مية الجريبي تربك المتطرفين العلمانيين

بقلم الأستاذ أبولبابة سالم - السيدة مية الجريبي مناضلة من سنوات الجمر , و لا أحد ينسى تلك الصورة و ذلك المشهد المهيب في شارع الحبيب بورقيبة في المظاهرة التي أسقطت الطاغية . و لا اضرابات الجوع ونزولها بنفسها لبيع جريدة " الموقف " التي كانت صوت المعارضة الوطنية من مختلف ألوان الطيف السياسي عندما حاصرها بن علي و ضيق عليها .


في خضم الحراك السياسي الذي تشهده بلادنا بعد الإنتخابات في محاولة لجمع قوى المعارضة الوطنية والذي أفرز توحيد أحزاب الديمقراطي التقدمي وآفاق و حزب الشعب الجمهوري كانت السيدة مية الجريبي واضحة و صارمة كعادتها عندما سألها البعض عن بعض القوى الأخرى كالقطب الحداثي و غيره قائلة إن الهوية العربية الإسلامية لتونس والدفاع عنها خط أحمر فقد أقرت اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الموقف نهائيا فمن يعادي هوية الشعب التونسي ليس له مكان في أي تحالف ممكن. فالشعب التونسي لا يساوم على عروبته و إسلامه و قد أثبتت الإنتخابات أنها كانت انتخابات على الهوية التي حاربها المتطرفون العلمانيون من اليساريين و الليبراليين المنبتين عن مجتمعهم و فشلوا فشلا مخجلا وعوض التقييم و المراجعة اتهموا الشعب بالجهل ,و للأسف فإن كل المثقفين يعانون من جهل شعوبهم إلا الشعب التونسي فإنه يعاني من جهل مثقفيه.
لاشك أن هذا الموقف هو خطوة في الإتجاه الصحيح , والسلطة القوية تحتاج إلى معارضة قوية , و ليكن التدافع و التنافس على البرامج و الخيارات التي تفيد التونسيين أما الثوابت فهي القاسم المشترك بين الجميع فلا توجد أمة بلا قيم أو أخلاق أو هوية تشكل خصوصية ذلك المجتمع أما الذين مازالوا لم يتخلصوا من المراهقة السياسية و مازالوا يشككون في الإنتماء الحضاري لتونس فليبحثوا عن بلاد أخرى تسعهم و لو أنه لا يوجد مجتمع يقبل من ينكر أصله و تاريخه.
موقف السيدة مية الجريبي عودة إلى التاريخ المشرف للحزب الديمقراطي التقدمي بعد الإنحراف الذي عاشه بعد الثورة , فقد كان معارضا شرسا لنظام بن علي فقد دافع عن اللغة العربية بعدما عزم المخلوع على طمسها في التعليم الأساسي لصالح الأنقليزية ونظم المسيرات المنددة بالرسوم الدنماركية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في أغلب المدن.
إن من يدافع عن هوية البلاد و انتمائها الحضاري له منا كل التقدير و التحية لأن المعركة مع أقطاب التطرف العلماني و الفرنكفوني الذي تغلغل في النظام القديم ومنحه الغطاء الإعلامي و الثقافي ما مازالت طويلة و شاقة و لكن شعبنا بدأ زمن الإنتصارات.
Comments
106 de 106 commentaires pour l'article 43897