حركة النهضة التونسية و الخيار الصعب

<img src=http://www.babnet.net/images/7/ennahda.jpg width=100 align=left border=0>


عبد الجليل الجوادي



ربما شكلت نتيجة الإنتخابات التشريعية- و إن لم تكتمل صورتها –مفاجأة صاعقة للكثير من متابعي المشهد السياسي في بلادنا. و ربما أيضا فتحت أبواب الأمل أمام البعض الآخر للرجوع إلى السلطة من بوابة الإنتخابات بعد أن فشلت جميع محاولات الانقلاب و الالتفاف البارد على أهداف الثورة تحت مسميات مختلفة و غايات متآلفة.



و أيا كانت النتيجة فهي في تقديري منطقية و منتظرة بعد سلسلة من التنازلات التي قدمتها حركة النهضة حين كانت الحزب الأول على قائمة المترشحين في انتخابات سنة 2011.

تنازلات رأى فيها شق من المحللين السياسيين ضربا من الخضوع و الذل و المهانة و صنفها آخرون ضمن المراوغات السياسية و المناورات التي نجحت من خلالها الحركة في إفشال محاولات الانقلاب عليها و قطعت الطريق على جميع المتآمرين، في حين استثمرها خصومها السياسيون و على رأسهم الندائيون، في تشويه صورتها و تخوينها و تخويف الناس منها و إقناعهم بعدم قدرتها على إدارة شؤون البلاد و بأنهم الأقدر على ذلك و الأصلح.
و قد يصح القول بأن هذا المسار نجح إلى حد ما في تحقيق أهدافه بما سجلته شعبية النهضة من تراجع ملحوظ حتى مع حلفائها في المرجعية الفكرية و الخلفية المذهبية. هؤلاء الذين كانوا يأملون في صعود حركة النهضة إلى سدة الحكم تحقق مطالبهم المركزية في تطبيق الشريعة و لم تكن لهم قدرة على استقراء الواقع السياسي للبلاد، فرأوا في بعض مواقفها ردة و انقلابا على المبادئ و القيم.
فهي لم تفلح في إرضاء خصومها و لا نجحت في إقناع حلفائها فخسرت مع هؤلاء و مع هؤلاء.
و الآن، تواجه النهضة خيارا صعبا قد يعصف بما تبقى من شعبيتها و يهوي بها إلى قاع عميق إن لم تحسن الاختيار في تقرير مصيرها.
فإما أن تختار لنفسها مقعدا في صفوف المعارضة مع بعض المقاعد في مجلس النواب و تنكفئ على نفسها في مراجعة جدية لجميع مواقفها و مناهجها و سياساتها ضمن برنامج نقد ذاتي يؤسس لرؤية مستقبلية و تصور شامل لمتطلبات المرحلة القادمة. لاسيما و أن الفرصة لم تتح لها من قبل حين وجدت نفسها تنخرط قصرا في لعبة سياسية خطرة غير مأمونة النتائج بعد سنوات من الجراح و العذابات و التهجير و القمع و الترويع الممنهج..و إما أن تدخل مجددا إلى معترك الحياة السياسية و تنخرط في تحالفات قد تضعها على نفس الخط مع أعداء الماضي.
فمن الغباء حقا أن نتصور أن حزب النداء الذي تكون بعيد الثورة، قد استطاع أن يسجل حضوره بكل هذا الزخم الانتخابي لو لم يكن مجرد امتدادا لحزب التجمع المنحل. قد تختلف المسميات و تختفي شخصيات و تبرز أخرى و لكنها نفس المكنة القديمة. تلك المكنة التي تدخلت لتنقذ الحزب الاشتراكي الدستوري القديم و أخرجت لنا نسخة مستنسخة منه أطلقوا عليها اسم التجمع الدستوري الديمقراطي، هي ذاتها المكنة التي ضلت تدور و تدير الأحداث خلف الستار لتستنسخ لنا حزبا جديدا أسمته نداء تونس و قامت برسكلة نفس القيادات و أخفت وجوها منها اعتبرتها منتهية الصلاحية و أبرزت وجوها إلى المشهد السياسي و استعملت الإعلام الفاسد في تلميع صورتها و تقديمها بديلا عن كل البدائل. و لا يخفى على ذي عقل ما سعى له هذا الإخطبوط الرهيب بما يملك من مال و رجال و وسائل، من عمليات مبرمجة سلفا لتشويه أطراف سياسية و شيطنتها و إدخال البلاد في دوامة من العنف و الإرهاب ليطرح نفسه مجددا بديلا لحل كل المشاكل التي هي أصلا من صناعته.
أنا في تقديري أن تحالف النهضة مع حزب النداء، انتحار سياسي بأتم معنى الكلمة و نتائجه محسومة لا محالة.
فالخلاف بين الحزبين هو خلاف جوهري لا مجال فيه لأي نوع من التوافق و المعركة بينهما معركة وجود خاصة بالنظر إلى ماضي حزب (النداء) الذي سعى عبر عقود من الزمن إلى اجتثاث حركة النهضة و إخراجها نهائيا من المشهد السياسي بمحاكمة قياداتها و التنكيل بهم و تهجيرهم و تجويعهم و ترويع عوائلهم و مطاردتهم بالداخل و الخارج.
من الغباء فعلا أن نصدق أن من تربى على منطق الحزب الواحد و الحاكم الواحد المتفرد بجميع السلطات و من نظر للدكتاتورية آمن بالقمع وسيلة في التعامل مع خصومه، قد ينقلب يوما ديمقراطيا يؤمن بالتشاور و يقبل بالرأي المخالف.
و من الغباء أيضا الانخراط في هاته اللعبة السياسية الخطرة بعد الخروج منها تحت الضغط بالنظر لما تشهده البلاد من صعوبات اقتصادية و اجتماعية لا تستطيع أقوى الحكومات مواجهتها فما بالك بشتات غير منسجم و لا متوافق...
و يبقى القرار لحركة النهضة في أن تختار بين أحلى المرين و أن تراهن و لو مرة واحدة على اختيار الشعب من خلال استشارة موسعة عبر جميع قواعدها بعيدا عن منطق الزعامة و القرارات الفوقية المسلطة.






Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 93954

Mandhouj  (France)  |Jeudi 30 Octobre 2014 à 21:11           
بسم الله الرحمان الرحيم
اليوم انتخبنا برلمان وطني ، و غداً ننتخب رئيس للجمهورية، لكن من فضلكم لا تنسوا فلسطين
الأقصى يصرخ و ينادي يا أبناء الثورة ، يا تونس الديمقراطية ،
طارق المنضوج

Bardo_tounes  (Denmark)  |Jeudi 30 Octobre 2014 à 20:41           
مصلحة الوطن والازمة الاقتصادية تفرض علينا ايحاد حل سريع ولا يهم من يتحالف مع من ,وكفانا ركوض وراء المصلحة . تونس تحتاج للعمل الجدي واخراجها من الخالة الصعبة من غلاء معيشة وفقر وبطالة . ومع الاسف وحتى ان الفائز بالاغلبية حزب دمر وخرب و عرقل الثورة فعلى الاحزاب كلها و السياسيين العمل لاجل تونس .
خصوصا وان الشعب فرر والانتخابات واضحة وان التونسيين قد سئموا من سياسيين لم ترى منهم الا الوعود والرواتب الضخمة والامتيازات ومال يهدر لاجل المصلحة و تلميع صورهم . وما راينا الا مجلس سياسي لا نفوذ له قج تمعش من مال الشعب وقد مدد شرعيته بخبث وقضى مدة طؤيلة لتحضير دستور يتعدى كتابته بعض الاشهر .
تونس تحتاج لنضال وللعمل الجماعي لانقاذها من الفلسة لا قدر الله .
وان شاء الله نرى عمل جادا وحلا ناجعا لمصلحة الوطن و الشعب .
والله بالعون

Ghayour  (Tunisia)  |Jeudi 30 Octobre 2014 à 13:22           
يعني أن المال الأجنبي احتفظتم به لآنفسكم، ولن تصرفوه إلا في السهرات والشيخات.
فهمتكم !!!!

Karimyousef  (France)  |Jeudi 30 Octobre 2014 à 12:37           
Le fait que la nahdha soit arrivée deuxieme est tres benefique pour elle et pour le pays.
la Tunisie a besoin de serenité et la victoire de la nahdha n'aurait pas apporté de l'apaisement.
d'un autre coté ,Il ne faudrait pas voir Nida Tunis comme un ennemi, il faudrait plutot entretenir avec lui des relations de dialogue et d'echange pour maintenir un esprit de reconciliation et d'ouverture dans le pays.
l'attitude de chaque parti depend du climat que les acteurs politiques mettent en place.Rien n'est figé.

SOS12  (Tunisia)  |Jeudi 30 Octobre 2014 à 11:50           
الدوامة
لن تقبلا لنهضة و لا نداء تونس التحالف معا
لأسباب عديدة ومتفرعة نذكر أحدها
لعل كلا لأحزاب الأخرى تستمد مشروعها العظيم
ومشروعيتها من شيطنة النهضة ومعارضتها على كل شيء
فستحصل ثلاث أشياء
*إندثار الأحزاب التقدمية في ضاهرها
*مراجعة جدية للنهضة خارج الحكم
*إنفراد النداء بالحكم والعصى الغليضة

وهناك يندم من انتخب و من رفض

Zoulel  (Tunisia)  |Jeudi 30 Octobre 2014 à 11:43           
Ennahda ne peut faire que l'opposition sinon c'est le suicide en ralenti. Les concessions qu'elle a faits jusque là sont comprise mais en étant à l'opposition, elle sera en position forte donc plus de concession. elle doit se contenter de faire jouer son role pleinement à l'ARP AVEC un tiers bien bloquant auquel il faudrait ajouter les partis de la révolution et les indépendants. (ennahda riahi jabha partis révolutionnaires certains
indépendants = plus de 50% des électeurs)

Ra7ala  (Saudi Arabia)  |Jeudi 30 Octobre 2014 à 11:13           
قد أسمعت لو ناديت حيا
النهضة ستمد يدها للتجمع مرة أخرى وهذه المرة التجمع لن يقطع اليد التي ستمد له كما في التسعينات بل سيقطع رقبتها لأنها تجرأت وطمعت في مشاركة التجمع في السلطة التي هي حق أبدي له


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female