لم أعد أقرأ الصحف اليومية

لم أعد أقرأ الصحف اليومية لمتابعة الأخبار ، إذ تكفيني إطلالة عابرة على التلفزيون، وراديو السيارة لمعرفة ما يجري في العالم، ولكنني أقرأ الصحف بحثا عن "الآراء"، أي المقالات التحليلية، ولست أعاني من عقدة الأسماء الكبيرة، بل يلفت نظري اسم كاتب جديد أكثر من اسم كاتب "لامع"، ولكن تأتي أيام أتجنب فيها صفحات الرأي في الصحف العربية، لأنني أعرف سلفا أن 90% منها ستتناول نفس الموضوع بنفس المصطلحات والاستنتاجات،... وعلى سبيل المثال عندما تستخدم أمريكا حق الفيتو لحماية إسرائيل من الإدانة في مجلس الأمن الدولي، تكون 90% من المقالات عن انحياز أمريكا المكشوف لإسرائيل وكيف أن ذلك سيجلب عليها عداوة العرب والمسلمين!! استنتاج عبقري، خاصة وأن أمريكا لم تنكر يوما أنها راعية إسرائيل،.. بل ومن بديهيات السياسة الدولية أن أمريكا تستخف بالشعوب الأخرى، ومنذ الحرب العالمية الثانية لم يجلس في البيت الأبيض رئيس لم يشن حربا على دولة أخرى، ولم يحدث قط أن تعرضت أمريكا لخطر خارجي حتى جاءها أسامة بن لادن من داخل عرينها، وكبدها خلال دقائق معدودة من الخسائر البشرية أكثر مما تكبدته خلال الأشهر السبعة التي ظلت قواتها تحارب خلالها داخل العراق،... ويوما بعد يوم يخرج علينا الكتاب النبهاء باكتشافات باهرة حول معاداة الحكومة الأمريكية الحالية للإسلام والمسلمين، وكيف أن أرييل شارون عدو للسلام (ولكن نفس الكتاب يتهمون أي عربي يدعو للسلام بالخيانة والعمالة!)،... وأقول بكل ثقة إن ما لقيه المسلمون على أيدي "المسلمين" ألف ضعف ما يمكن أن يلقوه على يد أمريكا،.. ثم لماذا لا تنحاز أمريكا لإسرائيل؟ من البديهي والطبيعي أن تسعى أي دولة لكسب حليف قوي وموثوق بقدراته! ثم كيف يهدد انحياز أمريكا لإسرائيل مصالحها في العالم العربي؟ منذ 55 سنة وأمريكا منحازة 100% لإسرائيل ومع هذا فإن مصالحها في العالم العربي تتعزز لأنها في "أيد أمينة"!! ثم بالله عليكم ما الذي يدعو أمريكا أو بوركينا فاسو للتعاطف مع السلطة الفلسطينية التي ترغم الشعب الفلسطيني على أن يختار إما شهاب الدين أو أخاه!! ويبقى الفلسطينيون بلا حكومة لأن أركان السلطة مختلفون حول من سيتولى الإشراف على الأجهزة القمعية!! ليس مهماً من يتولى شؤون الحكم المحلي والخدمات والأمور المالية ولكن الرك والتركيز على وزارة الداخلية التي ستدير الـ14 جهازا أمنيا! وطارت حكومة أبو مازن بسبب تلك الوزارة وها هو أحمد قريع يشكل حكومة على كرسي متحرك صلاحيتها شهر واحد لعدم إمكان الاتفاق حول من هو الأجدر بتولي مهمة ترويض وتأديب العناصر "الفلسطينية المارقة"
ولو كنت رئيسا لأمريكا أو كوستاريكا لما أقمت للعرب وزنا لأنهم بلا حيلة وسينافقونني مهما فعلت بهم، فلا توجعوا رؤوسنا بالحديث عن استخفاف الأمريكان بكم، ومهما قلنا في حق أمريكا فإن الاستخفاف الذي يلقاه المواطن العربي في بلاده أقل فداحة ووقعا من الاستخفاف الأمريكي به... فالأمريكان يستخفون بكل شعوب الأرض وليس بنا وحدنا، ولكننا نعيش كالبهائم في زرائب ينعدم فيها حتى التبن... ولا يمكن أن نلوم الأمريكان على ذلك!.
جعفر عباس
Al Watan
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 1546