الحوار لإزالة الغُبار

<img src=http://www.babnet.net/images/9/gannousebssi1040.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ بولبابة سالم

التونسيون يتطلّعون إلى المستقبل و يبحثون عن استعادة الثقة بالطبقة السياسية التي لم تثبت إلى اليوم أنّها في مستوى الثورة و استحقاقاتها . غبار كثيف و ضباب تلبّد في سماء تونس بسبب عودة النقاشات البيزنطية التي لم تكن يوما من اهتمامات التونسيين , لو عدنا إلى شعارات الثورة من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011 لفهم البعض ممّن نصّبوا أنفسهم اليوم ناطقين باسم الشعب سبب لامبالاة عموم المواطنين و عزوفهم عن الدخول في الصراعات العبثية التي يحاول هؤلاء جرّهم إليها , لقد سئم التونسيون من هذا السيرك السياسي و العنتريات المصطنعة و البطولات الوهمية من نكرات لا تعدو أن تكون من نتاج الطفح الثوري و لم نسمع بها في سنوات الجمر عندما كانت للمواقف و الشجاعة ثمنها الباهض و القاسي وهو أمر يشمل سياسيين و إعلاميين و نخب تريد الركوب على ثورة البسطاء , و يتابع الجميع منذ أشهر طويلة كرنفالا سياسيا و إعلاميا لأبطال بلا بطولات .





نريد حوارا يعيد ثقة التونسيين بطبقتهم السياسية و أحزابهم , نريد حوارا يرسم خارطة الطريق لتجاوز الأزمة السياسية بعيدا عن الحسابات الضيّقة سواء كانت فئويّة أو شخصية . ما يجب أن يفهمه الجميع أنّ السلطة و الحكم في تونس بعد الثورة لا يمكن أن يحصل دون تفويض شعبي عبر انتخابات حرّة و نزيهة. الشعب هو صاحب السيادة و لا مجال لمجموعة داخل تونس العاصمة أن تتحكّم في مصير التونسيين و الوصاية عليهم , هذه هي الديمقراطية في العالم المتقدّم . بعض الحداثيين و الديمقراطيين عندنا معجبون بالغرب في كل شيء لكنّهم ممتعضون من اللجوء إلى الشعب لاختيار حكّامه لأنّهم بلا رصيد شعبي . نريد حوارا يعجّل بالخروج من المرحلة الإنتقالية ضمن رزنامة واضحة للوصول إلى حكومة ذات تفويض شعبي تعالج مشاكل الشعب الحقيقية من تشغيل و تنمية و محاربة للفقر و تحقيق الصحّة المجانيّة للفقراء كما هو موجود في سويسرا و بريطانيا و الدوّل الإسكندنافية حيث الديمقراطية الإجتماعية الحقيقية .

ما يحصل في بلادنا اليوم عار لا يليق بالثورة التونسية , مازال بعض الموتورين و المتعصّبين الإيديولوجيين يعتبرون أنفسهم أوصياء على البلاد و العباد و يريدون نظاما على مقاسهم و يسعون لإزالة خصم سياسي و هم لا يتبنّون الغلبة عن طريق الشعب بل عبر نسف المسار الإنتخابي نفسه للإنقضاض على السلطة . إنّهم لا يؤمنون بالديمقراطية و التعدّدية , أفلا ينظر هؤلاء إلى بريطانيا مثلا حيث يتعايش السّيخ و الهندوس و المسلمين و المسيحيين و اللادينيين في سلام بينما يعجز 12 مليون تونسي عن التعايش السلمي . المشكل ليس في الشعب التونسي الذي أثبت وحدته في أكثر من مناسبة بل في نخبته السياسية التي مازالت تعيش صراعات الماضي و تستعمل خطابات الحقد و الكراهية .

ندرك جيّدا أنّ تونس تعجّ بالعقلاء من مختلف التيارات السياسية وهم الذين يستطيعون اليوم إزالة الغبار و زرع الأمل من خلال الحوار الوطني . نريد تونس الجديدة التي استشهد من أجلها شباب الثورة و أطاحت بنظام دكتاتوري جثم على قلوب التونسيين لعقدين , نريد تنافسا سياسيا لا صراعا وجوديا , نريد تونس الحُلم التي تتّسع لكل ألوان الطّيف .

و أختم بالقول : رفقا بهذا الوطن .



كاتب و محلل سياسي



Comments


12 de 12 commentaires pour l'article 72383

MOUSALIM  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 19:52           
كالعادة أبحث دوما عن الطرافة عبر المقالات المنزلة ومداخلات أبطال الموقع وقد عثرت عليها في مقال الكاتب الذي فجر قنبلة مزلزلة حيث تبين من كاتبنا العبقري بأن الديكتاتورية في تونس عمرها عقدين فقط .تخيل ....

Charif  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 14:10           
إلى أبو نزار :
أتابع أغلب مقالات السيد بولبابة و ما يعجبني فيها هو انحيازه للحقيقة و الموضوعية , و قد انتقد بشدّة حركة النهضة في أكثر من مناسبة لكن الفرق بينه و بين بعض المتعصّبين و المراهقين السياسيين هو انتقاده لبعض مواقفها لا سبّها و شتمها

Abounizar  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 12:18           
لـمن يـنـتـقد الإعلام لكونه مقصّـر في تقدّم المسائل السياسية في البلاد أقول له ما دخل الإعلام في ذلك، فالإعلام هو وسيلـة لنقل الخبر بالقلم و الصورة ، بل أكثر من ذلك، المطلوب من الإعلام بوصفه سلطة رابعة أن يكون سلطة مضادة ، أي أن يقف إلى جانب الشعب و لا إلى جانب السلطـة مهما كان لونها ، و أن لا يتوانى في مراقبتها و إظهار أخطائها و تجاوزاتها مالية أو سياسية كانت !!!




Abounizar  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 11:52           
السيد بولبابة، إن المتتبع لكتاباتك يعرف في كل مرة و مسبقا محتوى ما كتبته أو ما ستكتبه، و هذا الشئ لا يمكن أن يجعل منك محللا سياسيا بالمرة، و ذلك بطبيعة الحال لأنك تصبّ في وادى واحد، و ٱنحيازك لحركة النهضة واضح من خلال كتاباتك المتحاملة على كل من لا يدور في فلك هذه الزمرة، لا أريد أن أطيل لكن أطلب منك و بكل لطف أن تخلد لنفسك في لحظة صدق و تعيد تسلسل كل الأحدات التي مرّت بها البلاد في ظل هذا التيار السياسي الديني و في كل المجالات من إقتصادي و
ٱجتماعي و سياسي منذ تولّـيهم السلطة فستقف على حجم الٱضرار التي حلت بتونس، لكني متأكد أنك سوف لن تفعل ذلك، لأني أتصور أنك مثلهم تؤمن بأن المشيئة الإلاهية أمّـنتهم على تسيير هذه البلاد الفاجرة !!!

3IBROUD  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 10:55           
رسالة الى السياسيين
إما أن نحيى على إيقاعات أمل جماعي أو يكون لنا موت جماعي. كفوا عن التجييش و المغالطات و تسميم الأجواء رفقا بهذا الشعب. ليكن حوار حقيقي بين القوى الفاعلة في البلاد و تسريع بالانتخابات. إن كانت الأحزاب تنعم بالتمويلات العمومية و الخاصة و الهبات و الدعم الخارجي لغايات فعامة الشعب تتضور جوعا.

Mavb2014  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 10:49           
Béton armé يا ولدي أما غبار, الشيء

JaquesDessanges  (United Arab Emirates)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 10:20           
On ne veux plus d'incomptents qui nous gouvernent, nous voulons des gens qui pensent a l'interret de la tunisie avant de regarder leur propres interrets. Le pays a trop souffert, il est temps de sortir de cette crise pour permettre aux citoyens de vivre en paix, en securite et en harmonie avec toutes les classes de la societe quelque soient leur appartenance politique

SOS12  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 07:57           
الاعلام
الى حد الان كان طرفا اعرج و غير قادر على الجمع والتريث وانجاح المسار
هل سيتجنب الاستقطاب والسب والسخرية ويهيء لنقلة هادئة في الاسابيع القادمة

AlouiMahdi  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 05:46           
Vraiment c'est un bon geste car il n'y a pas mieux que la réconciliation dans l'intérêt du pays et cela va émerveiller tous ceux qui cherchent du bien au pays et au peuple tunisien mais certainement cette entente va marmonner ceux qui cherchent que les incidents et la confrontation pour se faire distingué en l'occurrence Hamma Nasraoui , Shamir bettaieb et le myte aux 20millions Rahoui,sans oublier la pr....Dorra et le pé...celtia ils ne
vont plus trouver avec quoi attaquer et critiquer l'islam et ses sympathisants

Swigiill  (Tunisia)  |Samedi 5 Octobre 2013 à 04:51           

اذا اردت ان تكون فاشلا فحاول ان ترضي كل الناس

Charif  (Tunisia)  |Vendredi 4 Octobre 2013 à 22:33           
مقال ينسجم مع روح الثورة و بعيدا عن التعصب الايديولوجي . شكرا استاذ بولبابة . ملاحظة لباب نات : تونس ليست النهضة و نداء تونس

Dagbaji  (Tunisia)  |Vendredi 4 Octobre 2013 à 22:18           
باب نات
أضم صوتي للكاتب وأقول لك رفقا بالبلاد
تونس هذه التي كلنا يحبها لا تتلخص في الغنوشي والسبسي او في النهضة ونداء تونس
تونس تسع الجميع والحوار بين بين من سيدعى غداً لا يعني ان أطرافا اخرى لم تدعى للحوار هي اقل وطنية ممن دعو


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female