البناء والأشغال العامة: مقاولات أفلست... مشاريع توقّفت... والجهاز المالي يرفض تمويل التأهيل

المصور- يواجه قطاع البناء والمقاولات تحديات كبيرة فرضها ارتفاع أسعار مواد البناء، وانفتاح السوق على مقاولات أجنبية خاصة بعد احتضان بلادنا لمشاريع كبرى مثل »باب المتوسط« الذي تنجزه سما دبي ومطار النفيضة والمدينة الرياضية وغيرها من المشاريع بتمويلات أجنبية ....
هي لعبة السوق المفتوح التي وضعت المقاولين أمام تحد كبير... ومما زاد الأمور تعقيد اختلال التوازن بين أسعار المنازل والقدرة الشرائية للمواطن.
هي لعبة السوق المفتوح التي وضعت المقاولين أمام تحد كبير... ومما زاد الأمور تعقيد اختلال التوازن بين أسعار المنازل والقدرة الشرائية للمواطن.
»المصور« فتحت ملف اشكاليات مقاولي البناء بين أسباب إفلاس بعض المقاولين في الفترة الأخيرة، وأسباب توقف أشغال عمومية كبرى ومدى استعداد مقاولاتنا لبناء ناطحات سحاب لمشروع سما دبي وغيره وتوفير اليد العاملة الكفأة... اضافة الى أسئلة تهم المواطن الباحث عن سكن تتعلق بسبب ارتفاع أسعار المساكن كل هذه الأسئلة طرحت على السيد شكري ادريس رئيس الجامعة الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العامة والسيد عبد الخالق بالحاج كاهية رئيس الجامعة..
اعتمادا على الدراسات والأرقام التي تضمنها سجل المقاولات لدى وزارة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية فإن عدد مؤسسات قطاع البناء والأشغال العمومية يضم 2000 مقاولة وحسب احصائيات المعهد الوطني للاحصاء هناك 17 ألف مقاولة منها 2000 مؤسسة منظمة.
ويساهم هذا القطاع بما معدله 7 في الناتج الوطني الخام وبنسبة 66 في الأجور بتشغيلية عالية حيث يضم القطاع 50 ألف موطن شغل قار وقرابة 200 ألف موطن شغل موسمي ويوفر نشاط الطرقات أكبر نسبة من مواطن الشغل القارة.
* صعوبات وإفلاس
وذكر رئيس جامعة البناء »للمصور« أنه وخلال الثلاث أو الأربع سنوات الأخيرة عرف هذا القطاع صعوبات عديدة نتجت عن سببين أولهما القانون المتعلق بإسناد الصفقات للأسعار الأدنى وثانيا التأثير المباشر لارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الحديد والإسمنت والمحروقات التي شكلت أعباء اضافية على المقاولات... وهو ما يفسر توقف أشغال عمومية كثيرة نتيجة عجز المقاولين عن تحمل تضخم الأسعار غير المتوقعة عند الدراسة أو الانطلاق في المشروع.
وعرف قطاع البناء هدنة وفترة ركود نتيجة لارتفاع الأسعار فعلى سبيل المثال ارتفع سعر الحديد من جانفي الى جوان 2008 بنسبة 68 أما الآجر حجم 12 فقد مر ثمنه من 305 مليما الى 420 مليما... فيما ارتفع سعر اليد العاملة من 15 لليوم الواحد الى 20 دينارا وقد تحولت عملية بيع المواد الأساسية الى عملية تتطلب سدادا مباشرا بعد أن كان المقاول يتمتع بمهلة للتسديد.
من جهة أخرى تسبب القانون القديم لإسناد الصفقات في وقوع بعض التجاوزات حيث كان هذا القانون يسند الصفقة للمقاولة التي تعطي أدنى الأثمان وهو ما أدى إلى تقدير بعض المقاولات للصفقات بسعر أدنى غير واقعي مما يحرم مقاولات أكثر واقعية... لتنتهي المقاولات في منتصف ا لطريق دون استكمال الأشغال.
ويشير رئيس الجامعة إلى أن القانون الصادر في جويلية 2008 قد قام بمراجعة استثنائية لقوانين إسناد الصفقات العمومية مما عدّل الموازين.
وأضاف أن مقاولات عديدة مثل مقاولات الطرقات شهدت صعوبات ناجمة عن ارتفاع أسعار المواد البترولية ومشتقاتها فالطرقات التي تبنى وتصنع بالمواد الزفتية المستخرجة من البترول شهدت ارتفاعا مشطا أيام وصل فيها البرميل الى 140 دولارا... وهو ما تسبب في إفلاس مقاولات عديدة بنت مشاريعها وآجال الأشغال على معطيات مختلفة.
وقد شهد قطاع المقاولات منذ سنة 2003 إفلاس عديد المقاولين.
* تحديات المشاريع الكبرى
يواجه قطاع المقاولات تحديات كبرى خلال الفترة القادمة حيث تمت برمجة عدد من المشاريع الضخمة التي يضم بعضها ناطحات سحاب وأشكال معمارية وهندسية جديدة. ومع وجود بعض المشاريع ذات التمويل الأجنبي فإن امكانية دخول مقاولات ويد عاملة أجنبية لتفتك صفقات في بلادنا أمر وارد.
وقد علمت »المصور« حسب مصادر وثيقة أن عددا من العمارات والمنشآت المعمارية الخاصة بمشروع سما دبي فازت به احدى المقاولات المصرية فيما تقوم المقاولات التركية بأشغال مطار النفيضة.
هذه الوضعية دفعت »المصور« للتساؤل عن مدى استعدادنا لهذه الصفقات الكبرى.
وتقول مصادرنا بالجامعة إن جامعة البناء ستضع خطة لتأهيل القطاع والنهوض بالقدرة التنافسية والتحكم في الجودة.
واهتمت الجامعة بجانب التكوين المهني حيث ضبطت حاجياتها وتم التنسيق مع الهياكل المختصة في التكوين لتساهم في برامج التكوين المهني التي تخص المهن الجديدة خاصة في المشاريع الكبرى مثل المدينة الرياضية وسما دبي وكذلك حرصا على دفع التشغيل في المقاولات باليد العاملة التكوينية وهناك اتفاقيات للتعامل مع مجامع الشركات المتوسطية ولتشغيل الاطارات والعملة بالتكنولوجيا الحديثة اضافة الى برنامج الشراكة في التنمية مع فرنسا.
* تكوين
ومن المنتظر أن يتم بناء مركز تكوين جديد بالكبارية خاص بالأشغال الجديدة بتمويل من الوكالة التونسية للتنمية ومن خلاله سيتم تكوين 100 ألف متكون في المهن الجديدة الخاصة بالبناء تنتظرهم سوق الشغل وسيمتد التكوين في هذا الصدد في الاختصاصات المحددة إلى حدود 2015 ....
من جهة أخرى تسعى الجامعة إلى استثمار التقدم في اكتساب خبرات البناء وإنجاز المشاريع الكبرى من خلال اكتساحها لأسواق مثل ليبيا والجزائر والبلدان الافريقية.
ويقول محدثنا إن الخوف الأكبر هو من اليد العاملة الآسيوية التي لا تقارن مع اليد العاملة التونسية المتمتعة بالتغطية الاجتماعية وهي يد عاملة زهيدة لذا فإن حل مشكل التكوين سيمنع لجوء المقاولات الكبرى لهذه اليد العاملة.
كما سيتم من جهة أخرى الترفيع في تكوين المهندسين الذين لا يغطون حاليا في الأشغال والمقاولات غير 4 من التأطير...
والمؤمل الوصول إلى نسبة 14 من تأطير المهندسين لليد العاملة وإشرافهم عليها في المقاولات حتى تتجاوز بعض المقاولات العشوائية.
* اجازات تطبيقية
تساهم جامعة البناء بالتعاون مع وزارة التعليم العالي في الاشراف على الاجازات التطبيقية وهو ما سيحول وجهة تربص عديد الخريجين نحو المقاولات على أرض الواقع. وعموما تمثل اليد العاملة بين 35 و40 من كلفة ا لبناء وقد تصل الى 50 وهو ما يؤكد أهمية الاستثمار في اليد العاملة حتى لا تكتسحنا اليد العاملة الأجنبية رغم وجود فصول قانونية تمنع ذلك.
* بنوك وأجانب
حسب رئيس جامعة البناء فإن المقاول التونسي له صعوبات أكثر من المقاولات الأجنبية.
وتحدث مخاطبنا عن صعوبات اقتناء الأجهزة الحديثة الخاصة بالمشاريع الجديدة أو الكبرى لتجديد وتعصير طرق التعمير حيث تقتني هذه الأجهزة على مدى قصير ويجد المقاول صعوبات في الحصول على قروض بنكية فالبنوك تعتبر هذا القطاع هشا ولا يمثل ضمانا للأموال والقروض الممنوحة.
ويدعو محدثنا الى الاستنارة بالتجربة المغربية التي منحت المقاولين دعما وقروضا مدعمة من القطاع المالي بدرجة كبيرة جدا.
ويستغرب رئيس الجامعة من عدم مساندة القطاع المالي للمقاولات التونسية الصادرة على اكتساح الأسواق الخارجية وعلى بناء ناطحات السحاب وغيرها من التحديات فالمقاول التونسي قادر على التعلم بسرعة.
* ابتسام جمال
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 14348