مكاسب عدم انعقاد القمة العربية

كنت أعتقد أن مكاسب عدم انعقاد القمة العربية في تونس، أكبر من المكاسب التي يمكن أن تنتج عن انعقادها،.. فعلى أقل تقدير وفرت الدول العربية مجتمعة ما لا يقل عن ثلاثين مليون دولار من "عدم" انعقاد القمة، ونحو عشرة ملايين دولار أخرى كانت الشعوب العربية ستنفقها على شراء المهدئات والمسكنات بعد صدور البيان الختامي للقمة وهو يحوي عبارات أقل وضوحا وقوة من كلمات أغاني شعبان عبد الرحيم... ولكنني اكتشفت لاحقا أن عدم انعقاد القمة أدى إلى خسارة الأمة لأمر مهم فقد كان شعبان (شعبولا) قد أعد أغنية خاصة بالقمة ولكنه أجل إذاعتها في انتظار القمة... ولو انعقدت القمة في موعدها لكانت تلك الأغنية قد حلت مشكلة قناة فضائية اكتشفت وجودها أثناء إقامتي في فندق بالرياض.. فهي مخصصة فقط لأغنية شعبولا "الصورة والكتابة" مصحوبة برسوم كاريكاتورية لشارون وبوش وكوندوليزا رايس وصدام حسين،.. ومن فرط ضحالة ثقافتي الفنية فإنني لم أستمع إلى شعبولا أو أشاهده أكثر من مرة أو اثنتين، وكان ذلك مصادفة، وأنا أتجول بالريموت بحثا عن قنوات معينة، وأجد نفسي وجها لوجه مع الرجل الذي أعتبره المثل الأدنى للشباب في مجال الأناقة.. ولكنني وبصراحة أحب شعبولا أكثر من حبي لمطربين معاصرين يقال إنهم كبار.. فشبعولا يعطي كل إنسان الأمل في أن يكون مطربا... يعني شخص مثلي يدندن في الحمام فيطلب عياله الإسعاف لأنهن يحسبون أن الصوت الناجم عن حنجرته هو حشرجة موت.. يستطيع أن يقف أمام الميكروفون ويدندن علنا وعلى رؤوس الأشهاد دون أن يطلب له أحد سيارة الإسعاف.. والشيء الآخر أن شعبولا يؤكد لنا أن كاتب الأغاني لا ينبغي أن يكون بالضرورة شاعرا بل المطلوب فقط أن يكون شخصا قادرا على رص كلام به بعض السجع.. ولكن أهمية شعبولا كنموذج للمطرب تكمن في أنه يؤكد لنا بنجاحه وشعبيته أن المطرب يمكن أن يكون رجلا بملامح ممعنة في "الرجولية"، وأن التأنث والتخنث الذي يمارسه بعض مطربي هذا الزمان ليس ضمانا للنجاح والرواج.. وكنت أعتقد أن أكثر حنجرة لا تصلح للغناء صادفتها في حياتي هي حنجرة الصديق الصحفي السعودي المتمرس قينان الغامدي الذي أجزم بأنه ما عاكس فتاة طوال حياته ولا قال حتى في مرحلة المراهقة كلاما رومانسيا لفتاة بسبب حباله الصوتية "العربية" التي لا تصلح إلا للخطابة في المنابر لتوعد الجماهير بالويل والثبور.. ولو اختار قينان الخطابة بدلا من الكتابة لصار الناطق الرسمي الدائم باسم الجامعة العربية.. وأنا أحب قينان وعمرو موسى.. وبَكره بوش، وأحب شعبان عبدالرحيم، رغم أنني أعتقد أن حنجرة قينان أفضل من حنجرته.. ورغم أن ملابسه تذكرني بأطباق السلطة التي تقدمها الفنادق تحت اسم جميلة فتتذوقها لتكتشف أنها أسخف من الآيسكريم بنكهة الكوسا.. ورغم أن أغنياته المزعومة جميعها بلحن واحد رتيب.. فشعبولا هو صمام الأمام والتنفيس الذي يمنع ملايين العرب من الانفجار بسبب "القهر والغضب والغليان".. هو وكلماته وألحانه لوحة كاريكاتورية تحملك على الابتسام فتريح أعصابك.. والأهم من كل ذلك أن شعبولا لا يستعين بأنصاف العاهرات في أغانيه المصورة فلا تجد حرجا في متابعته وأنت مع بناتك وأخواتك!.
J Abbas
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 1631