ذكرى الثورة التونسية بين صور ستالين وشعارات حزب التحرير

لا شك أن الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة التونسية هو إحياء ووفاء لدماء الشهداء الذين بذلوا دمائهم رخيصة في سبيل مناعة هذا البلد وتحرره من الاستبداد وعصابة الفساد.


في ذكرى ثورة 14 جانفي الخالدة تدفقت جموع الجماهير في شارع الحبيب بورقيبة لإحياء وتذكر اللحظات الحاسمة التي أسقطت نظام المخلوع بالعبارة الشهيرة "ديقاج" وقتها لم ترفع أية صور أو أعلام أو شعارات سوى العلم الوطني المفدى الذي أنار درب الحرية فالأبيض والأحمر كان الطاغي وسقطت كل الأعلام الحزبية والفئوية.
لكن المشهد يوم السبت في شارع الحبيب بورقيبة تغير كثيرا فالاعلام التونسية أعلام الوطن البيضاء والحمراء بالكاد تشاهد فقد طغت صور لينين وستالين وشعارات حزب التحرير البيضاء والسوداء على الجميع وانقسم الشارع الذي كان موحدا ضد المخلوع في 14 جانفي 2011 إلى جماعات وفئات فكرية متناحرة ومنزوية .
لقد تعالت صيحات التكبير من جهة وعبارات التمجيد الثوري الشيوعي من جهة أخرى وكان النشيد الوطني خافتا وعوضتها جدالات جانبية عن الأفكار والقيم المتناقضة والمتصارعة عن الخلافة والبروليتاريا .
لم يهتم احد بآلام ومعاناة عائلات الشهداء الذين همشوا في الاحتفالات ما أدى إلى اعتصام عشرات منهم أمام مقر الوزارة الأولي بساحة القصبة تنديدا بما سموه تجاهلا متعمدا من الحكومة ومن الأحزاب وحتى من أطياف عديدة داخل الشعب التونسي.
حقيقة انه أمر مؤلم أن ينقسم التونسيون في ذكرى ثورتهم ويرفعوا إعلاما لا تمت لواقعنا بصلة شعبنا شعب معتدل يعتبر الراية الوطنية هو السقف الذي يجتمع تحته مختلف التيارات الوطنية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
لكن المفرح في ما شاهدناه يوم السبت في شارع الحبيب بورقيبة هو وجود شباب غير مؤدلج رفع راية تونس خفاقة وهتف للحرية وللكرامة وردد النشيد الوطني وكان في قلب الاحتفالات كما كان في قلب الثورة يوم 14 جانفي 2011 .

تلك الصور وان لم يركز عليها الإعلام كثيرا أعادت روح الأمل في أن يكون الشباب التونسي أكثر تشبثا بقيم المواطنة وبقيم ما يطلق عليه "بالتونسة" من نخبه اليسارية واليمينية التي ظهرت مجزاة وفئوية بصورة كبيرة.
نحن لسنا ضد أي فكر أو ضد أية شعار لكننا كنا نتمنى أن يكون الشعار والعلم الوطني الأبيض والأحمر يرفرف وحده في سماء تونس الحرة.
كريم بن منصور
Comments
18 de 18 commentaires pour l'article 43892