يوميات عاطل -2

<img src=http://www.babnet.net/images/5/chomeur75.jpg width=100 align=left border=0>


الفصل الثاني - كالعادة لم تتخلف الإذاعة الوطنية عن إيقاظ عاطل الذي بدأ يسترجع ما نسجته أحلامه خلال نومه المتقطع، فمنذ تخرج وبدأ رحلة الألف ميل للبحث عن عمل لم ينم يوما بصفة متواصلة وعادة ما يستفيق مرات عدة على كابوس يراوده دائما ولا يتذكر غيره حتى أنه يعتقد أن أحلامه تقتصر على ذات الحلم المزعج ولاشيء غيره.

يبدأ الكابوس بصوت عال يتردد على مسامعه في مكان موحش ومظلم للغاية، كان الصوت قبيحا ولم يكن قادرا على تحريك يديه ليسد بهما أذنيه في حين يزداد الصوت قوة وقبحا حتى لتكاد أذناه تنفجران، يقترب الصوت أكثر ويتراءى له رجل ضخم رث الهيئة طويل اللحية غليظ الوجه يمد يديه الى عنقه ويضغط عليها حتى تكاد تنفجر عروقه وينتهي الحلم على صيحات عاطل...





استفاق عاطل أخيرا ولم يكلف نفسه عناء غسل وجهه أو النظر الى هيئته في المرآة، فمنذ مدة طويلة وهو يعاني حالة من اللامبالاة التامة خلفت لديه عشوائية تامة انعكست على هيئته وتصرفاته وأحاديثه. اليوم سيتوجه مكرها الى الطبيب لعلاج وجع ينتابه في لسانه ورغم مقته للمستشفيات والأطباء فانه سيذهب مكرها لأن الألم لم يعد يطاق.

خرج من منزله وتوجه إلى محطة الحافلات، وجدها كالعادة مليئة بما رخص ثمنه وزاد وزنه، انتظر كثيرا وأخيرا وصلت السيدة الصفراء وتدافع مع الجماعة للصعود ليجد نفسه أخيرا داخلها بين كم هائل من الأجساد التي التصقت به وخلف لديه أحدها شيئا من النشوة لم يحس بها منذ زمن بعيد، لم يكن هو المسيطر على الموقف بل كان الجسد الذي يقف أمامه هو الفاعل وكان صاحبنا المفعول به لأنه نسي كيف يكون فاعلا منذ أصابته تلك اللامبالاة وترك الموقف على طبيعته حتى وضعت الحافلة أوزارها...

نزل وكأن شيئا لم يكن, دخل المستشفى ووجد طوابيرا هائلة تنتظر الفرج وتداخلت الأصوات في أذنه حتى كاد يغادر...ولج اخيرا الى طبيبه المعالج الذي تجاهل تحيته وسأله بفتور عن سبب تشريفه له..فوصف أوجاع لسانه بايجاز حتى لا يقلق راحة محدثه حينها قام الآخر متثاقلا وفحصه ثم دون بعض الأدوية وودع عاطل على أمل أن لا يزوره مرة ثانية...

أخذ الوصفة وتوجه بيد مرتعشة الى صيدلية المستشفى وجاءه الرد الذي كان يخشاه دائما :لا يوجد؟؟تحسس عاطل جيبه المسكين ولم يجد فيه الا بعض المليمات التي يستميت في الحفاظ عليها ولا تكفيه لشراء ربع أدوية الوصفة وارتسمت على شفتيه ابتسامة مرة عادة ما يلتجأ اليها في مثل هذه الحالات وأخذ الورقة ومزقها بهدوء قبل أن يتثرها في الهواء تاركا اياها وراءه ومغادرا المستشفى بلا رجعة ليلتجأ لأمه علها تخفف ألمه بوصفة من وصفاتها التقليدية.

عاد عاطل من حيث أتى دون أي فائدة، مر في طريقه بحانة نصف محترمة فقرر أن يدخلها وأن يجرب حلاوة النسيان الذي توفره له المشروبات الروحية رغم أنه لم يذقها في حياته ولم يكن يحترم كثيرا مدمنيها ولكن لامبالاته سيطرت عليه وقرر عيش التجربة ،بدأ لسانه يستقبل أولى قطرات الشراب فأحس بمرارته ولكنها لم تكن بعشر مرارة وضعيته فزاد منه ونسي جيبه الفارغ وبدأ يطلب الكأس وراء الأخرى عله يجرب الإحساس الذي يخلفه ولكنه لم يشعر بشيء وكأن النحس يلاحقه في رغبة الانتشاء ولو للحظات...

لم يغب عن الوعي ولم يحس بدغدغة في جسمه وبقي الإحباط مسيطرا عليه، جرب كل الأنواع دون أن يؤثر فيه شيئا بل على العكس زاده الشرب استحضارا لهمومه وأحزانه وكوابيسه، بقي مذهولا من قدرة عقله على البقاء صامدا أمام مفعول الكحوليات وعلى قدرته على تذكيره دوما بتعاسته، تذكر حينها أن مقدار ما شربه من كحول يساوي أضعاف ما في جيبه لذلك حاول في غفلة من الجميع الخروج ونجح في ذلك ليركض فيما بعد نحو منزله حتى لا يلحقه الجماعة...

دخل المنزل وحاول الا يلتقي أمه، لكنه فشل في ذلك ووجدها أمامه فسكت حتى لا يفتضح أمره ودخل الى غرفته مسرعا كي لا يزيد كدرها تذكر أنه لن يستطيع النوم قبل أن يوهم نفسه ببعض التفاؤل..ولكنه فشل في اقناع نفسه بالحياة الوردية التي تنتظره وبقيت عيناه مفتوحتان تنتظران أمرا من دماغه للنوم...فصفع نفسه مرات متتالية حينها فقط ذهب في نوم عميق لن يوقظه منه الا شيئان...كابوس ذلك الشيخ..عفوا الشيء المخيف و...صوت الاذاعة الوطنية

حمدي مسيهلي







Comments


9 de 9 commentaires pour l'article 27554

   (Tunisia)  |Vendredi 23 Avril 2010 à 18:19           
Nous voulons contribuer à limiter le chomage en tunisie. alors si vous êtes interessés, ou si vous connaissez des gens qui le sont, vous pouvez nous contacter pour un travail libre et sans investissement. c'est un travail lucratif et simple.
contactez-nous sur facebook.
nous cherchons des vendeurs sur catalogue avec commission. nous avons un produit très apprecié et facile à vendre.
merci

Dorra  (Tunisia)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 18:14           
والله برافو عليك يا أستاذة إيمان، صحيح الحركة بركة
لو كل واحد يخمم أنو العباد اللي تخدم توة الكل لقات خدمة بالأكتاف وبالرشوة، فعلى الدنيا السلام
صحيح هذي الظاهرة متاع الأكتاف والرشاوي موجودة أما مستحيل اللي ينجحوا مثلا في مناظرات يكونوا بكلهم عندهم شكون تكلّم عليهم
راهو كل واحد ماياخذ كان اللي ربي مكتبهولو زايد الكلام، هذاكة علاش لازم الواحد ياخذ بالأسباب ديمة ويصبر موش يمشي يدفن روحو وسط دبابز المشروبات الروحية (ما فهمتش منين جاتها الروح وهي في الأصل تقتل الروح)

Tounsi  (Spain)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 17:07           
(مجرد خواطر)

تتحدثون عن الشهادات الكبرى والعمل في الادارات العمومية،تتحدثون عن "الأكتاف"والرشاوى تتحدثون عن البطالة وقتل الوقت،تتحدثون عن الهجرة إلخ من هموم الحياة.إنه أمر عادي ولا غرابة فيه،الانسان طموح بطبيعته وله همومه ولولا ذلك لم وصلت الانسانية لم وصلت إليه اليوم من تقدم واكتشافات وكذلك من تعقيدات
ومشاكل حياتية
من لم يعاني ويشقى على وجه هذي الأرض لنيل مبتغاه وفي أخر المطاف في نهاية عمره يجلس ويحاسب نفسه ويتسائل هل حقاً وصل إلى مبتغاه وعلى حسابي ماذا؟

Maman  (Tunisia)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 14:53           
@docdrine
ce n'est pas vrai ce que tu dis, ça existe oui mais on ne peut pas généraliser. franchement, la faute est bien partagée entre bcp de parties. je ne vais pas parler de la responsabilité de toutes les parties mais je vais aborder un seul point. pourquoi blame-t-on maintenant l'état et le système d'embauche si on a passé notre adolescence et jeunesse à trainer dans les rues et les cafés et à "profiter" de la vie et si on a donné la basse priorité
aux études. si on a bien bossé et si on a eu de très bons résultats et si on a eu accès aux écoles et facultés tunisiennes les plus restigieuses on ne serait pas dans cette situation là. moi j'ai fait des études difficiles, j'ai étudié dans de bonnes écoles avec une bonne spécialité et voilà que j'ai décroché un très bon poste dans une société de renommé dès mon 1er entretien.. personne de mes anciens collegues de classe n'est chomeur ou n'a
pas trouvé de boulot ou a eu recours lel aktef ou erraouchoua pour travailler.. et on se permet aussi de changer de boulot, de trouver d'autres occasions plus bonnes ou ahna illi neddalou.. conseil: incrustez en vos enfants l'amour des études, les vraies études, pas celles qui se décrochent avec un bac médiocre ou avec une moyenne de bac qui est gonflée par les 25% de la moyenne de l'année!

Docdrine  (Tunisia)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 14:30           
السلام عليكم،
دون أكتاف و رشوة الشاب التونسي مصيره مصير هذا العاطل،
مهما كانت قيمة شهادته العلمية أو مدى كفاءته،
و يكفيكم تزيينا ، تلطيفا و تبرقيشا للواقع المر الذي نعيشه في ضل فساد معظم مؤسسات
الدولة،

و الله يعافينا من الرشوة و الأكتاف و البستونات

K. from tunisia  (Tunisia)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 11:16           
Bsaraha merci oustada imen, c'est vrai ce que tu as décrit dans ton commentaire, vraiment on ne vie pas dans ces conditions dont il parle monsieur msihli..
il faut beaucoup de patience dans nos jours........

Mido  (Tunisia)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 10:26           
C'est honteux d'ecrire qu'il boitde l'alcool et d'ecrire ca normalement on est musulman non???

Tunisienne  (Tunisia)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 09:44           
Est ce qu'il n'a pas pensé à faire un tour du coté du bureau d'emploi ton chomeur?

الاستاذة ايمان  (United Arab Emirates)  |Jeudi 22 Avril 2010 à 06:31           
والله سخفني عاطل سي حمدي بربي ابعثلي السيرة الذاتية متاعو اتو نلقاولو حل
علاش المغبون الي يبات عليه يصبح عليه(فقط لتغيير الجو القاطم الذي ادخلنا فيه الصحفي)
اعتقدان مرارة البطالة ليست لهذا الحد حيث لا ادري ان كان برنامج 21-21 لدورات التكوين لاصحاب الشهادات العليا لازال ساري المفعول في تونس، حيث يمكن للعاطل التسجيل في دورة لغة الانقليزية يدرسها في كلية الاداب منوبة لمدة 6اشهر خلالها تحصل على منحة تقدر 150د شهريا مع العلاج المجاني والاشتراك في وسائل النقل العمومية و شخصيا تمتعت بهذه الدورة في اول نسخة لها سنة 2006 واستفدت الكثير خاصة بعد الاستفادة من دروس مكثفة وامتحان بالمركز الامريكي.
لذلك صراحة عاطل ليس فقط عاطل عن الشغل لكن عاطل في كل شي ومشهد اسود لاطارات المستقبل لتونس ولاصحاب الشهادات العليل وحبذا ان يكون الواقع مختلف وربما اذكر بمثالي "اسعى وربي معاك"
ونشاء الله عاطل وكل من في هذه الوضعية التعيسة حقيقة ان يتحلى بالروح الايجابية والتفاؤل والسعي للحصول على وظيفة
ولاخاب من توكل على الله


babnet
All Radio in One    
*.*.*
French Female