أسطول الحرية وتحرير فلسطين

<img src=http://www.babnet.net/images/5/libertyship.jpg width=100 align=left border=0>


تعصف بالقضية الفلسطينية حالة من التشرذم والانقسام لم نشهد لها مثيلا منذ انتصاب الكيان الصهيوني..عوامل عديدة لعبت دورا في الوصول الى هذه الحالة, وحتى أضع النقاط على الحروف وللانصاف أقول بأن العوامل الفلسطينية كان لها الأثر الكبير في ذلك واخرها الاقتتال الفلسطيني الداخلي وما نتج عنه من انفصال ما تبقى من الوطن المحتل الى قسمين منفصلين سياسيا وجغرافيا. الحصار المفروض على قطاع غزة دخل عامه الرابع على مراى ومسمع السلطة في رام الله والعالمين العربي والاسلامي, فالدول العربية والاسلامية لا تملك غير الاستنكار والشجب والمطالبات التي لا تغني ولا تسمن من جوع, ولا ننكر هنا بعض المساعدات التي قدمتها بعض الدول العربية كالأردن مثلا وخاصة بعد الاجتياح الصهيوني الوحشي الأخير لقطاع غزة, الا أن التحرك الغربي لكسر هذا الحصار ممثلا بأحراره وببعض جماعاته الانسانية والديمقراطية كان أكثر بروزا..انهم أصبحوا عربا ومسلمين أكثر من العرب والمسلمين أنفسهم, فهكذا هم الأحرار لا تفرقهم الحدود الجغرافية والأصول الدينية والعرقية..وهذا ما لا نفهمه اطلاقا عندما نتكلم عن الأمة العربية التي تمتلك كل مقومات الوحدة ولكن هذه الأمة والوحدة عبارة عن خطين متوازيين لا يلتقيان مهما امتدا.
عندما حاول الغزاويون كسر الحصار المفروض عليهم, قام الكيان الصهيوني الغادر بارتكاب مجزرة وحشية بحقهم استمرت ثلاثة أسابيع خلفت المئات من الشهداء والالاف من الجرحى والمعوقين ناهيك عن تدمير البنية التحتية, وللأسف شاركت مصر" الرسمية" الصهاينة بجريمتهم هذه باغلاقها المعابر في وجه الفارين من الة البطش الصهيونية والجرحى والمرضى وهددت بكسر عظام كل من يحاول اقتحام المعابر, وبعد ذلك قامت ببناء الجدار الفولاذي حفاظا على أمنها القومي, وهو الحفاظ غير المباشر على الأمن القومي الصهيوني.
إن الدولة العبرية طغت وتجبرت ووصلت الى حد لا يمكن السكوت عليه، فهي تعتبر نفسها "شعب الله المختار" في الأرض الذي يحق له أن يمارس كافة أنواع الاضطهاد والذل لغيره من الشعوب ولا أحد يجرؤ على محاسبته..ان الكيان الصهيوني لا يعتبرنا نحن بالأخص أي الشعوب العربية والاسلامية جميعا أمة نستحق الحياة ولهذا فهو يمارس جميع أنواع القتل والتشريد والابادة ولا يبالي بأي اعتراض أو استذكار, ولم لا وهو يرانا نقتتل فيما بيننا وقرارات قممنا حبر على ورق, ونهرول وراءه من أجل التطبيع معه, وكل ما نملك عمله هو ترديد" نستنكر, نشجب ونطالب".

الوضع المأساوي لأهلنا في غزة هاشم جعل أحراراً من شعوب العالم ينتمون الى أربعين دولة يتحركون من اجله، فقاموا بتنظيم أسطولهم البحري السلمي لإيصال المساعدات الانسانية الى غزة المنكوبة.



مشهد القرصنة الصهيونية كان جليا وواضحا حينما غزت سفنها الحربية أسطول الحرية البحري وفي المياه الدولية, مدعية بأن هذا الأسطول يحمل"ارهابيين" مسلحين أتوا ليساعوا حماس, وأن من كانوا على متن هذا الأسطول هم الذين بادروا باستعمال السلاح ضد جنود الصهاينة الغزاة..انهم يستخدمون بجدارة مقولة غوبلز وزير الدعاية الألماني في عهد هتلر:"اكذب ثم اكذب ثم اكذب فلا بد من أن يصدق الناس في النهاية", وبهذا وكعادتهم حولوا أنفسهم من جلادين الى ضحايا, ولا أستغرب بأن يقوموا بمطالبة الأربعين دولة بتعويضات عما لحق بهم.
ردود الفعل الرسمية العربية والاسلامية وكالعادة لم تكن كما يجب أن تكون, وبصراحة مؤلمة وحارقة لم نتوقع أن تكون عكس ما كانت عليه, ولا نطالب القادة والزعماء العرب بشن حرب على الكيان الصهيوني لأنهم ضعفاء تبعيون ولا يملكون اتخاذ القرارات, فاللوبي الصهيو-أمريكي يحركهم كما يحرك لاعب الشطرنج المحترف حجارته.
لا أحد ينكر بأن هذه القرصنة الوحشية الصهيونية كان لها تداعيات فيها نوع من الايجابية على المستويات الفلسطينية والاقليمية والدولية, فالفصائل الفلسطينية جميعها بما فيها حركتا فتح وحماس اتفقت على أنه حان الوقت لاعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية فهي السلاح الأقوى في مواجهة قتلة الأبرياء والأطفال والنساء..قتلة أصحاب الضمير وعاشقي الحرية والتحرر والمدافعين عن حقوق الانسان.
مصر"مكره أخاك لا بطل" قامت بفتح معبر رفح الحدودي مع غزة, والكويت تطالب بسحب ما يسمى بالمبادرة العربية للسلام, وعمرو موسى يؤكد بأن الوقت حان ليفهم العرب أن الكيان الصهيوني لا يفهم لغة المفاوضات والسلام بل لغة القوة, وبعض الدول العربية تطالب بعقد قمة عربية طارئة, والأردن يعلن عن استعداده لمعالجة جميع جرحى أسطول الحرية.
انها نقطة تحول ولكننا كنا نأمل أن نشاهد مواقف عربية واسلامية أكثر صلابة كما أسلفت, فالموقف التركي الشعبي والرسمي كان مشرفا, فها هو رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا يصرح بأن هذا الهجوم الوحشي على أسطول الحرية هو"نقطة سوداء في تاريخ الانسانية, فشن هجوم مسلح على سفن مساعدات وقتل مدنيين ومعاملة مدنيين كما لو أنهم ارهابيون ليس الا تدهوراًً للانسانية وتهوراً دنيئاً، فحتى الحروب لها قواعد ولا يمكن لأحد ان يهاجم أطفالاً ونساء ومسنين ومدنيين ورجال دين وعمال اغاثة، وحتى المستبدون واللصوص والقراصنة يتمتعون بشيء من الحساسية ويلتزمون ببعض المبادئ الانسانية".وطالب أردوغان المجتمع الدولي ببدء تحقيق في الهجوم بدلاً من انتظار عمل حكومة"لم تخجل من جرائمها".
وقال ان"تركيا ليست دولة جديدة التأسيس، ولا يفترض بأحد ان يختبر صبر تركيا، فصداقتها قيمة لكن عداءها عنيف".
نعم, لقد ارتكب الصهاينة جريمة حرب تضاف الى جرائمهم التي لا تعد ولا تحصى, ومن هنا يجب على المحاكم الدولية محاكمة القادة الصهاينة السياسيين والعسكريين الذين اخترقوا واعتدوا على المياه الدولية، وبذلك اعتدوا على القوانين والشرائع الدولية لأنهم يستحقون المحاكمة والعقاب..انها فرصة ثمينة يتوجب على الأمتين العربية والاسلامية والمجتمع الدولي الحر استغلالها وعدم خسارتها.
هذا الموقف البطولي لرجب طيب أردوغان"ابن الأناضول" ليس بجديد عليه, فالجميع يذكر موقفه بعيد المجزرة الصهيونية على غزة وعندما انسحب من قمة"دافوس" السويسرية مخاطبا رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريس:"انكم قتلة أطفال ولا يمكن الجلوس بجانبكم"..ومن هنا يتوجب علينا أن نرسل شكرنا وتحياتنا الى الشعب التركي العظيم وقواه المناضلة النابضة, والشكر الخاص الى ابن الأناضول ورفيقه عبدالله غول, فتركيا هي التي تبنت قوافل أسطول الحرية وسخرت موانئها كنقطة انطلاق لها, انها خطوة مليئة بالجرأة تفتقر اليها الغالبية العظمى من الدول العربية وخاصة الكبيرة منها.
وبالعودة الى ما افتتحت به مقالي هذا أقول بأن خلافاتنا الداخلية لعبت دورا مركزيا في الوصول الى ما وصلنا اليه, فالعدو استغل بذكاءه وثعلبته وضعنا المتشرذم وقام بصب الكاز على النار ولايزال, ومن هنا نطالب وبشكل فوري وقف المفاوضات معه وبكل صورها واعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية وبدون شروط مسبقة, فوحدتنا هي السلاح الوحيد والأوحد في مواجهته وهي التي ستنهي حالة الحصار المفروض على غزة, وهي التي ستجعله يفكر مليون مرة قبل أن يقوم بأية خطوة قد تمس بنا.
والى أبناء غزة المحاصرين أقول بأن صمودكم وصبركم ومقاومتكم لأبشع وأظلم حصار عرفه التاريخ المعاصر، ودعم أبطال الحرية لكم سوف لن يكسر هذا الحصار فقط, بل سيحقق عودتكم الى حيفا ويافا وعكا والقدس وكافة بقاع فلسطين, فالعد التنازلي للصهاينة قد بدأ, والتاريخ علمنا بأن قوى الظلم والاحتلال وان عظمت وطالت فهي الى الزوال, وما بعد الليل الا بزوغ الفجر.
تحية الى كل المناضلين الأحرار الذين ركبوا البحر وخاطروا بأرواحهم من أجل فك الحصار..المجد والخلود لشهداء الحرية الأبطال..وتحية الى كل الشرفاء العرب الذين انتفضوا دفاعا عن غزة ومن وقف معها..الخزي والعار للعرب المتصهينين الذين أيدوا ودعموا القرصنة الصهيونية, هؤلاء ستقذفهم جرافات التاريخ الى مزابله, وبئس المصير.
د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة




Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 27901

Dorra  (Tunisia)  |Lundi 7 Juin 2010 à 18:17           
@ صوت من تونس
لا يمكنني التعليق على كلامك إلا بمقال فهمي هويدي:
ليست مشكلة غزة، لكنها مشكلة التبلد الذى ران على العالم العربى، بحيث صار يتذرع بالانقسام لينفض يده من القضية الفلسطينية وهى تصفى، ناسيا أنها إذا ضاعت ضعنا جميعا
.....
الملاحظة المهمة الجديرة بالرصد فى هذا السياق أن العالم العربى فى السنوات الأخيرة يزداد ابتعادا عن القضية الفلسطينية واقترابا من إسرائيل، فى حين أن الرأى العام الغربى والأوروبى بوجه أخص يزداد وعيا بحقائق القضية وابتعادا عن إسرائيل وقد ظهر ذلك بشكل واضح عقب العدوان الإسرائيلى على غزة الذى فضحه وأدانه تقرير القاضى جولدستون على الصعيد الدولى، فى حين تستر عليه فى حينه الرئيس الفلسطينى محمود عباس وساعد إسرائيل على الإفلات من الإدانة بسببه، كما لم تأخذه
الحكومات العربية مأخذ الجد.

لم يقف الأمر عند حد تراجع أولوية القضية وتقدم مسيرة التطبيع باسم ذرائع مختلفة، وإنما بدا أن تفكيك القضية والتفريط فى ثوابتها أصبح أمرا ميسورا ومقبولا فثمة شبه توافق الان على إمكانية التنازل عن الأرض بدعوى تبادل الأراضى، بحيث تبقى المستوطنات كما هى وتستأثر إسرائيل بالأرض الزراعية ومصادر المياه، وتعطى السلطة الفلسطينية مساحات مقابلة لها فى صحراء النقب. وثمة تركيز واهتمام بالسلطة والدولة أكثر من الاهتمام بالأرض التى هى جوهر النزاع وثمة اقرار
بالتنازل عن حق العودة والحديث الآن جار حول المقابل والبديل. وثمة شبه اجماع بين الدول العربية ورجال السلطة فى رام الله على إدانة المقاومة واتهامها (تلك مشكلة غزة الحقيقية) الأمر الذى أفرز وضعا غاية فى الغرابة بمقتضاه تم التنسيق الأمنى بين السلطة وبين إسرائيل لملاحقة المقاومة وإجهاض عملياتها.
الأعجب والاخطر مما سبق هو ذلك التغيير الذى تلوح بوادره فى الافق العربى، وبمقتضاه تختفى صورة العدو الإسرائيلى، لكى تصبح إيران هى العدو الجديد. صحيح أن اسرائيل ما برحت تروج لذلك الادعاء (وهو أمر طبيعى) لكن الغريب فى الأمر أن بعض الاطراف العربية صدقته وصارت تروج له بدورها. آية ذلك اننى قرأت فى صحيفة «الشرق الأوسط» أن تجمعا عالميا شهدته العاصمة السعودية الرياض جدد التحذير من خطر برنامج التسلح الإيرانى الذى تحيط أخطاره بالمنطقة باسرها، وخرجت
التحذيرات تلك من خلال بحوث متخصصين فى الطاقة النووية عددا من أوجه الاخطار النووية فى ظل الأوضاع الراهنة التى تدور فى المنطقة وايد لقاؤهم وجود خطر واضح فى البرنامج النووى الإيرانى، الذى (يؤثر سلبا) على منطقة الخليج وتوازن القوى فى المنطقة، وفقا لآراء المتخصصين وقد لاحظت أن هذه الندوة نظمها أحد مراكز البحوث السعودية بالتعاون مع مركز ستيمسون الأمركى، ومن المصادفات اننى دعيت لمناقشة الموضوع فى احدى المحطات التليفزيونية المصرية، ولكننى اعتذرت وقلت
لمعد البرنامج الذى اتصل بى اننى لا امانع فى المشاركة فى حالة ما إذا بدأنا بالحديث عن السلاح النووى الإسرائيلى لسبب جوهرى هو أن ما يخص ايران هو احتمال يشيعه الامريكيون والإسرائيليون، أما السلاح النووى الإسرائيلى فهو حقيقة مسكوت عليها.

حيث يطل المرأ على الساحة العربية من علٍ، يجد أن العالم العربى يساق ذاهلا ومستسلما فى طريق رسمه الأمريكيون ليس فقط لتصفية القضية الفلسطينية وتمكين إسرائيل من تحقيق ابتلاع فلسطين ومحوها من الخريطة لينفتح الطريق بعد ذلك لاخضاع العالم العربى بأسره. وهى الجائزة الكبرى التى ينتظرها الطرفان على أحر من الجمر.
إننا نساق إلى الانتحار بخطى حثيثة
//////
أرجو أن تكون فهمت المقصد يا صديقي فكلامك يدل على هذا التبلد العربي

صوت من تونس  (Tunisia)  |Lundi 7 Juin 2010 à 16:30           
مع كل احترامي للدكتور صلاح عودة ، كلامه معقول و صحيح ولكنّنا سمعناه و قرأناه العديد من المرات و لم يأت بربع حل و كمواطن عربي أود أن أسوق بعض الملاحظات
الاقتتال الداخلي شيء لا يعني الاّ الفلسطينيين وهم وحدهم قادرون على تجاوزه
و من الجنون الالتجاء إلى مصر بل هو ضرب من الانتحار الاستراتيجي إن صحت العبارة

من البساطة أن ننتظر التعاطف الغربي - و تركيا أعتبرها من العالم الغربي- كحل للقضايا العادلة، و إلاّ ما كان للاستعمار أ ن يوجد و استغلال الموارد الطبيعية للعالم بهذا الجنون

من هنا نفهم أنّه لا وجود إطلاقا لاستعمار غير وحشي و الجزائر و كمبوديا و التبت
شاهد و البسنة و الهرسك شاهد على ذلك و على الفلسطينيين أن يعولوا على أنفسهم فقط

الغرب ليس كله - مع الأسف - كالذين ناصروا بواخر حملة الحرية- أنا أعتبرها حملة- و إلاّ لكانت فلسطين تحررت منذ الستينات و إسرئيل ستتفنن في في وضع العراقيل

وفي ظل ما يحصل في العراق و اليمن و الجزائر و الصومال و الصحراء الغربية و سوريا
من الغريب أننا ما زلنا نتحدّث عن الوحدة العربية في ظل الاوضاع الحالية
والشعوب العرب هي الوحيدة التي تنتظر من الآخرين أن يفعلوا لهاأكثر مما يستطيعون أن يفعلوا لأنفسهم

و أخيرا ليس من المهم أن نحشر مقالاتنا عن فلسطين بكلمات مثل الصهيونية الاضطهاد المجازر الجرائم... لنحصل على التعاطف
مع كامل احترامي و تقديري



babnet
All Radio in One    
*.*.*
French Female