القاتل الصامت

مديحة بن محمود
جريمة أبشع من جريمة القتل تتصدر صفحات أصداء المحاكم يوميا...
جريمة أبشع من جريمة القتل تتصدر صفحات أصداء المحاكم يوميا...
جناية ترتكب في حق الكثيرين ويكون المجني عليه أحيانا هو المتهم الأول ويعاقب أكثر من الجاني... الاغتصاب ذاك القاتل الصامت...
ضحايا كثر ليسوا ضحايا المغتصبين فقط بل إلى ذلك هم ضحايا المجتمع والصمت.
تغرير، استدراج، تحويل وجهة، تهديد، عنف، جلاد وضحية ثم اغتصاب.
دموع، الم، خوف، قرف، ضياع، كوابيس وصورة ضبابية لمستقبل كان بالأمس مشرقا.
أسباب عديدة يعزو إليها المغتصب والمجتمع الإقدام على هذه الجريمة : الكبت، الانحراف، غياب الوازع الديني، الكحول، المخدرات، سلوك المرأة المتحرر... ولكن لا يوجد ما يبرر هذا الفعل حقا.
المعنيان بالأمر هما المرأة بدرجة أولى ثم الأطفال فالمرأة التي تغتصب تعاني الأمرين حتى ولو كان هذا المغتصب زوجها أو حبيبها فما بالك لو كان رجلا لم تره في حياتها إلا لحظة الاعتداء عليها وما بالك لو لم يكن شخصا واحد إنما مجموعة.
فحتى إن كانت إحدى فتيات الليل لا يحق لأحد مواقعتها دون رضاها..
لماذا يستبيح الرجل الذي قد يرتكب جريمة للدفاع عن عرضه أعراض الآخرين؟
لماذا يعتبر البعض المرأة مجرد أداة لإطفاء رغبات حيوانية بحتة مهما كانت الطريقة؟
ولماذا لا يفكر المغتصب في ما سيترتب عن ما يقترفه في حق ضحيته وحق نفسه والمجتمع؟
ما ذنب الطفل الذي يتعرض للاغتصاب في مرحلة مبكرة ويختار مكرها الصمت خوفا من والديه وجلاده الذي قد يستغل صمته ويكرر فعلته مرات ومرات حتى يكبر وتكبر العقدة داخله وينتظره أحيانا كثيرة مصير من اثنين إما الشذوذ أو البرود...؟

ولعل ما يزيد الأمر تعقيدا ومرارة نظرة المجتمع للمغتصب أنثى كانت أم طفلا حيث يحمل البعض المرأة المسؤولية في تعرضها للاغتصاب ويعزون ذلك إلى لباسها المتحرر أو المثير متناسين أن هذه الحوادث تسجل أيضا في بلدان ترتدي نساءها النقاب فهل منع النقاب هذه الجرائم؟... قطعا لا...
فالقسوة والشك اللذان قد تواجههما المغتصبة من أفراد المجتمع وأولهم أفراد عائلتها الذين عادة ما يفقدون الثقة بها ويعتبرونها مؤهلة للوقوع في الخطيئة في أي لحظة يجعلان الكثيرات يؤثرن الصمت خاصة إذا كان المغتصب احد أفراد العائلة الموسعة لتدفع وحدها ثمن متعة جلادها وسلبيتها غاليا وقد يسيل خوفها لعابه أكثر ويبتزها ويعيد الكرة مثنى و ثلاث ورباع.
ورغم أن القانون صارم إلى حد ما في قضايا الاغتصاب إلا انه لم يمثل رادعا كافيا.. فهل يجب أن يصل الحكم إلى الإعدام في ساحة عامة حتى يرتدع هؤلاء الذين يستبيحون أعراض الآخرين ولا يبالون بمصير المعتدى عليهم الذين سلبوا اعز ما يملكون: البراءة، الكرامة وراحة البال.
فوحده الصمت والسلبية من قبل الضحية والاستهتار والنزوع نحو العنف من طرف الجاني يفرضان علينا هذا النوع من الجرائم...
ووحدها التربية الجنسية والدينية الصحيحة داخل الأسرة والمدرسة وتعويد الأبناء على الحوار وترسيخ قيمة احترام الآخر تمثل طوق نجاة ومناعة ضد هذا النوع من الجرائم التي قد تدفع مجتمعا بأسره نحو الهاوية...
Comments
20 de 20 commentaires pour l'article 28362