الفلول وكتابهم الاسود في تونس

<img src=http://www.babnet.net/images/6/ecrans.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم نزار بولحية
القدس العربي



عاد الحديث بقوة في تونس في اليومين الما ضيين عن الازلام .المقصودون بذلك هم فلول و بقايا النظام المتهاوى للرئيس المخلوع بن علي والذين خرجوا في الاشهر الاخيرة من مخابئهم ليتصدروا شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد عارضين خبراتهم ومساعيهم لفك شفرة الازمة السياسية التي تعصف بالبلد. اما المناسبة فكانت اصدار دائرة الاعلام برئاسة الجمهورية ما سمي بالكتاب الاسود لمنظومة الدعاية تحت حكم بن علي والذي تم الاعلان عنه على شاشة قناة تلفزيونية خاصة . تفاصيل الكتاب ليست حتى الان في متناول الكثيرين فهو لم يوزع سوى على نطاق محدود رغم تسريب مقتطفات منه على شبكات التواصل الاجتماعي اما الضجة التي احدثها فقد فاقت التوقعات . نقابة الصحفيين من جانبها سارعت على الفور الى اصدار بيان شديد اللهجة عبرت فيه عن خشيتها من امكان استعمال المعطيات الواردة بالكتاب لغاية ما وصفته “بتصفية الحسابات“ فيما هدد بعض الصحفيين الذين وردت اسماؤهم ضمن قائمة المطبلين باللجوء الى القضاء. اما الاصوات القليلة التي رحبت فتلاشت وسط سيل جارف من الانتقادات الحادة التي قابل بها معظم المنتسبين لصاحبة الجلالة خطوة وصفوها بالعدائية من جانب الرئاسة.




المفارقة هنا هي ان نفس نقابة الصحفيين كانت حتى عهد قريب توجه اتهاماتها للحكومة بالتقاعس في كشف القائمة السوداء للصحفيين المورطين في الدعاية لنظام المخلوع فيما كانت السلطات تتفادى فتح الملف وتحاول ارسال اشارات متتالية على انه ليس ضمن جدول اولوياتها في هذه المرحلة على الاقل بل ان وزير الداخلية في حكومة الترويكا الاولى صرح للصحفيين في اكتوبر 2012 على هامش جلسة مسائلة في المجلس التاسيسي بانه لا يملك قائمة سوداء للصحفيين وان المسالة تهم الامن القومي وعلى غاية من الخطورة.
لا يخرج الامر في ظل المخاطر و التقلبات التي يمر بها الانتقال الديمقراطي في تونس عن احتمالين اثنين : الاول ان يكون الحدث مجرد مناورة ذكية محسوبة الاخراج والتوقيت اراد بها الرئيس المرزوقي خلط الاوراق واحراج حليفه الاكبر حركة النهضة في ظل ما يتردد من حين الى اخرعن وجود صفقة تطبخ على نار هادئة للوصول الى صيغة تفضي الى نوع من تقاسم السلطة بينها وبين الفلول مما قد يعقد في حال حصوله وضع الرئيس ويجعله على المحك وينسف بالتالي حظوظه في ولاية جديدة بعد الانتخابات المفترضة او حتى قبلها. و متى صح ذلك فهو يعني ايضا ان ملف الفلول الشائك والمعقد لن يذهب نحو ما هو ابعد اي الى طور محاسبة بات الحديث عنها يتضائل باستمرار وسط ارتفاع اصوات المنادين بالوفاق الوطني و الجمود الحاصل في قانون العدالة الانتقالية الذي بقي مركونا منذ اشهر طويلة على رفوف المجلس التاسيسي و ليس باستطاعة احد حتى الان ان يعرف متى سيتم عرضه على التصويت.

الخطورة في ان يظل الامر مقتصرا على مجرد التشهير بصحفيين او اعلاميين اوكتاب عملوا ضمن منظومة الفساد دون المرور الى اتخاذ اجراءات قضائية او ادارية بحق المورطين منهم سوف يقدمهم كضحايا جددا لتصفية حسابات كما ورد في بيان نقابة الصحفيين وعلى ان كل ما يحدث بحقهم هو مجرد نزوة عابرة قادت السلطات الحاكمة حاليا للانتقام من خصومها دون ان تلتفت الى معايير العدالة والانصاف او تكون غايتها من وراء كل ذلك هي الاصلاح.
في مثل هذه الفرضية الاولى يتحول ما يبدو للوهلة الاولى قصفا ثوريا باهرا الى نيران صديقة قد تاتي على الثورة و تصيبها في مقتل بسبب سوء الاستخدام او الاختيار الخاطىء لارض المعركة وتوقيتها.

اما الاحتمال الثاني لما يمكن ان يكون وراء الظهور المفاجئء للكتاب الاسود الان فهو الرغبة المتاخرة في وضع حد للهجمة المضادة للفلول وكشف جزء من تاريخ ماساوي مظلم تجري عليه عمليات تجميل فائقة الدقة لطمس ما علق به من قبح وفساد واعادة تقديمه في ثوب المنقذ الوحيد للبلد مما تردى اليه من صعوبات ظرفية .

العملية بهذا المعنى تشبه الى حد كبير محاولة فتح عش للدبابير دون اخذ التحوطات الضرورية او دون القدرة الفعلية على اختراقه بالكامل لان مجرد معرفة اسماء بعض الضالعين في منظومة الاستبداد لا تكفي لتفكيكها اوالقضاء عليها .والصعوبة التي تقف حائلا دون ذلك هي تشعب تلك المنظومة وتداخلها بشكل تام مع هياكل الدولة الى حد ان محاولة استئصالها النهائيء وبشكل غير مدروس قد يهدد وحدة البلد ويضعه امام مخاطر اضافية خطيرة.
لقد طالب الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة اكبر احزاب الائتلاف الحاكم في وقت سابق كل تورط مع نظام الاستبداد بان يعتذر للشعب .لكن قليلين هم من فعلوا ذلك بل ان الوزير الاول السابق في عهد بن علي حامد القروي عاد للظهور مرة اخرى ومطالبة انصار حزب التجمع المنحل بان يرفعوا رؤوسهم و يفخروا بانجازاتهم .
والواضح من كل ما يجري اليوم في تونس ان البلاد تحتاج ليس فقط الى كتاب اسود للاستبداد بل ايضا الى قراء جيدين للكتاب والتاريخ والمستقبل .وهؤلاء فقط سيثبتون ان كان ما حصل يعد خطوة على الطريق الصحيح ام في الاتجاه المعاكس.





Comments


4 de 4 commentaires pour l'article 75832

ENISSAH  (Tunisia)  |Mercredi 4 Decembre 2013 à 15:44           
موش حق التعبير مضمون للجميع ؟؟ والا الرئيس مستثنى من هذا الحق ؟؟
موش المواطن عندو الحق باش يعرف شنوة اللي صائر في بلادو ؟؟
موش الخبر مقدس ؟؟
موش خرجنا من النفق متاع التعتيم والتستر ؟؟
موش المواطن بلغ درجة من النضج وأصبح قادرا على استعمال غرباله من غير أي مساعدة ؟؟
آما لا شنية هالتساؤلات على نشر الكتاب الاسود ؟؟
زعمة جا ء في وقتو ؟؟ زعمة جاء بكري ؟؟ زعمة جاء متأخر ؟؟
زعمة المواطن ينجم يقراه ويفهمو ؟؟
زعمة المواطن مايفهموش بالمقلوب ؟؟
زعمة المواطن يمشيش يكري "فيسبا" ؟؟
واضح اللي النخبة : خبراء و محللين وسياسيين واعلاميين ومحامين ونقابيين و ، و، ... النخبة هذي الكل عندها ثقة كبيرة في المواطن .
آما الشيء اللي آنا متأكد منو أن العكس موش صحيح .
ربي يهدي الجميع الى ما فيه الخير .

MSHben1  (Tunisia)  |Mercredi 4 Decembre 2013 à 15:01           
ان الكتاب الاسود خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح و كفى غوغائية من الغوغائيين . الذين يقولون انه عمل العدالة الانتقالية نقول لهم العدالة الانتقالية و بعد سنتين او ثلاث هي لم ترى النور و لربما يأتي الحوار الوطني بمن يخيب الآمال و يضهر مساندا نائما من الخلايا النائمة للمخلوعين فيطمس آثار المخلوعين ثم هذا الكتاب يمكن التعويل عليه حين تقوم العدالة الانتقالية ان ارادت ثم ان هذا الكتاب هو ليس العدالة الانتقالية انما هو توثيق جامع لما كتب في وثائق الارشيف
اما العدالة فانها مقاضاة و قضايا و مرافعات و عقاب . الخلاصة انه عمل جريء و هو انتفاضة لتقول للغوغائيين في التلفزات من القوادة كفى ها هي حقائقكم و بالحجة و البرهان اليقين .

انا mshben1.

Faycel  (Tunisia)  |Mercredi 4 Decembre 2013 à 14:56           
Article négatif et pessimiste.
Aucun intérêt

Libre  (France)  |Mercredi 4 Decembre 2013 à 14:35           
C'est la meilleure recompense de la presidence pour ce fin d'annee
nahda qui a trahit les tunisiens
merite la poubelle
rien de concret ni justice ni nettoyage juste projet d'alliance avec les voleurs et les puants
alors comme eux vous meritez la poubelle


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female