قصة عائلة الطرابلسي ومعبد الغريبة

(وات، تحرير روضة بوطار ومحمد صفر)
لم يستطع بيريز الطرابلسي، رئيس هيئة "الغريبة" بجربة أن يمنع دمعات سفحتها عيناه عنوة، عندما سألناه عن مصير كنيس "الغريبة" من بعده. لكنه وبمجرد أن تمالك نفسه قال "لن يقوم بشؤون الغريبة سوى واحد من سكان الحارة الصغيرة ".
لم يستطع بيريز الطرابلسي، رئيس هيئة "الغريبة" بجربة أن يمنع دمعات سفحتها عيناه عنوة، عندما سألناه عن مصير كنيس "الغريبة" من بعده. لكنه وبمجرد أن تمالك نفسه قال "لن يقوم بشؤون الغريبة سوى واحد من سكان الحارة الصغيرة ".
وعن قصة عائلة الطرابلسي مع رعاية أحد أقدم معابد اليهود في العالم، تحدث بيريز الخميس لموفدي "وات" إلى موسم زيارة الغريبة 2015، ليروي تفاصيل عن علاقة أسرته بالكنيس، ويستحضر شذرات من مسيرة رجل آلت له مسؤولية المعبد منذ زهاء عقود ثلاثة.
يقول بيريز إنه كان يشتغل بالصوف، ثم صار يتاجر بمواد البناء، قبل أن يتحصل على رخصة لبيع المشروبات. التحق بكنيس الغريبة سنة 1964 عندما كان والده القائم الأول على المعبد صحبة يهود آخرين. وفي العام 1986 أصبح هو المتصرف الأول في شؤون الكنيس، لاسيما بعد وفاة والده، وإسناد مسؤولية التصرف إلى يهودي طاعن في السن.
ويضيف بيريز الطرابلسي "تركت أعمالي وانصرفت إلى خدمة الغريبة وكأنها قطعة مني. لقد جلب لي هذا المكان المقدس البركة، فتوسعت تجارتي، وتشعبت علاقاتي، وعلت مكانتي، بما جلب لي الاحترام في الداخل وفي الخارج"، وفق تعبيره.
وعن مصدر الموارد المالية المسخرة لرعاية شؤون معبد " الغريبة"، أكد الطرابلسي أنها متأتية بالكامل من التبرعات التي يقدمها يهود الداخل والخارج، وكذلك من المحاصيل المالية ل"خرجة المنارة" بمناسبة موسم الزيارة.
وذكر أن تقليد "خرجة المنارة" بدأ منذ ما يقارب الـ160 سنة، وكانت العربة، وهي على غير شكلها الحالي، تخرج من الوكالة التي تقع قبالة الكنيس محملة بقلال فارغة لتجوب دروب الحارة الصغيرة، فيقوم متساكنوها من اليهود بملئها زيتا يستعمل لإنارة القناديل المعلقة داخل المعبد، ويتبرعون ببعض النقود للمساهمة في تغطية نفقات الغريبة.
واتخذت المنارة اليوم شكلا مغايرا تماما، إذ اختفت القلال لتعوضها آنية كبيرة من النحاس ذات ثمانية أضلاع توشح بأقمشة وأكاليل من الزهور لتباع في المزاد العلني، وتودع مداخيلها لفائدة الكنيس.
واقتصرت "خرجة المنارة" بعد الثورة على الوصول إلى حدود محيط معبد الغريبة بسبب "مخاوف أمنية ".
ويؤمن خدمات العناية بمعبد الغريبة وصيانته وأيضا خدمات الاستقبال، عدد من العمال يصل إلى حدود 10، من بينهم عمال مسلمون. ويؤكد بيريز أن اعتماده على عمال مسلمين مرده، حسب قوله، "تفانيهم" وحسن احترامهم "للعشرة"، موضحا أنه " لم يجد في بعض اليهود المتقدمين للعمل بالكنيسة هذه المواصفات"، على حد تقديره.
في المقابل، أكد سعيد كروية، وهو تونسي مسلم يعمل بالغريبة منذ ما يزيد عن 15 سنة، أنه من المحتمل جدا أن يترك العمل بالكنيس في حال تخلى بيريز الطرابلسي عن مهام القيام بشؤون الغريبة. وأضاف قائلا "نحن لا يربطنا ببيريز منطق الأجير والمؤجر، ولكن توطدت بيننا علاقات أخوة نادرة الوجود ".
وذكر خضير حانيا، الذي قدم نفسه على أنه الرجل الثاني بعد بيريز في التكفل بشؤون الغريبة، أن المصاريف الشهرية للمعبد هي في حدود 5 آلاف دينار، أي ما يعادل 60 ألف دينار سنويا، مشيرا إلى أن مداخيل الكنيس متأتية من الأنشطة التي تقام بالمعبد، ومن محصول المزادات والزيارات السياحية.
وأضاف "في حال لم تلب تلك المداخيل متطلبات التعهد والصيانة، نضطر إلى الدفع من جيوبنا، ثم نسترجع أموالنا حين تنتعش الخزينة"، حسب قوله.
وأصر خضير على التأكيد في حديثه لموفدي "وات" على أن "معبد الغريبة هو مكسب ليهود الحارة الصغيرة دون سواهم، وأنهم لن يفرطوا فيه، حتى وإن لم يبق في هذه الحارة سوى يهودي واحد ".
وتجدر الإشارة إلى أن الحارة الصغيرة التي تقع بمنطقة الرياض بجزيرة جربة، أين يوجد معبد الغريبة، لا تقطنها حاليا سوى عشر عائلات يهودية.
وكان بيريز الطرابلسي شدد على أنه "لا يمكن لأحد أن يقوم بشؤون الكنيس ما لم يكن ميسور الحال، لأن مال المعبد مقدس"، حسب توصيفه.
وألمح إلى أنه يعد أبناءه لتسلم مهام التصرف في شؤون الغريبة، لأنه، وفق تعبيره، "يؤمن عميقا بتعلقهم بالمعبد، وبالبركة التي سيمنحها إياهم".




Comments
7 de 7 commentaires pour l'article 104738