الإعلاميّون و الحكومة.. مسألة حقوق أم عقوق

بقلم عبد الرزاق قيراط - باستغراب كبير، استقبل الإعلاميّون مرسوم الحكومة القاضي بتعيينات جديدة لتسيير وكالة تونس إفريقيا للأنباء و الشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر، و مؤسسة التلفزة التونسية بقناتيها الأولى والثانية. و ظهر ذلك الاستغراب في بيانين لنقابة الصحفيّين و الهيئة الوطنيّة العليا لإصلاح الإعلام اللّذين وصفا ذلك الإجراء باعتباره ردّة إلى أسلوب الرقابة و التقييد و الإملاءات السياسيّة. و عبّر البيانان "عن عميق الاستياء من تلك القرارات التي تم اتخاذها في غياب التشاور مع الأطراف المعنية وهو ما يتناقض مع مسار الانتقال من إعلام حكومي موجه إلى إعلام عمومي ديمقراطي، تعدّديّ ومستقلّ".
كما خصّصت نشرة أنباء الثامنة حيّزا لا بأس به لما يمكن وصفه بالاحتجاج و الاستنكار على الخطوة التي أقدمت عليها حكومة الجبالي، و في محاورة الناطق باسم الحكومة السيّد سمير ديلو أوضح أنّ تلك التعيينات جاءت لسدّ الشغورات التي عرفتها المؤسّسات المعنيّة منذ فترة و طالب بعدم تحميلها أكثر مّما تحتمل موضّحا أنّها لا و لن تمسّ من حريّة الإعلام و الإعلاميّين. لكنّ السيّد كمال العبيدي رئيس الهيئة العليا لإصلاح الإعلام عقّب قائلا "إنّ الحكومة أقدمت على أمر خطير جعله يشعر أنّه لا يعيش في بلد ديمقراطيّ"، مشيدا بفترة قايد السبسي الذي كان "أكثر تشاورا مع الهيئات المعنيّة برحابة صدر واضحة" على حدّ قوله، و أضاف العبيدي أنّ رئاسة الحكومة الجديدة اتّخذت قرارها بطريقة مخجلة و متسرّعة و بدون تشاور.
كما خصّصت نشرة أنباء الثامنة حيّزا لا بأس به لما يمكن وصفه بالاحتجاج و الاستنكار على الخطوة التي أقدمت عليها حكومة الجبالي، و في محاورة الناطق باسم الحكومة السيّد سمير ديلو أوضح أنّ تلك التعيينات جاءت لسدّ الشغورات التي عرفتها المؤسّسات المعنيّة منذ فترة و طالب بعدم تحميلها أكثر مّما تحتمل موضّحا أنّها لا و لن تمسّ من حريّة الإعلام و الإعلاميّين. لكنّ السيّد كمال العبيدي رئيس الهيئة العليا لإصلاح الإعلام عقّب قائلا "إنّ الحكومة أقدمت على أمر خطير جعله يشعر أنّه لا يعيش في بلد ديمقراطيّ"، مشيدا بفترة قايد السبسي الذي كان "أكثر تشاورا مع الهيئات المعنيّة برحابة صدر واضحة" على حدّ قوله، و أضاف العبيدي أنّ رئاسة الحكومة الجديدة اتّخذت قرارها بطريقة مخجلة و متسرّعة و بدون تشاور.

و يتّضح ممّا تقدّم أنّ العلاقة بين حكومة الجبالي و المؤسّسات الإعلاميّة تعيش أزمة حقيقيّة بدأت منذ فترة بإبداء الامتعاض و الاستغراب تجاه الدور الذي يلعبه الإعلام في فترة صعبة تتميّز بكثرة الاحتجاجات المطلبيّة التي حظيت بتغطية مستمرّة و تضخيم لا ينسجم مع حاجة البلاد إلى الهدوء والاستقرار و الانصراف إلى العمل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه في المجال الاقتصاديّ. وفي تصريحات لافتة، أبدى العديد من الوزراء استياءهم من "العمل المشبوه" الذي يظهر في بعض وسائل الإعلام "بابتعادها عن النزاهة و الموضوعيّة و دخولها في خندق التجاذبات السياسيّة الضيّقة" و كان آخرها تصريح رئيس الحكومة الذي أثار موجة من الاحتجاجات واعتبر تدخّلا سافرا في عمل الصحفيّين و تهديدا لحرّيّة نشاطهم.

و لعلّ الحكومة تشعر أنّها لا تتمتّع بتغطية نزيهة لأعمالها و سياساتها ما دامت الأخبار والمقالات و التحاليل تشكّك أكثر ممّا تصدّق و تنفّر أكثر ممّا تبرّر. إنّها علاقة عقوق بتوصيف أخلاقي ينسحب حتّى على المؤسّسات العموميّة التي يبقى من أوكد واجباتها خدمة الشعب الذي يموّلها. وخدمة الشعب تكون بنقل الخبر بشكل يخدم المصلحة العليا لهذا الوطن حتّى و لو كان المسيّرون لدواليب الحكم من حزب كان و مازال يُعامل بكراهيّة لا يمكن إنكارها.
و للإعلاميّين أيضا أن يدافعوا عن حقّهم في النهوض بوضع قطاعهم دون أن تكون الحريّة مرادفا لخدمة الفوضويّين المخرّبين لاقتصاد البلاد و دون أن تصبح الاستقلاليّة معارضة دائمة لعمل الحكومة التي أخذت على عاتقها مسؤوليّات جسيمة تحتاج فيها إلى المساعدة من جميع الأطراف. و بذلك يظهر الخيط الأبيض من الأسود ولا تتداخل قدسيّة الحقوق مع مبدأ العقوق.
و لعلّنا ندعو بتعبير آخر، إلى تحويل المعركة التي تعيشها بلادنا في هذا الوضع الانتقاليّ التأسيسيّ من مواجهات حزبيّة متواصلة إلى سباق حقيقيّ مع الزمن لتحقيق أهداف الثورة التي ستوحّد كلّ القوى لخدمة هذا الشعب. و الشعب التونسيّ يراقب الجميع و يميّز بذكائه بين الحقّ و الباطل! فحذار من الشعب!
عبد الرزاق قيراط
Comments
51 de 51 commentaires pour l'article 43581