الإسلام السياسي وتحديات المرحلة

<img src=http://www.babnet.net/images/9/mohamedhammar.jpg width=100 align=left border=0>


محمد الحمّار

من هو المسلم الذي يرضى أن يبدأ مشوارا نضاليا بالانضواء إلى جماعة إسلامية وينتهي متهما بالانتماء إلى نفس التنظيم بوصفه جماعة إرهابية ؟ هذا ما حصل لإخوان مصر وكاد يحصل لحزب حركة النهضة بتونس لمّا تأكد المجتمع من عدم جاهزية الحزب ذي الخلفية الدينية لأن يقود البلاد إلى الانتقال السياسي و الرقي الاجتماعي والتقدم الحضاري. بينما نحن ننطلق من افتراض مبدئي مفاده أنّ المسلم الحر هو من يبدأ مناضلا وإذا انتهى – ناجحا أو فاشلا- فينتهي وهو مقتنع بما أنجزه وبالإطار الذي عمل ضمنه. قد يقال عنه إنه فاشل لكن لا يمكن أن يقال عنه إنه مهرب للدين ومتاجر به وراكب عليه مثلما قيل عن المنتمين إلى الحركات الإسلامية في تونس وفي مختلف البلدان المعنية بهذه المسألة.

فما مستقبل العمل الإسلامي في ضوء هذه الحقيقة التاريخية؟ أي هل سيكون عمل إسلاميين أم مسلمين؟



من الوهلة الأولى لا أشك في أنّ المسلم الحر هو ذاك الذي لا يقبل بمثل ذلك الانقلاب على النفس الذي حصل لرمزية المسلم عبر الإخلال بمهمة حفظ وجه المسلم من طرف الإسلام السياسي. وهو انقلاب على النفس لأنه يجسد التعارض التام بين مدخلات ومخرجات النضال لرفع راية الدين الحنيف عبر رفع راية المسلمين دينا وعقلا وعملا.
لقد بدأ هذا النضال دعويا توعويا (في السبعينات من القرن الماضي في تونس) وما راع المجتمعات المعنية (مصر، السودان، تونس، الأردن وما إلى ذلك) إلا أن تحوّل هذا النضال إلى عمل سياسي باسم الدين، حتى انتهى محكوم عليه بالحجر وبالتحجير وبأساليب إقصائية مختلفة.
إنّ الاستنتاج الذي نخلص إليه بخصوص السؤال الأول هو أنّ الحركات الإسلامية كانت غير قادرة على التأثير الإيجابي على الحياة العامة وعلى الشأن العام في مجتمعاتها. ومردُّ ذلك أنها حبست الإسلام في حزبٍ سياسي بينما كان عليها أن تعمل خارج ذلك الإطار حتى يبقى الإسلام متحررا وبالتالي يكون عطاؤه أغزر وحتى تتكوّن لدى الأفراد والمجتمع ثقافةٌ سياسية وليدةُ زمانها وتتشكل البدائل الواقعية والناجعة. بينما يلاحظ أنّ في تبجيل الإسلام السياسي لفكرة التحزب باسم الدين على العمل الإسلامي الإصلاحي المدني- العلمي والتربوي والتواصلي والاجتماعي - وبعد وصوله إلى السلطة وممارسته لها، تبيّن أنّ الإسلاميين قد توخوا طرائق وآليات أكل عليها الدهر وشرب وبالتالي لم يُلبِّ مرورهم بالسلطة متطلبات المجتمع. لقد أخطئوا المرمى لأنهم أخطئوا الوسيلة وربما أخطئوا العصر أيضا.
بهذا المعنى، سيكون المسلمون في حِلّ من إرغامات التحزب المُركّز على الدين. وهذا مما سيوفر لدى الفكر الإسلامي الجديد آليات العمل البديلة التي ستخول للإسلاميين الجدد القدرة على تشخيص حاجيات الفرد والمجتمع ومن ثمة القدرة على إنجاز الإصلاح. وهذه الآليات، التي تخص مهمة تشخيص الواقع ومشكلاته و مهمة الإصلاح، لن تكون ناجعة إلا في صورة اتسامها بأكثر علمية وبأكثر وضوح من تلك التي كانت متوفرة لدى الحركات الإسلامية عند ظهورها قبل ما يناهز نصف القرن.
حين يكون العمل الإسلامي قد انتقل من إطار الحزب الإسلامي الشكلي، أي المُركّز على العقيدة وعلى الهوية دون ارتكازه على دعائم علمية و موضوعية محسوبة على الآثار الطيبة للإيمان، إلى الإطار المدني الإصلاحي النافذ. نتيجةً لذلك، سيحقق المجتمع السياسي حدّا أدنى من التوحد الفكري لأنّ الفكر الإسلامي صار قادرا - بموجب حيازته على الكفاءة العملية والتأصيلية - على التجذير التدريجي للاشتراكية وللشيوعية و لليبرالية ولسائر المكونات النظرية والفلسفية الكونية في داخل النسيج الفكري والعقل المجتمعي. وعندئذ سيكون الفكر الإسلامي الإصلاحي بمثابة القاطرة التي تقود المجتمع السياسي على درب تحقيق الأهداف التي تتطلبها تحديات المستقبل بشأن الرقي والتقدم.
إنّ الظرف الذي تمر به تونس (مغادرة الإسلام السياسي السلطة) ملائم جدا لتجديد العمل والفكر الإسلاميين. فالإسلام يسجل في هذه المرحلة تحررا من التحزب العقدي المغلف بالمدنية وبالتالي فالفرصة سانحة للتأسيس لعملٍ سياسي منظم يكون من الصنف التشاركي يلعب فيه العامل الإسلامي – تبعا لقدرته على استيعاب كل ما يصلح من المكونات الإيديولوجية والفكرية الكونية - دور الوسيط والمعدل للفكر السياسي العام.
على هذا النحو لا خوف على المجتمع من الاستبداد ولا خوف على الحياة السياسية من الاستحواذ عليها من قِبل طيف دون آخر طالما أنّ الأطياف /الأحزاب كافة ستكون مرتكزة مستقبلا على قاعدة مشتركة متكونة من كُنه المادة الفكرية الكونية التي استوعبها وأعاد تدويرها وتوزيعها الفكر الإسلامي.
بالنهاية ستكون كل الأطياف/الأحزاب مشتملة على قسط أو منسوب من الخليط – الفكري والفلسفي والإيديولوجي- الذي تمّ إعداده بفضل اضطلاع الفكرة الإسلامية بدورها الطبيعي، دور المستوعب للاختلاف بين الثقافات وبين المعتقدات (حتى داخل المجتمع العربي الإسلامي الواحد)، ومن ثمة اضطلاعها بدور الموحّد، وأخيرا بدور المُوجه للعقل المجتمعي نحو الرؤية الواضحة لمتطلبات النموّ الطبيعي للمسلم وللمجتمع ذي الأغلبية السكانية المسلمة.


Comments


6 de 6 commentaires pour l'article 80008

Mongi  (Tunisia)  |Mercredi 19 Février 2014 à 10:02           
كيف العادة عودنا سي محمّد الحمّار بالتخلويض
وأصبحت لا أحتمل أن أقرأ له من كثرة التخلويض.
ولكن في بعض الأحيان أنقر نقرة صغيرة على مقاله. لعلّي أجد تغيّرا في فكر الرجل. ولكن لا حياة لمن تنادي. الرّاجل ماشي ويزيد في سرعة التخلويض.
توا يا جماعة شوفي معايا اشنوة كاتب سي محمّد الحمار :
"لأنّ الفكر الإسلامي صار قادرا - بموجب حيازته على الكفاءة العملية والتأصيلية - على التجذير التدريجي للاشتراكية وللشيوعية و لليبرالية ولسائر المكونات النظرية والفلسفية الكونية في داخل النسيج الفكري والعقل المجتمعي. وعندئذ سيكون الفكر الإسلامي الإصلاحي بمثابة القاطرة التي تقود المجتمع السياسي على درب تحقيق الأهداف التي تتطلبها تحديات المستقبل بشأن الرقي والتقدم."
عندما قرأت هذه الفقرة تذكرت قول المشركين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندما قالوا له "تعالى يا محمد نعبد ربك عاما وتعبد آلهتنا عاما"
في الأخير ربي يهدي ما خلق.

Selsebil  (France)  |Mardi 18 Février 2014 à 17:58           
Je m'adresse aussi bien à celui qui écrivit l'article qu'aux différents commentateurs. Messieurs vous n'avez rien compris à la pensée musulmane. L'islam est religion de "polis" au sens grec du terme et donc religion politique, mais aussi une religion personnelle, spirituelle…etc. Ainsi nous nous distinguons des autres religions par cette vision globale de la personne. Le projet divin est clair en ce sens qu'il met en évidence la relation
de l'Homme avec son semblable. L'autre avec ses différences, ses croyances, sa couleur est lié à Moi en tant que son double son autre moi-même, par des codes communs que nous devons respecter mutuellement. Alors l'Islam nous engage non dans une retraite spirituelle, nous laissons cela à des philosophies telles que le bouddhisme, mais dans un "épousement", une harmonie avec l'autre.
Dire que les islamistes de tout bord avaient échoué, les présenter en tant que partis faillitaires car ils devaient s'occuper uniquement de la spiritualité, est à la fois bancal, suffisant et certainement de mauvaise foi.
Monsieur, l'Islam est un combat contre soi, contre l'injustice, contre l'inégalité et tous ces termes porteurs d'idéologie noble car divine, Humaine car respectueuse de la vie. L'islam est la seule religion au monde qui établit un code de vie clair, intemporel et universel.
Alors réduire l'islam au niveau du judaïsme ou du christianisme me sembler vraiment archaïque. Même les idéologies extrémistes telles que le communisme et le socialisme ont échoué dans leur tentative de réduire la religion, toutes les religions à la simple expression personnelle.
Nous pensons toujours de la même manière c'est à dire en suivant un passé passé et nous recherchons un avenir qui n'est plus puis que même dans le domaine de l'éducation, nous imposons un modèle qui n'est point le nôtre. Tout ce qui vient de l'occident est bon, tout ce qui vient de nous est médiocre quant même c'est reluisant. Au fait savez vous chers Messieurs que le mot lumières vient de la philosophie d'Al Ishrak?
Je vous laisse méditer un peu...

Sammmy  (France)  |Dimanche 16 Février 2014 à 12:09           
Il ne y'aura pas d'islam politique, l'slam est un choix de vie PERSONNEL, et individuelle,donc arreter de faire croire aux gens de bonne volonté, que la solution est l'islam, la religion est une affaire PRIVEE!!!

MSHben1  (Tunisia)  |Dimanche 16 Février 2014 à 08:38           
لقد فشل الاسلاميون المعاصرون في تونس و مصر و في العراق و في سوريا و لربما في ليبيا لانهم اولا لقد تمظهروا مظهر الستينات و السبعينات و ظاهره تخلف و انانية حزبية او دكتاتورية حزبية و صعلكة و استيلاء على المناصب لفائدة جهلة و متخلفين دون اعطاء اي اعتبار للحق و للعدل و للذكاء و للمقدرة و الكفاءة عند غيرهم . اما ثانيا فانهم لم يعملوا بواقع التقدم و العلم و العمل الذي تبناه المواطن لانه من سنن الله في خلقه ان بث كل ذلك في العقل البشري . فلا نجاح لتجربة
لا تتمظهر تمظهرا ديمقراطيا متقدما و حقانيا و لا تتبنى العقل و العلم و العمل و العدل و الحق .
ايها الاسلاميون الجدد العلماء و الديمقراطيون الحقانيون قوموا الا فانكم المنتصرون و ان اسلام الارهاب و التخلف ذاهب الى الاضمحلال بحول الله و قوته .

انا منظر الاسلام الديمقراطي الحقاني العادل حيث لا افضلية الا الى الحق و العدل و العلم التجريبي و الشرعي و العمل الديمقراطي و الكل امامه سواسية من مواطنين عرب و عجم و كرد و سنة و شيعة و يهودا و هنودا و سيخا . انا mshben1.

Antidotebalsam  (Tunisia)  |Samedi 15 Février 2014 à 23:16           
غريب فعلا أن يكون رأسمال بعض "المنظرين" الذين يعشقون الجلوس على ربوة التاريخ و مراقبة جغرافيا السياسة المتقلبة مجرد أقاويل و اتهامات و أباطيل يجهز الكثير منها و يقع إخراجه في مصانع الدعاية الغربية و ما تبقى ينبت على عجل كالفطريات في بيئة سياسية محلية جرداء (في تونس كما في ليبيا أو مصر أو سوريا او غيرها من مراجل تغلي ببهارات الثورة و الثورة المضادة) جرفها الاستبداد و لم يفسح فيها لمن يعارضونه و يختلفون عنه في الفكر و الممارسة لكي يأخذوا فرصتهم و
ينالوا حقهم في المشاركة في الحياة السياسية العامة و الحكم. كاتب المقال يستسهل الكثير من المعطيات و يتعجل الحلول الترقيعية و الملفقة التي تطلب من الضحية ان تضع السوط مجددا في يد جلادها لكي يلسع ظهرها و يسلخ جلدها و يقطع أوصالها و أن تحصل منه في المقابل على شهادة حسن سيرة و سلوك و واقعية أو انتهازية سياسية تكفر بالأخلاق و بالمبدئية و لا تراهن على أي مشروع حضاري فيما وراء حروب الأحزاب و غزواتها. السيد محمد الحمار يذهل عمدا أو قصدا عن مسألة مهمة:
ربما لم يحن الوقت بعد لتقييم تجربة ما يسميه إسلاما سياسيا و استباقها بحديث مبهم عن خليط غريب من الإيديولوجيات ليست له ملامح حقيقية و يفتح الباب لمصالحة على طريقة بعض عرابي الاستبداد و سدنته من صنف السبسي و من لف لفه، أو بعض القتلة و الانقلابيين من فصيلة السيسي الذي أراد تفويضا بالقتل و حصل عليه و يبحث اليوم عن رئاسة يكون أول المحتفلين بها و المهللين لها آلاف الشهداء الذين دهسهم و أحرق أجسادهم الطاهرة في رابعة و النهضة و ميادين و شوارع مصر.

BenrhoumaA  (Tunisia)  |Samedi 15 Février 2014 à 22:08           
مقال هزيل وليس له اي سند فكري فالكاتب يؤكد فكرة فصل الدين عن السياسة وهو حر في ذلك لكن لا يجب ان يقف على المنبر منظرا لمستقبل الحركة الاسلامية السياسية
ان كل فكر يحتاج الى التنظم ليكون اكثر فاعلية وقدرة على جمع الانصار تمهيدا لوصوله للسلطة وهذا هدف اي عمل سياسي والحديث عن ضرورة خروج الاسلام السياسي من السلطة لفتح المجال للبحث في المشترك بين الاحزاب السياسية نقول للكاتب انك واهم فلا يمكن ان يكون بيني وبين اليسار المتطرف ولا التجمعي الارهابي و لا البورقيبي الوسخ اي مشترك واذكرك ان الاسلام دين ودولة شريعة ومنهج حياة ولا يصح مقارنته باي دين اخر و الالتزام باحكامه واجب شرعي قبل كل شيء وبعد ذلك فهو
خير لنا في ديننا ودنيانا


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female