خبراء الارهاب والحلقة المفقودة

بقلم عادل السمعلي
كتب المؤرخ التونسي الدكتور محمد ضيف الله حول ظاهرة بروز خبراء جدد على الفضائيات التونسية فقال : ( مختص في علم الآثار يقدمه الإعلام أو يقدم نفسه على أنه خبير في الإرهاب أو مختص في السلفية أو في التطرف الديني وباحث في التاريخ، يقدمه الإعلام على أنه خبير في الشؤون الأمنية تارة وخبير عسكري واستراتيجي تارة أخرى وتتبدل خبرته طبقا للموضوع المطروح؛ )ومتحصل على الإجازة في علوم الادارة ، يقدمه الإعلام على أنه خبير في الشؤون الاقتصادية والمالية؛ وهلم جرا..
كتب المؤرخ التونسي الدكتور محمد ضيف الله حول ظاهرة بروز خبراء جدد على الفضائيات التونسية فقال : ( مختص في علم الآثار يقدمه الإعلام أو يقدم نفسه على أنه خبير في الإرهاب أو مختص في السلفية أو في التطرف الديني وباحث في التاريخ، يقدمه الإعلام على أنه خبير في الشؤون الأمنية تارة وخبير عسكري واستراتيجي تارة أخرى وتتبدل خبرته طبقا للموضوع المطروح؛ )ومتحصل على الإجازة في علوم الادارة ، يقدمه الإعلام على أنه خبير في الشؤون الاقتصادية والمالية؛ وهلم جرا..
إن هذه الكلمات التي خطها الدكتور محمد ضيف الله تترجم الحيرة والاستغراب لدى قطاع عريض من التونسيين من أشخاص نكرات ومجاهيل تحرص بعض المنابر الاعلامية على إظهارهم كمختصين وخبراء والحال أنه حين التدقيق والوقوف على وجاهة تحاليلهم واستنتاجاتهم تصدم بكم هائل من الغباء ونقص المعرفة لدى هؤلاء الذين يتنافسون ويتسابقون على الظهور الاعلامي على حساب الوعي العام والمعرفة الحقيقية لموضوع النقاش والإشكالية المطروحة وتجد نفسك أمام كم هائل من الافكار البلهاء التي لا يمكن أن تصدر بتاتا عن مبتدئين فضلا من أن تصدر عمن يسمون بخبراء .

إن التناول الاعلامي لظاهرة الارهاب في تونس لم يرتق بعد للمستوى الادنى المطلوب من الفهم والدراسة والتحليل وقد ارتكبت أغلب وسائل الاعلام حماقات كثيرة في هذا المجال ترتقي لدرجة دعم الارهاب أو تبييضه من حيث لا تدري ولا تشعر مما يؤكد النقص الفادح في فهم الظاهرة وغلبة المنحى التجاري لترويج الاشاعات والأكاذيب على حساب الأمن القومي للبلاد وليس أدل على ذلك ما تناولته معظم وسائل الاعلام مما يسمى اعتراف المدعو الصومالي لدى حاكم التحقيق والتي هي في أغلبها اعترافات كاذبة من نسج الخيال .
أنه من فرط تناقض الاعترافات التي تنسب للمكنى بالصومالي يخيل إلينا أن الصومالي لم يقع في أيدي وزارة الداخلية ولا يتم الآن استنطاقه من طرف قاضي التحقيق ولا هم يحزنون بل يبدو إنه وقع في أيدي إعلام الدعاية والتضليل الذين يستنطقونه في الصباح والمساء بطرقهم الخاصة وليس أدل على ذلك أطنان الاعترافات التي نقرؤها كل يوم في الصحافة الورقية والالكترونية والتي هي لا تزيد عن إعادة نشر ما هو شائع ومعروف من إشاعات وترهات لا تستقيم واقعا ولا عقلا ولا نقلا ...
إن التناول الاعلامي لظاهرة العنف المسلح والإرهاب في تونس وهي ظاهرة جديدة نسبيا ومستحدثة مزعج جدا وغير موفق بتاتا ويثير الكثير من علامات التعجب والاستفهام خاصة حين ينشرون بسابق إضمار وبتعمد اعترافات لموقوفين على ذمة التحقيق لا أصل لها ولا أساس ومليئة بالتناقضات ويتفننون في الحديث عن نقاط استهداف مستقبلية من محض خيالهم المريض وكأنهم يسطرون خارطة طريق للإرهاب وينظرون للعمليات المسلحة القادمة من خلال الحديث عن لائحة اسمية للاغتيالات أو قوائم بالأماكن المستهدفة والحال أن وزارة الداخلية هي وحدها المؤهلة للحديث عن هذه التفاصيل وهي المؤهلة دون غيرها لحجب أسرار الاعترافات لأسباب بحثية و أمنية .
..إن مقولة لا حياد مع الارهاب من أخطر المقولات السياسية والإعلامية هذه الايام لأنها تختزل الارهاب في جماعات سلفية تؤمن بالعنف المسلح ولا تؤمن بالديمقراطية كمنهج تغيير وتتجاهل عن قصد وبنية مبيتة فرضية إرهاب بقايا النظام القديم الذي يشارك الجماعات الجهادية نفس الرؤيا باعتباره هو نفسه أيضا يؤمن بالعنف ولا يؤمن بالديمقراطية وهذا ما عايشه التونسيين واقعا طيلة نصف قرن ...ولا أحد من الخبراء والمحللين مما جيء بهم للبلاتوهات تطرق بمنهجية علمية وتاريخية لإمكانيات التحالف الموضوعي بين الفئتين... أي الجهادية والدستورية مع أن التفكير المنطقي السليم يجب أن يتطرق لكل الاحتمالات والفرضيات الممكنة وإن تعمد تغييب هذه الفرضية إعلاميا تزيد من الشكوك حول الخفايا اللوجيستيكية لكل عمليات الارهاب في تونس والتي لم تتبناها الجماعات الجهادية التقليدية على خلاف عادتها في كل البلدان التي مارست فيه فعاليتها المسلحة.
إن إنكار الارهاب الذي يسفك الدماء المعصومة و يستهدف الأبرياء مسألة محسومة عند جميع الاطياف السياسية في تونس ولا جدال فيها ولكن أيضا لا بد من التأكيد كذلك أنه لا حياد مع مرتزقة الاعلام وأشباه الخبراء الذين يؤثثون المشهد الاعلامي التونسي ويتفننون في نشر البلاهة والغباء ...
تونس : صناعة خبراء إقتصاد وهميين
محافظ البنك المركزي يتهم أمثال معز الجودي ومراد الحطاب بالتهريج
الطماطم العجيبة تفضح ازدواجيّة الخبراء الغريبة
محافظ البنك المركزي يتهم أمثال معز الجودي ومراد الحطاب بالتهريج
الطماطم العجيبة تفضح ازدواجيّة الخبراء الغريبة
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نؤكد ما ذهب إليه الدكتور محمد ضيف الله حين قال : (المشكلة في هؤلاء الخبراء أنهم لا يخجلون من أنفسهم، وما يعنيهم هو الظهور الإعلامي. ومجانا أيضا.و من سوء حظهم أننا نعرفهم واحدا واحدا، ولكنهم يراهنون على من لا يعرفهم من بين الإعلاميين والمشاهدين أو المستمعين. وأما عن الإعلاميين فهذا دليل إضافي على محدوديتهم، بحيث أنهم لا يعرفون الخبير من الأجير، أما بالنسبة للجمهور فللتأكد من أن هؤلاء ليسوا خبراء ولا هم يحزنون، فقط اسألوهم عن كتاباتهم إن كانت لهم )كتابات.
Comments
17 de 17 commentaires pour l'article 80934