ابتزاز السلطة بورقة الارهاب

<img src=http://www.babnet.net/images/9/dj1040.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم عبد الرزاق قيراط

إذا كنت صحفيّا تونسيّا فعليك بالنظر طويلا في المرآة. نصيحة قد لا تخلو من سخرية ولكنّها تنطوي على الكثير من الصواب، قدّمها عامر العريّض لجميع الصحفيّين الذين يمارسون عملهم ويحتاجون إلى نقد أو محاسبة أو رقابة ذاتيّة حسب تأويلنا لما صدر عنه منذ أيام في برنامج حواريّ على القناة الوطنيّة الأولى. عامر العريّض لم يكن متشنّجا أو غاضبا، بل كان يتحدّث مبتسما ولكن في ابتسامته مرارة من السؤال الذي طرح عليه بخصوص أداء الإعلاميّين في تعاملهم مع الأزمة السايسيّة الخانقة كما تصفها نشرة أخبار الثامنة منذ فترة طويلة. جاء السؤال بعد تقرير جامع يلخّص مراحل الأزمة بين الحكومة والمعارضة وما تخلّلها من محاولات الحلحلة التي قامت بها منظّمات المجتمع المدني وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، وحفلت تفاصيله بتصريحات قيادات المعارضة، ولكنّه خلا تماما من ردود ممثّلي الحكومة أو الترويكا وقد ظهرت صورهم ولم نسمع لهم ركزا، الأمر الذي استفزّ عامر العريّض فعبّر عن دهشته وتساءل عن السبب الذي جعل الأطراف الحاكمة صمّا بكما. ورغم توتّر الصحفيّ الذي كان يدير الحوار إلى حدّ مطالبته الضيف بتجنّب الخوض في العمل الصحفيّ، واصل العريّض حديثه مبتسما، طالبا من محاوره بهدوء أن يعيد مشاهدة التقرير ثمّ ينظر في المرآة.

...

الصورة بلاغيّة دون شكّ، وقد ثبت أنّ ركوب البلاغة مزعج لبعض النفوس الرقيقة، فتشنّج صحفيّ الوطنيّة الأولى ونهر عامر العريّض بطريقة غير لائقة، كما غضب لزهر العكرمي الوزير السابق عندما سأله مراسل المتوسّط سؤالا بلاغيّا: هل الإعلاميّ فوق القانون؟ ، ونقصد بالسؤال البلاغي تعبيره عن معاني إضافيّة تتجاوز دلالة الاستفهام إلى أغراض أخرى كالتمنّي والإنكار والتوبيخ والتعظيم والتعجّب والسخرية... وجميعها من الأسلحة الخطيرة، لذلك اتهم العكرمي مراسل المتوسط بالارهاب وطلب منه مراجعة دروسه. ومع ذلك لم يغضب الصحفيّ لأنّه على ما يبدو يعرف ما يقول ويعمل بنصيحة الناصحين فينظر يوميّا في المرآة.
عرضت القناة تفاصيل الهجمة التي طالت مراسلها وهو يحاور العكرمي القياديّ في حزب نداء تونس، والوزيرالسابق في حكومة قايد السبسي الذي منحه منصبا لإصلاح وزارة الداخليّة .. كان العكرمي عبوسا كعادته متشنّجا وهو يتّهم قناة المتوسّط وصحفيّيها بالارهاب حسب ما جاء في نصّ التقرير ودعّمته الصورة لرجل يهتزّ ويزمجر غاضبا... لست أدري ماذا أصلح هذا الوزير السابق في الداخليّة قبل أن يصلح منطقه الخطير وهو يكشف لنا عن نواياه المؤكّدة لتكميم الأفواه التي تعارضه وإغلاق القنوات التي تدعم الارهاب إذا عادت له السلطة وخضعت له الرقاب...إنّه المنطق المتداول في الأيّام الأخيرة، فالحكومة برئيسها ووزرائها متّهمون بالارهاب، وقنوات بعينها كالزيتونة والمتوسّط متهمة بالارهاب..والمشهد مقتبس من المسرحيّة التي حدثت بمصر قبل شهرين. نجحوا في مصر للأسف الشديد، ولكنّهم فشلوا في تونس وعجزوا، فتشنّجت أعصابهم وتحوّلت خطاباتهم إلى نوع من الهذيان الذي يكشف عن بقايا الخطّة البائسة والقوالب الجاهزة المستوردة من رجال السيسي. علّم المصريّون التونسيّين الأسماء كلّها، فأسّسوا نوادي التمرّد ، وبعثوا جبهة الانقاذ الوطنيّ ، وردّدوا معزوفة الارهاب وكتبوا قصائد المديح لقيادات الجيش الوطنيّ، واستعملوا كلّ أنواع الهجاء في مخاطبتهم للحزب الحاكم الذي فقد فجأة بطاقة هويّته، فلم نعد نسمع اسم النهضة إلاّ نادرا، وإنّما هم الإخوان الارهابيّون الأشرار الذين يمكرون بالليل والنهار. الإخوان اختيار لغويّ دلاليّ فيه إضمار وترصّد يراعي الضرورة الشعريّة الانقلابيّة، حتّى يكون الاقتباس أكثر دقّة فيصيب أهدافه المرجوّة ويسحر العامّة في يوم الزينة وقد جُمع الناس في باردو أمام المجلس التأسيسيّ طيلة صيف حارق، ولكنّ السحرة فشلوا رغم عصيّهم وعصيانهم ممّا جعلهم يمارسون ابتزازهم للسلطة على المكشوف ودون حياء أو يأس. ولكنّ أوراقهم تتبعثر ونسختهم المشوّهة عن العقوق المصري لا تجد لها استجابة في ربوع تونس التي وُلدت فيها بذرة الربيع العربيّ فصارت أمّ الدنيا في انتظار أن تثوب مصر إلى رشدها وتزيح الغشاوة التي حلّت بها.




   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


8 de 8 commentaires pour l'article 71483

Elmejri  (Switzerland)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10h 56m |           

بالإنتخـــــــــــــــــــاب لا بالإنقـــــــــــــلاب...المعارضيــــــــــــــن...مــــــنافـــــــقيــــــــــن..وسياسيـــــــــيــــــن فاشـــــــــــليــــــــن واعــــــلام مرتــــــــــزقة وانتهازييــــــن

Ssaladin  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10h 55m |           
Medias mediocres,bourrés de plumitifs.

SOS12  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10h 50m |           
اعــــــلام
تربى وقبل واستانس واستاثر بثقافة الاعـــلان والـــحدث
وهي جـــرائد معلومة المصــدر والــفكر والـــخط
لم تـــقدر المعارضة على العمل في المؤسسات فوجدت حقيقتها في الشتم والابتزاز
والســـخط خارج الـــقاعات والاتهامات المجانية
ولازال تقطع الطريق على اتمام الدستور تحت خيمة الاتحاد والقصف الاعلامي

MOUSALIM  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10h 15m |           
الكاميرا الخفية في شهر رمضان الماضي لم تكن عفوية بل كانت تحمل شفرات المعارضة للإنقلاب على الشعب وصندوقه والسلط التي أفرزها الصندوق وهو ما شكل محو الشر في الإعلام المحرض على الزلزال والبراكاج والقرصنة لإفتكاك الصندوق وأصواته ومحاكمة كل من كان سببا في استخراج الصندوق المدفون منذ عقود في باطن الأرض ....

Meinfreiheit  (Oman)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10h 15m |           
والله ان الاعلام اخطر على البلاد من انصارالشريعة و لعبو دورا قمة في القذارة و سيجنون ما زرعو ...

Libre  (France)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10h 12m |           
Al hamirs sont plus respectables que la majorite' des journalistes corrompus et esclaves de leila ben ali
ses pseudosjournalistes pourris qui adorent lecher les sabotsde leurs maitres sont tombes endefaveur des tunisiens malgre' leur hypocrisie

Mavb2014  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 09h 54m |           
@ Nouri (Switzerland)

je ne pourrais pas mieux dire.

Nouri  (Switzerland)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 09h 49m |           
لا يوجد اعلام في تونس بل يوجد ازلام


babnet
All Radio in One    
*.*.*