ميزانية تكميلية

<img src=http://www.babnet.net/images/9/kasbah1040.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

كعادتهم انطلق التونسيين في الإثارة والنكتة والسخرية واختزال اشكالية الميزانية التكميلية في بند وحيد يبدو انه وضع خصيصا للتعمية على طبيعة الإجراءات المتخذة لرفع الموارد.





الطابع الجبائي بـ 30 دينار المقترح على عقود الزواج شد القسم الأكبر من الراي العام خاصة على شبكات الفايسبوك، والغالب واقعيا ان لا يمر هذا الإجراء الجبائي بالنظر ليس الى ثقل فاتورته على المواطن وإنما لحساسيته فقط.

المقدار الجملي لهذا الإجراء لن يفوق 3 مليون دينار، باعتبار معدل 100 الف عقد قران كل سنة، ولو ان مشروع الميزانية قدره بمليون دينار فقط، وهو رقم حقيقة هزئي ولا يوجد أي مبرر من ناحية الأهمية لإدراجه في الميزانية بالنظر الى التقبل السلبي له شعبيا من الناحية المعنوية لا غير.

هذا الإجراء الحقيقة حجب الحزمة المتعددة من الإجراءات التي تصب في اتجاه العقم والجمود لحكومة التكنوقراط التي لم تأت بجديد سوى مزيد رهن البلاد بالقروض والخضوع للاشتراطات المتعددة والضغط على المصاريف وفق سياسة التقشف العقيمة وتثقيل كاهل المواطن بالضرائب ورفع الأسعار المباشر أو عبر رفع الدعم.

الديون تم تقريبا تعبئتها سواء من الداخل أو من الخارج ورفع الدعم كذلك عبر الزيادة في أسعار الكهرباء وأسعار الأسمنت وآخرها المحروقات، وطبعا نعلم ان آثار رفع الدعم على الطاقة لا تنعكس فقط على الزيادة في المحروقات والإسمنت فقط بل في كل المواد تقريبا المشتقة من الأسمنت أو المرتبطة بالنقل، وهو ما سيزيد في إشعال الأسعار وإفراغ جيب المواطن الرازح تحت قصف الغلاء الفاحش للمعيشة خلال رمضان التي وصلت الي حدود قياسية.

الإجراءات التي بقيت كانت اغلبها من قبيل القرقشة وتفتيش المزابل لعلها تأتي ببعض الفتات الذي يسد الثقوب المتناثرة هنا وهناك، وكانت اغلبها برائحة القذارة، ولا نعلم هل انتهت كل الحلول حتى لا يكون الملاذ الا في اتجاه هذا المستنقعات الآنسة .

حزمة الإجراءات المتبقية انصبت على نشاطات التجارة غير الشريفة بالمعنى الاجتماعي أو الصحي أو الأخلاقي، وخصت الخمور والدخان والبروموسبور واستعمال الأسلحة الفردية.. الخ. ولم يبق ربما سوى محلات الدعارة أو بيع المخدرات لم يتم استهدافها بالإجراءات.

ولا نعلم حقاً ما سر هذا التوجه الذي سيثقل كاهل التونسيين المستهلكين لهذه المواد وهم اغلبهم من المدمنين المحبطين غير المتوازنين صحيا ونفسيا، وكان الأجدى البحث لهم عن حلول ثقافية وتنموية واجتماعية وليس قصفهم بضرائب وزيادات إضافية!؟

المبلغ الجملي في الخصوص يفوق بقليل الخمسين مليون دينار بين زيادة ثمن السجائر (موارد بـقيمة 50 مليون دينار) و فرض 100 مليم على كل قسيمة بدينار في لعبة البروموسبور (لدر مبلغ 4 مليون دينار) و0.12 مليون دينار المبلغ المتوقع من الأداء الذي سيوظف على محلات بيع الخمور ومن الترخيص في شراء أو ادخال الأسلحة.

وان كان الأداء بـ100 مليم زيادة على بطاقات شحن الهاتف بمكن استساغتها باعتبار ان استعمال الهاتف صار في اغلبه حاجة مصطنعة وغير حقيقية وصار التبذير صارخا في خصوصها، فان مسألة معالجة الملفات الجبائية التي هي قيد المراجعة المرتبطة بغش أو تهرب ضريبي حقيقة تثير عديد الشكوك حول مشروعيتها. فالحكومة عبر قانون المالية تستهدف فصل القضايا وبالتالي السرعة من اجل الحصول على المبالغ خلال السنة المالية الحالية على حساب المبدأ، أي الواجب الجبائي كاملا.

والميزانية التقديرية في الغرض تصل الى حدود 210 مليون دينار بين إسراع غلق ملفات مراجعة جبائية (160 مليون دينار) وتسوية رضائية قضائية (50 مليون دينار)، ما يطرح السؤال بقوة حول حجم الخسائر التي ستتكبدها الخزينة العامة من تفضيل الجدوى والسرعة على اصل المستحقات المستوجبة، وما يمكن ان يثيره هكذاا خيار ربما من عمليات تسويات ومحسوبية قد تنشط سوق الرشاوي بشكل كبير.

إجراء أيضاً شاذ يهم نشر القضايا لدى الاستئناف لدى محاكم الاستئناف والتعقيب ينتظر ان يوفر قرابة ثلاثة مليون دينار بفرض معلوم 30 في قضايا المحكمة الاولى و50 دينار لقضايا محكمة القانون.

طبعا مكافحة التهريب هو أولوية وطنية لا تقبل التأخير ولكن المسألة وجب ان تخضع للدراسة والتعمق وليس لقرارات ارتجالية شعبوية استعراضية وجب ان تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل وخاصة الآثار الاجتماعية التي يمكن ان تحدث هزة عنيفة وتعطل حتى الشريان الاقتصادي. القضية كان لا بد اولا ان تفرق بين بارونات التهريب الذين يخربون الاقتصاد ويضربون الطاقة الشرائية للمواطن ومن يعيشون من بعض فتات التهريب، الأوائل وجب تطبيق بل استصدار حتى قوانين زجرية تصنف التهريب كخيانة وطنية، اما الصنف الثاني فكان لزاما البحث في حلول تشغيلية اجتماعية تنموية وليس زجرية.

ثانيا أيضاً لا بد من التفرقة بين المواد المهربة التي تنهك اقتصادنا والمواد التي تسمح الجارتين ليبيا والجزائر بمرورهما لتونس بحكم وفرتها لديهم مثل المحروقات وهي تحل مشكل الدعم في تونس وتوفير عملة صعبة فضلا عن تشغيل آلاف العائلات، ما يلزم في الصدد هو مراقبة الغش حتى لا يتضرر مستودع السيارات عندنا ويتسبب في نزيف عملة صعبة عبر توريد قطع الغيار، وكان لزاما عقد اتفاقيات رسمية مع الجارتين البتروليتين لترشيد الظاهرة وتقنينها بوضع ضوابط واضحة شفافة.

الخطايا أيضاً وجب ان تفرض عاليا على بارونات تهريب المخدرات الذين لا يخربون الاقتصاد فقط بل المجتمع وشبابنا، وهذه اليوم تمثل اولوية اكثر من مستعجلة.

خيارات حقيقة في اغلبها غريبة وشبهات جلية وروائح قذرة تفوح من كثير من الاجراءات، التي تعكس عقما كبيرا في مقاربات التكنوقراط وتحيلنا الى عديد الشكوك من ناحية اخرى حول سلامة ومشروعية الغايات!!؟؟

(*) قانوني وناشط حقوقي




Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 88237

AhmedFrance  (France)  |Mardi 8 Juillet 2014 à 07:55           
La subvention du carburant ne veut pas dire que l'état ne gagne pas sur l'importation et la vente de ce produit!
plutôt elle gagne énormément sur ces produits mais moins que ce qu'elle espère tout simplement.
l"état fait son calcul gagnant puis après rend une faible partie de ce gain et l'appel subvention.
le trafic du pétrole aux frontières est une énorme pure perte!


AlHawa  ()  |Lundi 7 Juillet 2014 à 14:47 | Par           
هناك العديد من الحلول الثورية التي يمكن اللجوء إليها و تحل العديد من المشاكل أكثر من مجال!!!
مثلا يمكن إحداث ضريبة بيئية على قنينات المياه المعدنية البلاستيكية و ترك تلك الزجاجية و الكرتونية بدون هذه الضريبة!!! النتيجة هي إرتفاع ثمن القنينة البلاستيكية مقابل الزجاجية! نحن نعلم نسبة البلاستيك المرمي في كل مكان و تأثيره على البيئة! مثل هذا إجراء سيدخل ضرائب إضافية للدولة و سيقلل في نفس الوقت من المضار البيئية و نقل الفضلات! كما يمكن للدولة (مثل ألمانيا) فرض نظام الشقف على الزجاجات البلاستيكية و العلب المعدنية! في ألمانيا أنقص هذا من نسبة الفضلات إلى أكثر من الثلثين!
هناك العديد من المشاكل البيئية و مجالات أخرى يمكن معالجتها بهذه الطريقة!!!

MisterSphere  (Tunisia)  |Lundi 7 Juillet 2014 à 13:42           
Je me demande où sont passer Hamma Lhammemi, l'UGTT, les opposants ???

BenMoussa  (Tunisia)  |Lundi 7 Juillet 2014 à 12:05           
@Hemida
الحلول كثيرة ومتعددة ولكن لكل حل مستفيد وضحية
فالحلول المقدمة من طرف الحكومة تخدم أساسا رؤوس الأموال والأوروبيين على حساب الشعب ودول الجوار ونتيجتها ستكون كارثية على الإقتصاد وبذلك تخدم الثورة المضادة
سأسوق لك مثلين بسيطين يدعمان ما قلت:
1. تم إلغاء ضريبة أقرتها حكومة العريض بدينارين عن كل ليلة إقامة بنزل وهو مبلغ بسيط جدا لا يؤثر على السائح أو السياحة ويمثل تعويضا على ما يستهلكه السائح من مواد مدعمة (طاقة ومواد غذائية) وعوضت بضريبة ب30 دينارا على دخول سيارات غير المقيمين (أساسا ليبيين وجزائريين وتونسيين) مع ضريبة مغادرة بنفس القيمة ولكن على كل شخص مغادر في سيارة مما يحد كثيرا من عدد الزائرين برا وهم يمثلون ثلثي السياح وسيؤثز ذلك سلبا على كثير من القطاعات: مصحات، صيدليات، مخابر،
أطباء، ورشات، تجارة، نزل، الخ
2. وعد رئيس الحكومة بالغاء السيارات الإدارية وبين ما سيوفر ذلك من مصاريف لكنه نسي وعودوه وتخلى عن ذلك
الأفكار موجودة ولكن المصالح متضاربة، فشتان بين من يخدم الثورة المضادة والإدارة العميقة ومن يخدم الثورة وأهدافها

Hemida  (Tunisia)  |Lundi 7 Juillet 2014 à 10:39           
كلام جميل و كلام معقول و لكن ... ما هي الحلول الاخرى التي لم تتفطن اليها الحكومة ؟؟؟ او ان الجلوس على الربوة اسلم .
لا تجيبني بأنك لست في الحكومة !!! كل التونسيين الذين لهم أفكار تدفع بالبلاد الى الامام لهم الف منبر للاقتراح بما في ذلك باب نات... لذا فكان على الكاتب من الأجدر ان يقترح حلولا إضافية او يستنجد بأهل الذكر لتقديم حلول اخرى... اما التنبير فكل التونسيين متفوقين في هذا المجال.

Nahed_ammar  (Tunisia)  |Lundi 7 Juillet 2014 à 01:14           
@شكري بن عيسى

لم يشر المقال الى ضريبة الخروج من تونس والتي تتفرد تونس في العالم بهكذا ضريبة ! فعلا مسخرة !

Tunisia  (France)  |Dimanche 6 Juillet 2014 à 23:22           
انا ننهب وانت خلص


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female