مرضاتهم وهم يخفون غير ما يجهرون به , يبغون خداع الناس بإخفاء مواقفهم من قضية للناس مصلحة في معرفة مواقفهم منها فيبقون مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء".
لا أدري لم يضيق صدر البعض كلما ذكرت أمامه آية أو آيات من القرآن الكريم , وخاصة ممن يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين و حداثيين رغم أنهم قد أقروا في حملاتهم الإنتخابية أنهم كلهم مسلمون و أن الإسلام ملك لكل الشعب التونسي و لا يجوز لفئة أو حزب أن يحتكره وهو أمر لا يختلف فيه إثنان , لكن يوجد فرق كبير بين الخطاب الموجه إلى عموم الناس لكسب أصواتهم و الممارسات التي تتعارض مع تلك التصريحات فالبعض مازال لم يحسم أمره في مسألة الهوية. وقد وصف الدكتورعصمت سيف الدولة في كتابه " العروبة و الإسلام" هؤلاء بالمنافقين" لأنهم يجهرون بما يرضي الناس يبغون مرضاتهم وهم يخفون غير ما يجهرون به , يبغون خداع الناس بإخفاء مواقفهم من قضية للناس مصلحة في معرفة مواقفهم منها فيبقون مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء".

هذه المقدمة أردتها مدخلا للجدل الذي رافق تدخل الدكتور صادق شورو في المجلس الوطني التأسيسي و موقفه من الإعتصامات العشوائية و قطع الطرقات و الإعتداء على الأملاك العامة فقد بين أن القرآن الكريم شدد و أنكر كل مظاهر الفساد في الأرض وتوعد المفسدين بأشد أنواع العقاب في الآية الثالثة و الثلاثين من سورة المائدة { قال تعالى : إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم } , لا يوجد تونسي يحب الخير لبلده يقبل أن تحرق الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعطل آلة الإنتاج مهما كانت الأسباب فالمسألة تتعلق بمصير دولة و شعب و حكومة مسؤولة أمام مواطنيها والمصالح العليا للبلاد غير قابلة للمساومة , ألم يقل عمر بن الخطاب يوما " إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ". لقد ثار و انتفض الديمقراطيين و الحداثيين عندنا لمداخلة الدكتور الصادق شورو و اتهموه بالتكفير و المناداة بتطبيق الشريعة و تهديد مدنية الدولة وغيرها من التهم الجاهزة في كل حين لمواجهة الخصوم السياسيين .
ما يثير الدهشة هو مدى احترام هؤلاء لحرية التعبير التي طالما رفعوا يافطتها و لو تعلق الأمر بالتعدي على مقدسات الشعب{ كما حصل مع فيلم نسمة} أما إذا كان الرأي لا يوافقهم فإن هذه القيمة تصبح بلا قيمة , مهما كان موقفنا مما جاء على لسان السيد شورو ,ألم يقل هذا الكلام تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي وهو نائب منتخب من الشعب و النائب له كل الحصانة في كل ما يصرح به , و المؤسف أنه يوجد ممن ينتقده ممن لا يحسب حتى على المعارضة لأنه سقط في الإمتحان الإنتخابي . ولم كل هذا الإشمئزاز عند ذكر آيات من القرآن الكريم فهل نغربل القرآن لنقصي الآيات التي لا تعجب الحداثيين ؟, وهل نجعل القرآن مجرد كتاب لتزيين المكتبات ؟, أليس هو الكتاب المقدس الذي شرفنا به الله تعالى و نفخر بكل آياته ؟. عندما أشاهد العلمانيين في مصر يؤدون صلاة الجمعة مع كل التيارات السياسية و ألاحظ العداء لكل ماهو يتصل بالإسلام عند بعض المتطرفين العلمانيين عندنا أفهم مدى تأثير التيار التغريبي الذي عاشته بلادنا منذ الإستقلال .
الدكتور الصادق شورو أو مانديلا تونس ,رجل من سنوات الجمر وهو من رجال الله الذين زهدوا في الدنيا و تركوها للمتكالبين عليها, قضى أجمل سنوات العمر في العزل الإنفرادي و السجون و لم يرضخ لآلة الإستبداد و لم يساوم و لم ينحني كما انبطح الكثيرين الذين أصبحوا اليوم من الراكبين على الثورة بعد أن طبلوا للمخلوع و عائلتة و أكلوا من فتات موائد الرئيس السابق , رجل بهذا التاريخ المشرف نحترم مواقفه و لو اختلفنا معها و لو كان للبعض أخلاق الفرسان لكرمه كما فعل الدكتور المرزوقي بعد الثورة لا أن نهدد برفع قضية ضده بسبب رأي . و لكنها الحسابات السياسية الضيقة , وما أتعس السياسة عندما تنعدم فيها الأخلاق .
Comments
151 de 151 commentaires pour l'article 44784