المنعرج الاخير للثورة التونسية

<img src=http://www.babnet.net/images/6/revolution1.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم حاتم الكسيبي

الحمد لله أن سير لبلدنا تونس ثورة لم تسقط فيها آلاف الأرواح فبعث الجزع والهلع في نفس المخلوع و فريقه، فاصطحب منهم زمرة و ترك بيننا نفر من حزبه متخفيا في رداء المواطنة و الاخوّة و سماحة التونسي و حسن أخلاقه. يومها فرحنا بفراره واحتفلنا و ظنّ بعضنا ان الخير العميم قادم على عجل و أنّ الحرية ستوزع بالمجان في الاكشاك و في المحطات، و أمام كل مسجد و ملعب و مقهى: هلمّوا أحفاد ابن خلدون وارتعوا في سماء التحرر والانعتاق فقد دحرتم الاستبداد والديكتاتورية و هيأتم لربيع عربي يصل مداه الغرب والشرق على السواء. كنا يومها نمشي كالديك نافشا ريشه رافعا رأسه يصيح بعزم وجدّ، و كنا نفخر بانتسابنا لهذا الوطن العزيز. ولما كان حلمنا الاستقرار والتقدم تهيأت الظروف للانتخابات وحسم امر الحكم في هذه الربوع، فاختار التونسيون من أرادو وانطلقت عجلة التغيير.





لم يرض ذلك الاقتراع الحر النزيه الشفاف المشهود له من قبل كل دول العالم بعض الاطراف، ولم تشتغل يومها يد التزوير و تغيير ارادة الشعب بعد ان قطعتها الثورة فقد اختفت في الجحور والكهوف و وراء القضبان تفكر في العودة والانتقام من الثورة والثائرين. و لعل بعض محاولات الظهور بمظهر التائب من الذنب و العبد الفرحان بموت سيده لم تنطل على المنتخبين فعالجوهم بالرفض و نهروهم من جديد عن العودة للسياسة و التردد على مواقع الحكم والقرار. و لقد رضي معظمهم بالاختفاء ثانية و العمل بعيدا عن الاضواء وتركوا مماليك اليسار يرهقون الثورة والثائرين بعديد القضايا الملفقة والجدل العقيم. كان ذلك المنعرج الثاني للثورة التونسية: تطبيق الشريعة ومسائل الحجاب و النقاب و افلام تافهة على غرار لا ربّي لا سيدي . غضبت الثورة فأرعدت وأزبدت و خرجت المظاهرات و زادت المهاترات الاعلامية واستدرج الحكام الجدد الى مستنقع الايديولوجيا حتى فاحت رائحة العناد و الاستعداء، فتفرقت اصوات الثورة و تقسمت الاحزاب وتكاثرت ثم فرخت الشقاق و التباغض و النفاق. و جاء منعرج الاضرابات والاعتصامات المنظمة والعشوائية ليضرب استقرار البلد من جديد فيرتبك الحاكم الجديد المتيم بالقيم والاخلاق و التحرر، فجندت الخلايا النائمة للمخلوع ومماليكهم اليسار النقابات والجمعيات المعروفة و المستحدثة لخوض حرب تشكيك في قدرات الحكم وتحمل المسؤولية فصارت شؤون الدولة حديث المقاهي والمنابر والمعاهد و المتاجر وادلى الجميع بدلوه و عبر عن رأيه بكل حرية. يومها سمعت الحكومة النصائح و سمعت السب والشتم والتشكيك، ولكنها أدركت أنّ هناك من يترصدها و يكيد لها المكائد فيعود من الشباك بعد ان أطرد من الباب.
ثم قدر الله انطلاق الاغتيالات بأياد وسخة متسترة بالجهاد و الدين فكان المنعرج الثالث، ولعله أخطر المنعرجات لا سيما و ان سكان الجحر والجبّ قد اتبعوا طريق يأجوج و مأجوج فأفسدوا في الارض و نفثوا السموم و هيأوا للانقلاب على الحكم. تلك فترة شهدت هزة في ارض الكنانة فارتدت على تونس وخرج الازلام و مماليكهم الى الشوارع يعلنون العصيان والفشل التام للمرحلة الانتقالية، فاستغرب المواطن عبثهم ونصحهم بالتوبة النصوح او العودة الى الجحور و الاقنان ان كانوا يرغبون في المواطنة الحقة فينسون الامتيازات والرّخص والرحلات و الرشاوي وغيرها من وسائل الاستعباد والاستبداد. رضوا ذلك اليوم بما قدم لهم واكتفوا بتحييد وزارات السيادة و لكنهم تناجوا على الانقضاض على السلطة مستأنسين بما حدث في مصر. حينها ادركت السلطة الانتقالية الخطر الداهم و علمت انها قد غفلت عن المتخفين من النظام البائد تحت عديد المسميات فطفقت ترتب بيت الجيش والامن وتنظم صفوفه ولكنها عبثا تحاول و يد الغدر والارهاب قد استقرت في أغلب المدن فوفرت العتاد والرجال والاموال لزرع الخوف وال هلع ومن ثم الانقضاض على السلطة من جديد. لقد تشابكت مصاح الارهاب الجهادي بالازلام المعزولة عن موقع القرار فبات التونسي حيرانا لا يفرق هؤلاء من أولئك وتقوقع في محيطه العملي وانصرف كليا عن السياسة و تبعاتها.
و جاء المنعرج الاخير للثورة بالدعوة لحوار جائر أعدته تلك الاطراف بعينها ورعتها أعين الفارين في الخارج، فكانت شروط الحوار مجحفة تفوق ظلما شروط الصلح بين المانيا و الحلفاء ابان انتهاء الحرب العالمية الثانية. طأطأ حكام الترويكا واجتمعوا فاختلفوا ثم اجتمعوا ثانية ليقرروا مآل أمرهم وقد أدركهم الموج و برزت بوادر الغرق، كانوا في وضع لا يحسدون عليه وقد ارهقهم القصف الاعلامي بصواريخ الاشاعة والافتراء وتقارير الخبراء التجمعيين الى النخاع، و فقدوا جزءا من البهرج، فقزّموا نضالات الامس بأخطاء ارتكبوها لمّا ارتضوا محاورة ازلام الحزب المنحل و من هبّ و دبّ حول فكرهم الاناني النفعي. وتدخلت أيادي الغرب الذي أذهلته ثورتنا وسببت له القلق فعملت استخباراته ليلا نهارا لتتدارك اخطائها و تستحوذ على صنع القرار الوطني، حينها رضي الخصوم الازلام والحاكم الانتقالي بعرض الوسيط الخارجي وانطلقت مسيرة الحوار الوطني لاستكمال المرحلة الانتقالية. ولعل هذا المنعرج الاخير منته لا محالة بانتخابات تمكن للقوى الثورية او الازلام بالرجوع الى السلطة، ويبقى الاختلاف حول طريقة اعداد و قواعد هذا الاقتراع الاشكال الآني، ففي سبيله تقام الندوات والمسيرات والمحاضرات فيرهق الحاكم و يحاسب حسابا عسيرا على عدم الوفاء بتعهداته بينما يتفرغ الازلام لجمع صفوفهم و ترتيب أحلافهم لخوض غمار الانتخاب بعد أن صرفوا النظر عن موديل الانقلاب المصري الي حين من الزمن و أعادوا هيكلة الوشاة و المرتزقة في كل شبر من البلاد. لكن الأمل يحدو اهل الثورة التي لم تكتمل وهم واثقون من فراسة المواطن التونسي وحسن اختياره وهو الذي علم الخبايا و استمع الى المظالم التي سلطت و عرف الارواح التي ازهقت قبل وبعد الثورة وتساءل بأي ذنب قتلت؟ ذلك المواطن المؤمن الذي لا يلدغ من جحر مرتين فيتبين المتربص بثورته من الساعي الى اتمامها والمضي بها قدما، و تبقى انجازات الثورة التونسية سدا منيعا امام دعوات العودة الى الوراء.




Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 73992

Adamistiyor  (Tunisia)  |Samedi 2 Novembre 2013 à 20:51           

ثورة دي وإلا إنقلاب ؟
بلى هي ثورة ضد الكلاب
انفس عليلة رايها ضد العباد
الثورة ثورة والانقلاب انقلاب
ويحك اتملك عقلا ام انت دون العباد
بلى هي ثورة ضد الكلاب
وحتى يستقيم الجواب
دي ثورة لا انقلاب


Moula7edh  (Tunisia)  |Samedi 2 Novembre 2013 à 20:50           


مهزلة و ضحك على الشعب و سرقة لثورة التونسيين; من هم على طاولة المفاوضات ليسو فقط بدون شرعية أو صفة سياسية أو أصوات إنتخابية بل هم مجرموا الأمس وأعداء الثوة.. العربي نصرة من قضية في التآمر على أمن تونس إلى طاولة المفاوضات, العباسي مجرم الإقتصاد الذي كبد تونس مئات الآلاف من المليارات, وجوه من نداء تونس هي رموز لنظام بن علي, معارضة مزعومة لم تحصل إلا على كراسي تعد على أصابع اليد زيادة على تورطها المكشوف مع دول ذات عقلية إستعمارية ضد تونس تريد إلغاء
و تعطيل المجلس التأسيسي( ثمرة إنتخبات التونسيين التي شهد لها العالم بالمصداقية )و تعيين أشخاص عميلة تحت مسميات و أغطية عديدة ; و اللعبة مكشوفة فبعد إقصاء قيس سعيد يراهنون الآن على إقصاء المستيري حتى يخلو الجو لصهر كمال اللطيف, كمال النابلي ( الذي عاث فسادا و خيانة لتونس عندما كان على رأس البنك المركزي) أو ذراعه اليمنى جلول عياد أو خادم ليلى و الطرابلسية محمد ناصر ; و الإعلام النوفمبري المفضوح له خبرة عشرات السنين في الكذب و الإستهتار بالتونسيين
و تبييض وجوه الفساد و الخونة




Mavb2014  (Tunisia)  |Samedi 2 Novembre 2013 à 20:27           
ثورة دي وإلا إنقلاب

Mandhouj  (France)  |Samedi 2 Novembre 2013 à 15:47           
II- Comment limiter les dégâts et offrir à la Tunisie un AVENIR meilleur ?

- Pour moi, pour garantir aux tunisiens une république civile, démocratique, unie, solidaire et plurielle, il faut déjà transformer le ministère de l’intérieur (…), alors ça sera l’annonce au peuple la fin du ministère complot. Comment? cela reste du domaine du gouvernement, du président de la république, de l’Anc, et on pourra dire aussi du dialogue national, autour un nouveau sujet de discussion, comment réfléchir et construire une nouvelle
conception et stratégie de sécurité pour la nouvelle tunisie, surtout avec ces nouveaux défis, terrorisme, perfection de la criminalité,… et surtout adopter une nouvelle conception et organisation à la sécurité dans un pays démocratique. La tunisie n’est plus le pays d’un parti unique, ou d’un tyran. Et ce changement passe aussi par la nouvelle conception au rôle de chaque corps de sécurité (…),
- Le pluralisme politique doit continuer, par la force de la révolution,
- Les LPR sont une ligne rouge rouge rouge. Ils doivent demeurer la fierté des tunisiens. Donc il y a un grand travail qui doit se faire avec eux, et ce travail n’est pas que sécuritaire. Pour moi c’est un sujet à bien réfléchir,
- La justice transitionnelle doit accélérer sa démarche, de faire justice, sans peur, le peuple est encore debout. Un modèle tunisien doit naitre rapidement, c’est une question d’histoire et de responsabilité morale et politique de ceux qui gouvernent le pays,
- La réussite du dialogue national = nouveau gouvernement, avec des missions précises écrites noir sur blanc, une trêve sociale jusqu’aux élections, la réussite de l’organisation des élections transparentes et libres, et puis la Tunisie n’est plus dans le provisoire institutionnel,
- Et surtout, il faut considérer que la démocratisation de la vie politique, de la société, le développement de nos territoires et de notre économie, est une question de progrès pour toutes et tous, il est ni de classe, ni de place, ni d’un quelconque territoire pilote, et que c’est l’affaire de tous. Donc c’est aux partis politiques de se dire BASTA, aux luttes des places et que l’intérêt national se travail en intégrant les objectifs de la
révolution comme référence de base pour tout projet politique de gouvernement/d’alternative/ou de changement et qu’il sera en dehors du RCD et ces mécanismes totalitaires (en dehors de la contre révolution). Fin de citation.
Ben Ali harab.
Mandhouj Tarek.

Mandhouj  (France)  |Samedi 2 Novembre 2013 à 15:24           
La révolution ne désarme jamais
- l'opposition a parlé d'un gouvernement de technocrates et d'une personnalité indépendante,
- Ennahdha a réussi de mettre plusieurs partis à table pour discuter, d'une solution qui va dans l'intérêt national,
- Et on nous propose, une solution avec un rcdiste confirmé qui est Mohamed ennacer,
- Juste quelques remarques:
1- la révolution était un choix de conscience collectif,
2- le choix d'une transition par la démocratie était un choix de consensus,
3- les résultats des élections 2011 est un choix souverain,
4- le dialogue national est un choix pour mieux servir l'intérêt national,
5- à quelle résultat vous arrivez?
Est ce que c'est pour rendre le peuple Fou?
Ben Ali harab
Nous demandons à hamma el hamel qui a détruit notre économie de faire un houroub tranquille, c'est mieux pour lui,
Idem pour bce,
Avec le retour du Rcd, le pays va rentrer dans une deuxième révolution qui va rien laisser.
- Le front d'el aar sera dissout,
- Nida el arr idem,
- Les milices de bce même sort,
- Les syndicats de police a la poubelle de l'histoire, le putsch blanc doit-être puni sévèrement,
- On ne veut plus de l'odeur ben Ali et rcd,
Tout simplement dégage, faites un houroub sans retour.
Ben Ali el moujrim harab
Mandhouj Tarek

BenMoussa  (Tunisia)  |Samedi 2 Novembre 2013 à 14:53           
مقال بديع متميز يقدم تحليلا منطقيا لأطوار الثورة
شكرا للكاتب الذي ابتعد عن نظرة تشاؤمية كانت تعتريه، فأبدع وأفاد

Mandhouj  (France)  |Samedi 2 Novembre 2013 à 14:35 | Par           
La révolution tunisienne demeurera débout malgré le Rcd, le front populaire, et les régimes féodaux du golf et sans oublier les régimes coloniaux.
Ya tounsi garde la tête levée.
Thaya la révolution.
Ben Ali el moujrim harab.
Mandhouj Tarek.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female