ليبيا: من يُوقف ''شرعية السلاح''؟

<img src=http://www.babnet.net/images/6/libyaend.jpg width=100 align=left border=0>


نورالدين المباركي

ما تشهده ليبيا هذه الأيام هو قمة الفوضى الناتجة عن غياب الدولة و مؤسساتها القادرة على بسط نفوذ القانون واحتكار العنف ، وأي تفسير آخر هو من باب الابتعاد عن المعضلة الرئيسية.

دون شك أن أكثر من عامل ساهم في عرقلة بناء مؤسسات الدولة الليبية ، منها ماهو تاريخي ويعود الى مرحلة حكم القذافي التي تميزت بمركزة كل شي حول شخصه على حساب بناء مؤسسات الدولة و الادارة ، كانت ليبيا هي القذافي و القذافي هو ليبيا . وعوامل مرتبطة بمرحلة ما بعد سقوط معمر القذافي وخصوصياتها البارزة صراع الشرعيات ، شرعية المجموعات المسلحة التي تستمدها من دورها في اسقاط حكم القذافي ، وشرعية المؤسسات المنتخبة التي تستمدها من العملية الانتخابية ، الى جانب عامل المجموعات المتطرفة دينيا التي سيطرت على مدن ومعسكرات وهي لا تؤمن بالدولة اصلا و تدفع في اتجاه المثال الطالباني في تسيير ليبيا .



كافة هذه العوامل عرقلت بناء الدولة الليبية وجعلت مرحلة ما بعد سقوط القذافي تتميز بالفوضى و الخطورة التي اصبحت تهدد ليس مستقبل ليبيا فقط إنما دول الجوار أيضا ، تونس و الجزائر و مصر والضفة الشمالية للبحر المتوسط .


في مناخ الفوضى و غياب الدولة تنتشر الجماعات المتشددة و التكفيرية ولا تكتفي بما لها من مساحات ، إنما تعمل على مزيد التوسع لتحقيق أهدافها النهائية وبناء ما تسميه الدولة الاسلامية . حصل ذلك في افغانستان بعد خروج الاتحاد السوفييتي ، وحصل بدرجة أقل في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين ، وحصل في الصومال وجرت محاولات في البوسنة واليمن و شمال مالي .
واليوم السيناريو ذاته يتكرر في ليبيا، مدعوما من سياسيين في المؤتمر الوطني العام تحت عناوين مختلفة منها شرعية الثوار والبحث عن التوازنات ، دون أدنى تقدير لخطر هذه الجماعات على مستقبل ليبيا و المنطقة عموما.
ويظهر هذا الدعم في عدم التحرك بإرادة حقيقية للحد من توسع هذه الجماعات و نزع الأسلحة التي بحوزتها ، رغم كل التحذيرات و التقارير الاستخباراتية العربية والغربية التي تؤكد أن ليبيا تحولت الى قاعدة حقيقية لتنظيم القاعدة و الجماعات الجهادية ، وظهر على وجه الخصوص خلال الأيام الأخيرة في الموقف من التحرك العسكري الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد هذه الجماعات في بنغازي و طرابلس، تم اعتبار هذا التحرك انقلاب على الشرعية وعلى الدولة ( الغائبة اصلا)، وثمة من ذهب أبعد من ذلك معتبرا ان حركة خليفة حفتر هي حلقة أخرى في خطة الانقلاب على الاسلام السياسي الذي وصل للحكم عن طريق الانتخابات ، في اشارة للإخوان المسلمين في ليبيا الذين يسيطرون على المؤتمر الوطني العام .

الانقلاب على الشرعية هو الشعار ذاته الذي رفعه الرئيس المصري المعزول محمد مرسي عندما تحرك الشارع المصري ونزل يوم 30 جوان 2013 بالملايين ضد خياراته و سياسات الاخوان المسلمين في مصر ، وهو أيضا الشعار الذي رفعته الترويكا الحاكمة في تونس وخاصة حركة النهضة عندما طالبت الأحزاب السياسية بحكومة كفاءات وطنية غير متحزبة بعد اغتيال زعيم التيار الشعبي محمد ابراهمي يوم 25 جويلية 2013.
في مصر عُزل محمد مرسي بعد تدخل المؤسسة العسكرية ، وفي تونس خرجت الترويكا من الحكم بعد الدور الرئيسي لمؤسسة الحوار الوطني بقيادة المنظمة العمالية الاتحاد العام التونسي للشغل ، أما في ليبيا فإن المسار قد يختلف عن المسارين التونسي و المصري بسبب انتشار السلاح وسيطرة الجماعات المتشددة على ثكنات عسكرية ، لذلك يتحدث عديد المراقبين عن سيناريو الحرب الأهلية و هو أخطر السيناريوهات.
ليس في مصلحة الشعب الليبي قيام حرب اهلية ، وليس أيضا في مصلحة دول الجوار خاصة تونس و الجزائر و مصر قيام هذه الحرب لأن تداعياتها الأمنية و العسكرية و حتى الاقتصادية ستكون وخيمة ، الحل هو في ايجاد مخرج لهذه الأزمة يمر أولا من داخل ليبيا :
• توفر ارادة سياسية حقيقية لمحاربة الارهاب و الجماعات المتشددة و الابتعاد عن خيار الهدنة غير المعلنة.
• ضبط خريطة طريق واضحة لنزع السلاح من كافة الميليشيات غير المنضوية تحت مؤسسات الدولة .
• الانطلاق في حوار وطني يكون مفتوحا للسياسيين و المجتمع المدني فقط .
و ثانيا من خارج ليبيا:
• مساعدة ليبيا في بناء مؤسسة عسكرية وأمنية محترفة و محايدة كجزء من الدولة .
• تقديم المساعدات اللوجستية و الأمنية لمحاربة الارهاب .
دون ذلك فإن شبح الحرب الاهلية سيبقى يحلق فوق سماء ليبيا .





Comments


12 de 12 commentaires pour l'article 85570

HAKIM_TOUNSI  (Tunisia)  |Mercredi 21 Mai 2014 à 23:08           
من الإشكاليات القائمة اليوم عدم إدراك الكثيرين للواجب الذي ينبغي أن يقوم به العقل المسلم, وعدم إدراك الدور الحقيقي لمهمة العقل المسلم في مواجهة تحديات عصر العولمة والحداثة والتجديد, والأكبر من ذلك رِضاء الكثرة من المسلمين بالانحطاطية والتخلف العلمي, وهجر القراءة والتعلم، إهمالاً لوظائف العقل, وتقليلاً من شأنه

إن مادة عقل في القرآن الكريم وردت 49 مرة معظمها بصيغة المضارع, ففعل " تعقلون" تكرر 24مرة, وفعل " يعقلون" تكرر 22مرة, وفعل "عقل" و" نعقل" و"يعقل" جاء كل واحدٍ منها مرة واحدة

مفهوم العقل في القرآن يأخذ مناحي متعددة, مجملها تشير إلى أنه أداة العلم والمعرفة, والتمييز بين الأشياء, والحبس والحجر عن الوقوع في المهالك والمضار, وذميم القول والفعل لأن العاقل يعرف به الضار من النافع والخير من الشر, ومجمل الآيات التي تحدثت عن العقل تدعوه إلى العمل بالطرق المختلفة

إن دور العقل في البناء الحضاري يتمثل في مواكبة التطور بالجديد والمفيد في ميادين التكنولوجيا, والتقدم الصناعي, والعلمي, وتشجيع المفكرين والمبدعين, وفسح المجال للعلماء وأرباب الفكر في صناعة التقدم والحضارة, وبذلك تنمو الحياة بشكل متكامل ومتنامي من جميع الجوانب, وعلى كافة الأصعدة والاتجاهات, ومقدرته على مواجهة الأزمات والتحديات المعاصرة

الإنسان منذ أن استخلفه الله على الأرض طلب منه أن يقوم بواجب الاستخلاف, وأن يحقق الغاية التي أوجده الله لأجلها من الإيمان به وحده, والتصديق برسله, والإيمان بما أنزل, هذا الدور المناط بالإنسان كخليفة الهدف منه التعبد لله في التعمير والبناء والتشييد وعمارة الأرض بكل ما لدى الإنسان من إمكانات وقدرات ومواهب حتى تستقيم الحياة

منقول




Alibabnet  (Tunisia)  |Mercredi 21 Mai 2014 à 13:33           
يا ثوّار ليبيا الأبطال والأحرار ...
لا نجاة لكم ولثورتكم ان نجا خليفة حفتر والخونة اتباعه .. ميلوا عليهم ميلة واحدة ، الان الان وليس غداً .. واعلموا ان المتآمر الخارجي ( الامارات ، السعودية ، السيسي ، الخ ...) لا يستطيعون إيذاء ثورتكم ما لم يجدوا عميلا وخائنا داخل ليبيا .. أحسموا الامر في الداخل ولا تكترثوا لأحد ، وسيتكفل إخوانكم في مصر بالسيسي وعبيده ...
منقول عن الأعلامي الحر """ صالح لزرق"""

Nibras  (Germany)  |Mercredi 21 Mai 2014 à 10:12           
لا يصح إلا الصحيح مهما طال الزمن. لقد لاحق جنرالات تركيا الحركة الاسلامية لعقود وعقود ومنعوها وحظروها، لكن في النهاية حكم الاسلاميون تركيا وحققوا نهضتها ورفعوا اسمها عالياً في العالم.

Mandhouj  (France)  |Mardi 20 Mai 2014 à 21:46           
La Libye a tous les atouts pour gagner sa tranquillité (un pays uni, un état moderne et fort, une réelle paix sociale, une démocratie qui lui correspond).

les belligérants libyens ne sont pas des ennemis, sont, plutôt, des frères qui ne se comprennent pas.
il faut trois choses pour résorber la crise et se mettre au travail pour une Libye pour tous:
- le dialogue,
- le dialogue,
- le dialogue.
ben Ali harab
Mandhouj Tarek.

Essoltan  (France)  |Mardi 20 Mai 2014 à 13:31           
إجابة على السؤال : من يوقف " شرعة السلاح " ? شرعية الله والمحبة بين الناس هما أقوى من شرعية السلاح

Fikou  (Tunisia)  |Mardi 20 Mai 2014 à 12:57           
العرب لن يخذلوا يوماً ليبيا، بل سيواصلون سعيهم المسعور لتحرير الأوطان ونشر ديمقراطيتهم ولو بالقوة.
فالدول العربية لها كل الأمكانيات لمساعدة ليبيا، وسيتم ارسال قوة من داعش لدعم الشعب الليبي وذلك بعد انتهاءها من تحرير سوريا والرمادي والفلوجة
وستدعمهم ايضاً بأرسال مقاتلين من جبهة النصرة ومنظمة الشباب الصومالية مدعومة بقوات حوثية من اليمن
اما القاعدة وطالبان فأنهم حتما سيمدون يد العون فور تحرير افغانستان، ولن يتخاذل حزب الله والجهاد الأسلامي وفتح الأسلام ولا جماعة الأخوان المسلمين من مد يد العون وكذلك حماس لن تبقى مكتوفة اليدين بعد تحرير فلسطين مباشرة وستتوجه الى هناك مع الميليشيات الليبية العديدة لمد يد العون
اما جبهة البوليساريو فأنها جاهزة ايضاً للمساعدة
والقائمة طويلة، وكان الله في عون الليبيين اذا حقا ساعدتهم الدول العربية بهذه المجموعات إذ يكفيهم وجود أنصار الشريعة بينهم

MSHben1  (Tunisia)  |Mardi 20 Mai 2014 à 11:28           

@كل الجيوش العربية و خاصة الجيش الليبي .

انا خبير الاستراتيجيين ادعو اولا قادة المليشياة الاسلامية في ليبيا و المليشياة العرقية و القبلية و الانفصالية الى تسليم السلاح الى الدولة و الى الذهاب الى ديمقراطية صندوق الاقتراع او الى التوافق و على قادتهم بداية من عبدالحكيم بالحاج و غيره العمل على هذا ان كانوا متحضرين و الا فانه ما امامكم الا الخراب و الفوضى على الشاكلة السورية لان السلاح في ايادي رعوانية و صبيانية و متخلفة يؤدي حتما الى كارثة و الى عودة المستعمرين بعد ان تأكلوا بعضكم بعضا .
ثانيا على الجيوش العربية مواصلة دك المتخلفين الارهابيين فهم سبب الداء و خراب العرب المتخلفين لانهم انانيين و مذهبيين و متطرفين و المتطرف متخلف و لا خير يرجي منه و هو قاصر عقليا و علميا و عمليا و بنهاية 2014 مع بداية 2015 ستكون نهايتهم في سوريا و العراق و اليمن و تونس و مصر الجزائر و لربما ليبيا . كلنا نريد الشريعة دستورا و لكن كي تثمر وجب ان تأتي بقناعة الشعوب و برضاها و ان تديرها الدولة بقوة القانون و الحق و الديمقراطية و لا يديرها صعاليك قصر و
متخلفون حتى يكون النجاح للاسلام الحقاني و للمسلمين .

انا mshben1 قوة العقل و الصدق و العلم و الضمير و عالم الحياة و الدين .

Dachamba99  (Tunisia)  |Mardi 20 Mai 2014 à 11:25           
النَاتو و ب.ه.ل سيوقفون شرعيَة السَلاح

Hattab  (Tunisia)  |Mardi 20 Mai 2014 à 11:16 | Par           
مقال جيد لكن التدقيق واجب اذ ان الإسلاميين لم يفوزوا في الانتخابات العامة التي جرت هناك

Humanoid  (Japan)  |Mardi 20 Mai 2014 à 10:52           
الأخ سينباد، معك الحق فيما تقول. ليس هناك من رغبة حقيقيّة لدى الدول الكبري في أن ينصلح حال ليبيا. ويكفي أن نعلم أن بعض "القوى" الأوروبية ظلّت تلقي السلاح إلقاءً في ليبيا حتّى بعد سقوط "التاغية" (كما يقول بعضهم) لكي لا يبقى فرد غير مسلّح في هذا البلد الشقيق.
وبطبيعة الحال لا يمكن لدولة مثل تونس أن تقدّم شيئا فلا هي بالدولة القويّة ولا جيشها بالجرّار. أما الجارتان الأخريان، فالجزائر -والكل يعلم هذا- حكومةً ظلت تدعم القذّافي حتى اللحظة الأخيرة، وهي لا تحب الدولة الجديدة كثيرا، وأما مصرُ السّيسي فالإنقلاب فيها ما زال يسعى لوضع ساق ثابتة في بلاد النيل، وهي ، حكومة السيسي، تودّ لو يتكرر السيناريو المصري في كل من ليبيا وتونس.

Lechef  (Tunisia)  |Mardi 20 Mai 2014 à 10:38           
....C'est pourquoi tous ces pays ( Tunisie , Algérie et Egypte ) doivent intervenir énergiquement auprès des libyens pour apaiser les tensions et pousser vers le dialogue bâtissant d'un pays en sécurité

Sinbad  (Tunisia)  |Mardi 20 Mai 2014 à 10:31           
السؤال الاهم: هل هناك رغبة حقيقية من الدول المجاورة والقوى الكبرى الفاعلة في ليبيا في حل المسألة الليبية؟
والاجابة عن هذا السؤال تحدد مستقبل ليبيا ومستقبل المنطقة ككل ودون هذا الاجابة يبقى كل كلام أو تعليق مضيعة للوقت والجهد


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female