حدثتكم بالأمس عن كيف ضبطت ولدي البكر غسان، في وضع مخجل أمام فتيات قليلات الحياء حالهن مائل، وبضاعتهن معروضة أمام الذباب والذئاب، وبينهن مئات من الشبان الذين لم يجتازوا المرحلة الانتقالية بين الرجولة والأنوثة، وكيف أن الولد تلجلج وشرح لي أنها الحلقة الأخيرة من برنامج ستار أكاديمي، وأنه كان يسجل بعض الملاحظات كي يزودني بها كي أكتب عن ذلك البرنامج... وأعترف وكلي إحساس بالذنب والعار أنني تابعت آخر دقائق ذلك البرنامج الذي سمعت عنه كثيرا دون أن أشاهد شيئا منه، وحدثتكم بالأمس كيف أن المصري محمد عطية فاز بالمرتبة الأولى وكيف سجد على أرض المسرح، ثم تبادل الأحضان والقبلات مع عشرات الأشخاص والشخصيات.. وكانت تلك أكبر عملية بوس جماعي منقولة بالبث المباشر أشاهدها في حياتي!! ويبدو أن غسان صار مثقفا أكثر مما كنت أتمنى له، فبعد أن طلبت منه الانتقال إلى قناة أخرى، توقف بي عند قناة اسمها "ميلودي" - قاتلني الله إن كنت قد شاهدتها من قبل - فزجرته لأن ما كان معروضا عليها كان ضربا من البوس غير المباشر، ولكنه طلب مني أن أقرأ السطور المتحركة أسفل الشاشة ففعلت وضحكت: عشرات الرسائل والبرقيات تعتبر فوز محمد عطية ببطولة ستار أكاديمي إنجازا مشرفا لمصر.. شركات ضخمة وذات مكانة مرموقة في السوق الإقليمية والعالمية تهنئ شعب مصر على الإعجاز المتمثل في فوز مصر بالبطولة.. وقضيت نحو عشر دقائق وأنا أتابع تلك السطور التي كانت تتحدث عن محمد عطية وكأنه هرم مصر الخامس (فيفي عبده قالت إنها الهرم الرابع).. وضحكت كثيرا على تلك السخافات.. ثم ظهر كائن عجيب الملامح على الشاشة فكاد ضحكي أن يتحول إلى عويل.. دققت النظر في ذلك الكائن الذي كان رأسه محاطا بشرائح من السجاد العجمي المضفور وعرفت أنها "جواهر بتاعتنا"،.. وصحت في غسان: شيل البتاعة دي من قدام وجهي، فانتقل إلى قناة أخرى وثانية وثالثة وكان على كل منها صورة ياسر عرفات، فقلت له: أمرنا لله، ارجع إلى جواهر.. فهي على الأقل لن تعدنا بتحرير حلايب، أو تطالب بالإفراج عن حسن الترابي،.. وكانت جواهر تغني.. وأرخيت السمع.. كانت جواهر تغني وتقول - والله على ما أقول شهيد - "قوي إيماني بالصلاة.. بلا إله إلا الله"... فصحت في ولدي مجددا: ارجع إلى أبو عمار فهو قطعا أخف على القلب من جواهر حتى وهي تتصنع الخشوع.. وسمعت المذيع يقول إن شارون توعد الختيار بالقتل!! وصاح غسان: ما في راجل يوقف شارون الكلب ده في حدوده؟ فقلت له: ما في... جيلنا لم يفلح في شيء سوى الجعجعة، وجيلكم لا يفلح في شيء سوى الشخلعة!