هل حُشرت النهضة في الزاوية فعلا؟

د.عقيل بن سلامة
يرى كثير من المحللين أن قيادات حركة النهضة وجدت نفسها محشورة في الزاوية بسرعة مذهلة. و قد تسارعت الأحداث بعد نشر رئاسة الجمهورية للكتاب الأسود. و يرى البعض أن الأزمة التي تعيشها النهضة أوسع و أعمق من ذلك وهو ما قد يفسر كثرة الاستقالات بها، و معارضة ما تبقى من مكاتبها الجهوية و المحلية للتمشي الحالي للقيادة و الذي قد ينتهي بهم إلى تكرار كارثة التسعينات.
يرى كثير من المحللين أن قيادات حركة النهضة وجدت نفسها محشورة في الزاوية بسرعة مذهلة. و قد تسارعت الأحداث بعد نشر رئاسة الجمهورية للكتاب الأسود. و يرى البعض أن الأزمة التي تعيشها النهضة أوسع و أعمق من ذلك وهو ما قد يفسر كثرة الاستقالات بها، و معارضة ما تبقى من مكاتبها الجهوية و المحلية للتمشي الحالي للقيادة و الذي قد ينتهي بهم إلى تكرار كارثة التسعينات.

و قد حاولت حصر أهم الأسباب التي حسب رأيي أدت إلى الأزمة الخانقة التي تعيشها الحركة:
1- تراجع كبير جدا في الشعبية بسبب ما يراه البعض خيانة للثورة و التحالف مع الفاسدين
2- احراج المرزوقي لهم عدة مرات و إظهارهم في صورة أقزام بعد إجباره لرشيد عمار على الاستقالة و الذي كانت النهضة تحسب له الف حساب و كذلك بنشره للكتاب الأسود الذي أتلف جميع خططها المهادنة للأزلام، و وضع برنامجها الانتخابي المستقبلي في المحك.
3- مسارعة النهضة بطرح قانون العدالة الانتقالية و نفض الغبار عنه أيام قليلة بعد نشر المرزوقي للكتاب الأسود هو محاولة يراها البعض يائسة لاسترجاع بعض الثقة من قاعدتها التي هجرتها، و يؤكد وجود ارتجاج هام داخل الحركة.
4- استعمال النهضة لفزاعة الإرهاب رجع عليها بالوبال، حيث أظهر بأنها تبنت كثيرا من سياسات بن علي التي كانت في السابق تندد بها.
5- استعمال فزاعة الإرهاب أدى إلى إعادة توظيف الجلادين من جديد و استعمالهم مما يعني أنه لن يكون بإمكان النهضة مستقبلا محاسبتهم على جرائمهم طوال العقدين الماضيين.
6 - استعمال النهضة لقانون الإرهاب و تمجيدها له بعد أن كانت تستنكره لما كانت في المهجر و السجون أظهر مدى نفاق و عدم جدية و مبدئية مواقف الحركة.
7- عودة التعذيب بشكل واسع وممنهج و خارج عن السيطرة أكثر حتى من زمن بن علي أكد للتونسيين بأن النهضة لا تختلف كثيرا عن التجمع و عن عقلية بن علي ، و أنها لا تلقي بالا لحقوق الإنسان بقدر ما تهتم بتحقيق أهدافها السياسية و تطبيق التعليمات الغربية.
8- تنكر النهضة لمناضليها السابقين الذين دُمر مستقبلهم بسببها و عدم المسارعة بتعويضهم التعويض المناسب أظهر الحركة بصورة الناكر للجميل.
9- إعادة عدد من أيمة التجمع إلى عدد كبير من المساجد أدى إلى نفور المصلين و تنديدهم بسياسات النهضة في هذا المجال
10- عدم مساندة النهضة لاعتصام القصبة 4 و تآمرها عليه أفقدها ثقة الشباب الثوري تماما ...
هذه بعض الأسباب الظاهرة التي أدت إلى شبه عزلة لقيادات النهضة و انفصامهم عن واقع الثورة. و قد تكون هناك أسباب أخرى، لكن الراجح من كل هذا أن هناك رأيا عاما تبلور في المدة الأخيرة بأن قيادات النهضة كانوا أقرب للثورة المضادة منهم لروح ثورة الحرية و الكرامة ووقفوا مع الجلاد، وضد الضحية، و ركنوا للحلول السهلة وهي طاعة النصائح الخارجية ( من الجنرالات و الشيوخ و السفراء) و عدم إغضاب الأزلام و الفاسدين في الداخل ظنا منهم أن الأمور ستسير كما يشتهون. لكن الواقع أثبت عكس ذلك تماما حيث فقدت النهضة مصداقيتها و جزء هاما من شعبيتها و استأسد عليها و على التونسيين الأزلام و الفاسدين و الجلادين. فهل تسير النهضة إلى محرقة شبيه بمحرقة التسعينات أم أن ضمير بعض القيادات سوف يستفيق و إن متأخرا و ينقذ السفينة من الغرق الوشيك.
Comments
24 de 24 commentaires pour l'article 76266