نقابة التعليم العالي لا تستسيغ الحجة البيضاء

أبو مـــــازن،
جامعي
جامعي
أفاقت الجامعة العامة للتعليم العالي من سباتها وقطعت نومها العميق التي كانت تقضيه داخل أروقة الوزارة ثم أصدرت بيانا غير عادي ينتقد نشاط جمعية الحج والعمرة و وزارة الشؤون الدينية لما استغلوا فضاء المعهد العالي للرياضة بقصر السعيد قصد القيام بما بات يعرف بالحجة البيضاء. نقابة التعليم العالي ممثلة في شخص كاتبها العام أمضى على كلمات حواها البيان المذكور جمعت بين التنديد والاستغراب والاتهام بالتوظيف السياسي لنشاط هاته الجمعية لما استغلت فضاء المعهد المذكور دون استشارتها او استشارة الجامعة الراجعة بالنظر فحز في نفس كاتبها العام ذاك الصنيع وتوعد كعادته بالاشكال النضالية وبالدفاع عن استقلالية وحيادية التعليم العالي و كل ما تعودنا سماعه من بوجرة كلما حنق و غضب وهدد وأرعد وأزبد.

سلوك لا يستغرب من نخبة هاجت وماجت في عديد الحوادث التي شهدتها بلادنا و سكتت عن أخرى فلم تنبس ببنت شفة، هي نخبة مغموسة في العراك الايديولوجي الى النخاع لا تريح ولا تستريح و لا تلتزم بما آل اليه الحوار الوطني والتوافق لما جعلت وزارة الشؤون الدينية طرفا في الصراع و صنفت وزيرها متعاطفا مع خصم سياسي أرق مضجعهم و عبث بشوفينيتهم. لقد استلهموا حماقات الاعلام المصري الركيك الذي سارع لإعلان انصراف حجيج تونس عن مكة والمدينة و اتخاذهم كعبة جديدة تحج اليهم فيتجنبون عناء السفر. لله دره بوجرة لما وقف مدافعا عن استقلالية الجامعة و حياديتها ولكنه لم يبين ممن؟ أ جامعات تونس مستقلة عن دينها وعروبتها وهويتها؟ هل هو المختص المتضلع في علوم الفقه و العلوم الشرعية حتى يدلي بدلوه فيبين اباحة او كراهة او تحريم عمل كهذا؟ هل نسيت الجامعة العامة اجتماع المجلس التأسيسي الموازي في مدارج كلية العلوم القانونية والسياسية بعيد انتخابات 2011؟ هل أصدرت بيانا حينها فكانت الى جانب الحيادية واستقلالية الجامعة؟ أسئلة عديدة جدا تجعل الجامعيين مستربين في ما عدده البيان المذكور وهم يرون رأي العين التوظيف السياسي في انتقاد نشاط مدعوم من الدولة لجمعية مرخصة استحسنه عديد التونسيين و استغرب منه عدد آخر.
لو اطلع الكاتب العام لجامعتنا العامة على عديد الجامعات العالمية الذائعة الصيت و المصنفة عالميا في المراتب المتقدمة كيف يجتمع لديها النشاط العلمي بالنشاط الاجتماعي فتجتاحها العروض الفلكلورية والرياضية وتشارك بلدياتها مباهج الحياة حين تفتح ابوابها لفرق فنية ودينية وتحتضنها لأسابيع. لن يسألك أحد ان كانت تلك الطقوس المقدمة في ساحات الجامعة هندوسية او بوذية او لعباد الشمس انما ينظرون الى جمالية العرض وتناغم الحركات والايحاءات. تلك هي ثقافة الغرب راعي الديمقراطية والاستقلالية و صاحب المجتمع المدني القوي الذي يميز الخبيث من الطيب فيدعم نشاط الجمعيات مهما كان مستوى غرابتها ويقف سدا منيعا ضد الكيل بمكيالين.
عملية الحجة البيضاء مستلهمة على ما يبدو من نشاط عديد الجمعيات الشرق- اسيوية التي ارتأت تعليم الحاج القاصد لبيت الله مناسكه فيتدرب حسب انموذج مصغر للحج في بلده قبل ان يسافر الى مكة. ذاك هو أصل الحكاية و مبتغى هذه التظاهرة التي شارك فيها عدد كبير من المرشحين لحج هذه السنة واستلطفوا ما أعد لهم من أركان ‘مزيفة‘. ولكن هذا الأمر لا يروق لنقابة التعليم العالي المساهمة فعليا في اعتصام الروز بالفاكية فتراه سياسة وامتدادا لحكم الترويكا بل قد تصنفه حملة انتخابية سابقة لأوانها. زد على ذلك المساندة المعنوية لجامعة منوبة التي استغرب مثل هذا النشاط و شدت على أيدي النقابيين الغيورين على استقلالية الجامعة. ان منطقا أخرقا كهذا يفرض، لو استعمل، على كافة مؤسسات الدولة و وزارتها رفض نشاط الحجة البيضاء و تجريمه و تخطيته منظميه ومشجعيه لا سيما وقد استعمل المسارح والفضاء العام وبهو البلديات والملاعب الرياضية. أفيقوا من بلادة التفكير يرحمكم الله.
Comments
15 de 15 commentaires pour l'article 91154